شىء من «الحبِّ» و«العدل» يا «حبيب العادلى»!

على بسطة سلم إحدى البنايات الفقيرة كانت أمٌّ تقف مع صغيرها وحولها صخبٌ وعنف. تقدّم رجلٌ ضخمٌ ذو هيبة (!) وأمسك بالصغير وراح يعنّفه ويعذبه، ألقت الأمُّ بنفسها لتحول بين الرجل ووليدها. ركلها فى بطنها فترنّحتْ، فعاجلها بضربة على مؤخرة رأسها بكعب أداة ثقيلة كان يحملها، فقدتِ المرأةُ وعيها وتدحرجتْ فوق السلم، وعند الدرك الأسفل لفظتْ أنفاسها، وأجهضت حملها.

الرجلُ الذى ارتكب هذا الثالوث الإجرامىّ المركّب: ترويع طفل، قتل امرأة، إسقاط حمل؛ ليس أحد اللصوص. ولا هو سفاحٌ من عُتاة المجرمين. بل، للمفارقة المُرّة، هو المسئول، أو أحد المسئولين، بحكم الوظيفة والقَسَم (إن كان ثمة قسمٌ يتلوه هؤلاء عند التكليف)، عن أمن وأمان تلك المرأة وهذا الطفل وذلك الجنين، وكذا أمن وأمان كلِّ من شهد هذه المهزلة الوجودية الكبرى!. هو ضابطُ شرطة برتبة نقيب! وأما الأداة الثقيلة التى ضرب بكعبها رأسَ المرأة، فبندقيةٌ صُنعت لكى تُشهر فى وجه عدو الوطن، أو لترهيب مجرم أو إنقاذ ضحية، لا ليُضربَ بها المواطنون والأطفالّ!.

وأسألُ السيد «حبيب العادلى» وزير الداخلية: هل يدرسُ طلابُ الشرطة فى كلياتهم مادةً تُطلعهم على سقف حريتهم فى التعامل مع المواطنين؟ هل أطلعهم أساتذتُهم على حقوق المرأة والطفل فى شريعة حمورابى قبل الميلاد بألفى سنة، أو حقوق المواطن، كل مواطن، أمام السلطة فى «ماجنا كارتا» القرون الوسطى، أو ميثاق حقوق الإنسان الحالى، المُفعّل فى كل دول العالم المتحضر إلا مصر؟.

الضابطُ أحكم قبضتيه على كتفى الطفل وراح يرُجّه ويصفعه ويركله لكى يعترف بمكان عمّه المتهم بالسرقة! تُرى ماذا يفعلون داخل أقسام الشرطة مع المتهمين، إذا كانوا يروّعون ويقتلون الناسَ خارجها؟!.

تعالوا نتخيل مستقبل هذا الصغير الذى رُوّع وقُتلت أمُّه أمام ناظريه على يد ضابطٍ المنوطُ به الحماية لا القتل، بظنّى أنه سيسلك أحد طريقين كليهما أسودُ وشائكٌ وغيرُ سوىّ، إما أن يشبَّ الصغيرُ خائرَ القلب فقيرَ الروح والعزم «جاهلا حقوقه» أمام السلطة، منسحقًا أمام كل «بدلة ميرى» تصادفه، وإما يشبُّ كارها النظامَ حاقدا على القانونِ متمردا على ميثاق الدولة، «جاهلا واجبه» نحو الآخر، هو فى الاحتمال الأول مواطنٌ فاسدٌ لا يفيد نفسه ولا يفيدُ مجتمعه، وفى الثانى مواطنٌ فاسدٌ يضرُّ نفسه ويضر مجتمعه.

الشرطةُ إذن تُفرّخُ مجرمين!
سؤالى الثانى لحبيب العادلى: هل تدخل هذه الجريمة فى نطاق «القتل المشروع»؟ قياسا على عنوان فيلم آل باتشينو وروبرت دنيرو الأخير Righteous Kill، حين قال الضابطُ الذى يقتل المذنبين: معظم الناس يحترمون زى البوليس، لكن الجميع يحترم مسدسه»، أم سيُحاكم هذا الضابط؟ وما هو توصيف التهم وتخريجها القانونى؟ وكم عددها؟ هل واحدةٌ: القتلُ الخطأ، أو ضربٌ أفضى إلى الموت؟ أم ستُضاف إليها، كأننا فى دولة راقية، تعذيبُ طفل Child abuse؟ وهى جريمة من الدرجة الأولى فى أمريكا وأوروبا.

وبالمرة قتلُ جنين لفظته الحياةُ قبل أن يولد. فقط لأنه يحمل الجنسية المصرية؟ ذاك أن الأجنّةَ فى الدول المتحضرة لها حقوقٌ مثل كلِّ مواطن مكتمل. أما فى بلادنا، فالمواطنُ المكتملُ لا حقوقَ له!

تمنيتُ للحظة أن أكون قد درستُ الحقوق، وأن أكونَ وكيلَ نيابة، وأن يقف أمامى هذا القاتل/الضباط (!) لأكيّف له عريضةَ اتهامٍ تحمل سمة «الجريمة الكبرى» Capital Crime، ليُشنق جراءها خمسَ مرات. مراتٍ، ثلاثا جرّاء التهم الثلاث الأوَل، ومرةً رابعة بتهمة تشويه صورة حامى لواء الأمن فى البلاد، ومرّةً خامسة بتهمة تشويه لوحة الجمال المفترض بناؤها على مدار التاريخ. فإهانة المرأة وتعنيف الصغار، من وجهة نظر الوجودية والإنسانية، هو طعنٌ مباشر فى قلب الجمال فى هذا العالم.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أفريقيا قصة عشق للمدربين الرحالة وصناع الأمجاد الكروية.. ريفيرو يبحث عن صناعة التاريخ مع الأهلي بعد كؤوس أورلاندو.. البدري "صائد البطولات".. رينارد وموسيماني وكارتيرون أسماء لامعة.. والبنزرتي ولوروا ملوك القارة

البرلمان البريطانى يناقش مجددا تشريع "الموت بمساعدة الغير" بعد إجراء تعديلات

مدير FBI السابق يدعو لاغتيال ترامب بشفرة سرية على إنستجرام.. والسلطات تحقق

أوكرانيا وغزة على طاولة المناقشة.. أكثر من 40 زعيما أوروبيا يشاركون بقمة تيرانا

السعودية: تأشيرات الزيارة بجميع أنوعها لا تخول لحامليها أداء فريضة الحج


خطة برشلونة للاحتفال بالثلاثية مع الجماهير

موعد مباراة المغرب وجنوب أفريقيا فى نهائى كأس أفريقيا تحت 20 عاما

دبلوماسيون: قمة بغداد فرصة لتعزيز التضامن ومواجهة تحديات الأمن القومى العربى

عيد ميلاد جانيت جاكسون.. حكاية سترتها العسكرية التى بيعت بـ 80 ألف دولار

مواعيد مباريات اليوم.. قمة تشيلسي ضد مان يونايتد والهلال مع الفتح


ريفيرو يتابع مباراة الأهلي والبنك من أرض الملعب غداً قبل قيادة تدريبات الأحمر

الطقس اليوم الجمعة 16-5-2025.. موجة شديدة الحرارة والعظمى بالقاهرة 37 درجة

اعرف مواعيد وأسعار قطار تالجو اليوم الجمعة 16- 5- 2025

الطلاق الغيابى يثير الجدل بعد أزمة بوسى شلبى وأسرة الفنان محمود عبد العزيز

موعد مباراة كريستال بالاس ضد مانشستر سيتي فى نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي

اعترافات شخصين متهمين بالتنقيب عن الآثار يالقاهرة: هدفنا تحقيق الثراء السريع

المدارس اليابانية: تدريس الفرنسية كلغة ثانية.. و18 ألف جنيه مصروفات الدراسة

10 صور من عقد قران الفنان يوسف حشيش والشاعرة منة عدلى القيعى

موعد مباراة الأهلي والبنك في دوري nile والقنوات الناقلة

دونجا بعد قرار لجنة التظلمات: الأهلي سيتوج بالدوري.. والنحاس أعاد الأحمر للقب

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى