قصة الرسائل الخفية بين هيكل والرئيس مبارك

هيكل
هيكل
سعيد الشحات
◄◄ أبطالها فى مصر عمرو موسى وأسامة الباز ومصطفى الفقى وإبراهيم نافع ومكرم محمد أحمد.. ومن الخارج معمر القذافى وياسر عرفات

فى كل حوار يحمل أفكارا من الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل تخص الشأن المصرى، ويكسر فيها الخطوط الحمراء، يكون نصيبه هجوما كاسحا من بعض الأقلام الصحفية المضادة له، والتى تكيل له الاتهامات بدءا من أنه لم يعد يأتى بجديد، وانتهاء بأنه يفعل ذلك لأنه لم يعد الصحفى الأول لدى دوائر صنع القرار، كما كان الحال مع الرئيسين الراحلين جمال عبدالناصر طوال فترة حكمه، ولفترة قصيرة مع أنور السادات، وأنه يبحث عن دور يستهدف من خلاله البحث عن موقع، أو أن يكون الصحفى الأول بجوار الرئيس مبارك، هذا على الرغم من قول هيكل فى رسائل سابقة إلى الرئيس مبارك، عبارة عن مقالات مطولة وكتبها بعد فترة من حكم الرئيس مبارك، قال فيها: «أعرف أكثر من غيرى أن الظروف فرضت عليكم تبعات المنصب ومسؤولياته فى أوقات يعلم الله فيها هموم الرئاسة وأثقالها، ومن ناحية أخرى فأنا واحد من ناس ليس لديهم ما يطلبونه من حاكم».

لكن هذا التأكيد من هيكل لا يصل فى مداه إلى إقناع الذين يهاجمونه، فيناقشون أفكاره بدلا من القول بأنه يريد منصبا، وبالرغم من ذلك، فإن كثيرا من التساؤلات تطرح نفسها حول ما إذا كان هناك نوع من الرسائل المتبادلة بين هيكل والرئيس مبارك، رسائل ليست مكتوبة، ولكن هناك من يحملها بين الطرفين، ويعزز من هذه التساؤلات، تلميح هيكل فى الرسائل التى كتبها من قبل إلى الرئيس مبارك وتم نشرها، إلى أن الرئيس كان يكن له خصوصية بالمقارنة بباقى الصحفيين والسياسيين الكبار ممن قابلهم، مشيرا فى ذلك إلى مقابلة الرئيس لكبار السياسيين الذين تم الإفراج عنهم، بعد اعتقالات السادات لهم فى 5 سبتمبر 1981، واختار الذين قابلهم الرئيس فؤاد سراج الدين زعيم حزب الوفد للحديث نيابة عنهم، ويقول هيكل: «نظر إلى الرئيس فقلت له: إن مجرد حدوث هذا الاجتماع، وفى هذا المكان أهم من أى كلام يقال».

كانت هذه هى المشاعر الطيبة بين الرئيس والكاتب، والتى ترجمت فى مواقف معينة، أبرزها بعد خروج هيكل من السجن وسفره إلى الخارج لإنجاز كتابه «خريف الغضب» والذى قوبل بعواصف غضب كبيرة من المؤيدين للرئيس السادات، والتزم هيكل خلالها الصمت، معلقا على ذلك بقوله: «لقد كان تأييدى لكم آخر ما قلته قبل الصمت، وآخر ما وقعت عليه عندما آثرت السكوت».

كان هيكل أيضا على موعد بتأييد مبارك فى ترشيحه للرئاسة عام 1990، وكان مبرره فى ذلك، أنه لا يوجد على الساحة شخصية أصبح لها خبرة بالحكم مثل مبارك، وكل الخلفيات السابقة تعزز من فرضية أن هناك رسائل من نوع ما، كانت تتم بين الطرفين، خاصة أن هناك أطرافا سياسية فى النظام، كانت على تواصل دائم مع هيكل، فمن المعروف أن الدكتور أسامة الباز المستشار السياسى السابق للرئيس مبارك، كان على تواصل دائم مع هيكل، وكذلك عمرو موسى وقت أن كان وزيرا للخارجية، والدكتور مصطفى الفقى، كما أن الدكتور مصطفى خليل رئيس الوزراء وقت الرئيس السادات، ونائب رئيس الحزب الوطنى لسنوات مع الرئيس مبارك، كان على صلة صداقة وطيدة مع هيكل، وكان إبراهيم نافع نقيب الصحفيين لأكثر من دورة من المقربين لهيكل، وفى نفس الوقت كان قريبا من دوائر صنع القرار، وقت أن كان رئيسا لمجلس إدارة وتحرير الأهرام، وظل فى ذلك لسنوات طويلة، كان من النادر مثلا أن ترى خلالها هجوما على هيكل، وبالإضافة إلى ذلك، سنجد فى دائرة الصحفيين المماثلين لإبراهيم نافع، شخصية مثل مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين، وكان رئيسا لمجلس إدارة دار الهلال، ورئيس تحرير مجلة المصور، كما أنه من الشخصيات التى كتبت فى مراحل سابقة خطب الرئيس مبارك للشعب المصرى، هناك أيضا شخصيات عربية رفيعة، تربطها الصلة بين الطرفين مبارك وهيكل، مثل الرئيس الليبى العقيد معمر القذافى، ومن قبل كان الزعيم الفلسطينى الراحل ياسر عرفات، بالإضافة إلى قيادات فلسطينية رفيعة أخرى، والعاهل الأردنى الراحل الملك حسين، والأهم من ذلك كله اتصال مباشر من الرئيس مبارك لهيكل، وقت مرضه وخضوعه لعملية جراحية، وعرض خلاله الرئيس علاجه، لكن هيكل شكره على هذه المبادرة الطيبة.

مجمل هذه الشخصيات وغيرها هى من الشخصيات التى ارتبطت بصلة بحكم مناصبها بالرئيس مبارك، وفى نفس الوقت اقتربت من هيكل، والمؤكد أنها حملت رسائل من نوع ما بين الطرفين، وبتتبع المحطات التى تحدث فيها هيكل من قبل فيما يتعلق بالشأن المصرى وأثارت زوبعة، المؤكد أن هذه الشخصيات كانت تحمل رسائل متبادلة، من الممكن أن تكون توضيحا أو عتابا، وبدأت هذه المحطات من المحاضرة التى قالها هيكل فى معرض الكتاب فى منتصف التسعينيات، وقت أن كان الدكتور سمير سرحان رئيسا لهيئة الكتاب ومسؤولا عن المعرض، ووقتها تحدث هيكل عن الفروق الاجتماعية الشديدة التى تحدث فى المجتمع المصرى بفعل السياسات الاقتصادية المتبعة، ووقتها ذكر معلومات عن حجم شراء السيارات المرسيدس فى مصر، فى بلد يشهد نسب فقر عالية وبطالة مرتفعة، وأدت هذه المحاضرة إلى عدم تكرار دعوته للمعرض مرة أخرى، وقيل وقتها أن هناك عتابا سياسيا تلقاه هيكل بسبب ذلك، وبعدها بسنوات عام 2002 و فى الجامعة الأمريكية، تحدث هيكل فى محاضرة علنية تناول فيها قضية التوريث، التى كانت تطل برأسها، ونقلت قناة دريم المحاضرة، لكنها لم تفعلها بعد ذلك، وقيل إن هناك ضغوطا مورست على رجل الأعمال أحمد بهجت صاحب القناة بسبب ذلك، كما أن هناك من قال لهيكل إنه لا حقيقة لمشروع التوريث، ورغم الحوارات الأخرى التى أجراها هيكل فى قضايا متنوعة، فإن اقتراحه الذى ذكره منذ نحو عام تقريبا والمتمثل فى إنشاء «مجلس أمناء للدولة والدستور» برئاسة مبارك ويضم من 10 إلى 20 شخصية مثل عمرو موسى، وأحمد زويل ومحمد البرادعى ومجدى يعقوب ومحمد غنيم ومنصور حسن وحازم الببلاوى وغيرهم، تكون مهمته عمل دستور جديد وعقد اجتماعى جديد ومجلس شعب جديد وحكومة جديدة، ويستمر عمله ثلاث سنوات يقدم بعدها استقالته، وفتح هذا الاقتراح هجوما كاسحا ضده من أقلام قريبة من الحزب الوطنى، وتمادت فى الهجوم عليه من زاوية أنه يسعى لأن يكون فى دائرة الضوء، بعد شعوره بأن الشمس غربت عنه، كما أنه يعبر عن ضيقه من أنه الصحفى الذى لم يعد قريبا من السلطة، وحدث هذا فى وقت جدد فيه هيكل كلامه، بأنه لا يريد شيئا شخصيا من اقتراحه، وأشار إلى أنه يعرف أن العمر بالنسبة له ليس فيه الكثير، والسؤال الذى شغل الكل حين أثار هيكل هذا الاقتراح، هو هل وصلته رسائل ما من الرئيس مبارك ؟ والإجابة عند الأستاذ، حيث لم يشر إلى شىء بخصوصها من زاوية أنه حدث أم لم يحدث، لكن هذا السؤال ربما نجد له إجابة فى حوار الأستاذ مع قناة الجزيرة، خاصة فى الجزء الثالث منه الأسبوع الماضى، والذى تحدث فيه عن الشأن المصرى .

قال هيكل فى الجزيرة نصا «قيل لى إن مشروع التوريث نحى تماما»، وأضاف أن الرئيس مبارك هو مرشح الحزب الوطنى فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، وزاد هيكل فى تأكيده على تنحية مشروع التوريث بالقول، إن تنفيذه أصبح صعبا جدا، وأن الرئيس مبارك هو العنصر الحاسم فى هذا الأمر، حيث رأى الرئيس لأسباب مختلفة، أن هذا المشروع لن ينجح، وبالتالى تمت تنحيته، وفى إشارة ذات مغزى قال هيكل، إن كلام «الجدد» عن البرنامج الجديد للحزب الوطنى، يأتى كأنه إلغاء لـ25 سنة مضت، مما يعنى أن الحزب كان على خطأ، والحقيقة أن هذا إساءة للرئيس مبارك، ورغم تأكيد هيكل أن مشروع التوريث تم استبعاده، فإن هيكل انتقد فى نفس الوقت ترشيح مبارك قائلا إنه سيكون فى نهاية فترته الرئاسية سيكون قد بلغ 90 عاما ولا يصح ذلك فى هذا العصر.

تأكيد هيكل استبعاد مشروع التوريث، والذى أكده بتعبير: «إن الرئيس هو عنصر الحسم فى هذا الاستبعاد»، وتعبير «قيل لى» يعنى أن هيكل يستند فى روايته على مصدر هام أكد له ذلك، وهذا يفتح الباب أمام تساؤل عن نوعية المصدر الذى نقل له هذا التأكيد، وهل نزيد فى التخيل بأن ذلك قد يكون نوعا من الرسائل غير المباشرة بينه وبين الرئيس مبارك.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

موعد مباراة الزمالك وبتروجت فى الدورى المصرى والقناة الناقلة

فرقة طبلة الست تحيى حفلاً غنائيًا في ساقية الصاوي.. 20 يونيو

كامالا هاريس بعد الإعلان عن إصابة جو بايدن بسرطان البروستات: "جو مُحارب"

ترامب يعرب عن حزنه بعد الإعلان عن إصابة بايدن بسرطان البروستات "عدوانى"

نهائى دوري الأبطال.. موعد مباراة بيراميدز وصن داونز والقناة الناقلة


نجل عبد الرحمن أبو زهرة: الرئيس السيسى أثنى فى مكالمته على والدى ووصفه بالأيقونة

مصطفى عسل يعود للقاهرة فجر اليوم بعد التتويج ببطولة العالم للاسكواش

ثروت سويلم: الأهلى أبلغنا بصعوبة إقامة دورى بدون الإسماعيلى

تفاصيل التحقيقات مع متهم بتزوير الأختام والمحررات الرسمية

حالة الطقس المتوقعة اليوم الإثنين 19 مايو 2025 فى مصر


انتهاء التقييمات الأسبوعية والمنزلية لصفوف النقل.. المديريات تبدأ امتحانات نهاية العام بالمواد غير المضافة.. و22 مايو بدء اختبارات المواد الأساسية للمرحلتين الابتدائية والإعدادية.. و21 للثانوى العام

اتصالات عن إعلان الأهلى: لم يكن موجهًا للإساءة لأي نادٍ ونحترم جميع الكيانات

انتخاب خالد عبدالغفار لرئاسة المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب بالإجماع

بالأرقام.. عمر مرموش أفضل لاعب في الدوري الألماني موسم 2024-25

الأندية توافق بالإجماع على إلغاء الهبوط بعد إعادة التصويت

مايان السيد تحتفل بعقد قران شقيقتها.. صور

رابطة الأندية تتمسك باللائحة وترفض إلغاء الهبوط فى دوري Nile

توقف القطارات فى إسرائيل.. والحرائق تنتشر بسرعة من الشمال إلى الجنوب

الظهور الأول لـ زيزو وبن رمضان بقميص الأهلي فى ودية باتشوكا المكسيكي

عبد الله السعيد وزيزو خارج معسكر الزمالك بالإسماعيلية.. اعرف السبب

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى