المنتحرون.. أخطر تنظيم سرى يهدد مصر

رانيا فزاع و إبراهيم أحمد
◄◄ د. هاشم بحرى: السيدات يفضلن الانتحار فى البيت بالأقراص أما الرجال فيختارون الشارع
◄◄ الدولة تتحمل المسؤولية كاملة.. وغياب العدل الاجتماعى أهم دوافع التخلص من الحياة


هل يمكن القول إن المنتحرين تجاوزوا الظاهرة وأنه تنظيم يعمل بدون تنسيق لكنه يهدد المجتمع هذه المقولة تحققت بالفعل فى الأسبوع الماضى، بعدما اختار شاب كوبرى قصر النيل ليكون نصباً تذكارياً لنهايته، واكتشف المواطنون أنه شنق نفسه عن طريق حبل ربطه بأحد أعمدة الإنارة بالكوبرى، وقفز متدلياً فى الهواء، تاركاً لحبيبته «منى» خطاباً تبين منه أن سبب انتحاره هو رفض أسرة محبوبته ارتباطهما لأنه متزوج بأخرى «عاقر»، وكان يأمل فى الزواج حتى ينجب الأطفال.

وفى اليوم نفسه حاول شاب آخر الانتحار بإلقاء نفسه فى النيل من أعلى كوبرى عباس فى الجيزة، لفشله فى الزواج من محبوبته، وكان الشاب يقف مع صديقيه وفجأة ودعهما وغافلهما وقفز فى النيل، إلا أن القدر شاء له الحياة مجدداً، بعدما تصادف وقوف قارب الإنقاذ النهرى أسفل الكوبرى، فأسرع بانتشاله وإنقاذه من الغرق، وتبين أنه ارتبط بفتاة وأحبها بجنون، ولكنه فشل فى تدبير نفقات الزواج منها، وما إن أوشكت علاقتهما على الفشل قرر التخلص من حياته.. وألقى شاب لم يتجاوز عمره الـ30 عاماً بنفسه من فوق عمارة سكنية بالشيخ زايد لمروره بضائقة مالية.

وفى منطقة الشهداء بالإسماعيلية فوجئ المارة بفران يسكب البنزين على نفسه ثم يشعل النار بسبب هروب مطلقته بابنه الوحيد.. وفران آخر فى كفر الشيخ انهال على زوجته التى يحبها كثيراً بساطور فقتلها ثم أشعل النار فى نفسه بسبب نفقات الحياة.

الانتحار هذا الأسبوع لم يكن مقتصراً على الشباب فقط، وإنما قررت ربة منزل من منطقة إمبابة أن تتخلص هى الأخرى من حياتها، وألقت بنفسها من أعلى كوبرى إمبابة بعد خلافات مستمرة مع زوجها وأسرته بسبب تأخر إنجابها.. وفى الإسكندرية ألقت فتاة بنفسها من الطابق الخامس عشر بسبب معاناة نفسية لا تنتهى.

الدكتورة آمنة نصير، أستاذ الفلسفة الإسلامية والعقيدة بجامعة الأزهر، رفضت أن تطلق على تلك الحالات «ظاهرة» موضحة أنها حالات فردية «مفزعة»، وأشارت إلى أن الشريعة الإسلامية تحرم الانتحار.

وأضافت نصير أن غياب العدل الاجتماعى فى البلد من أهم الأسباب التى تدفع الشباب للانتحار، وذلك لأن الشباب دائماً متطلع للبناء والمستقبل، وله احتياجاته التى تلح عليه أن ينفذها، منها الأموال التى تساعده على الزواج، فلا يستطيع توفيرها لأنه لا توجد فرصة العمل المناسبة التى توفر له ذلك.

ومن جانبه يرى الدكتور أحمد عبدالله، أستاذ الطب النفسى بجامعة الزقازيق، أن المنتحر يصل لنقطة يكون خلالها متأكدا أنه ليس هناك أمل فى الحياه والمستقبل، ويصبح كل شىء أمامه أسود، مع شعوره أنه ليس هناك أحد بجانبه يساعده على حل المشاكل التى يعانى منها، والتى تدفعه للتخلص من حياته.

وعن دور الدولة فى تلك الظاهرة قال عبدالله «الدولة مش موجودة أساساً علشان يكون ليها دور» مؤكداً أن الدولة لا تقوم بوظائفها تجاه المواطنين، ومشيراً إلى أن هناك بالفعل رعية ولا يوجد الراعى لهم.

«فى أسبوع واحد تجمعت كل هذه الحوادث التى تنذر بتفاقم الأحوال النفسية» أمر تؤكده الدكتورة فادية أبوشهبة، رئيس القطاع الجنائى بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، موضحة أن نسب المنتحرين بمصر وصلت إلى 520 حالة فى عام 2009 منهم 58 % بسبب اضطرابات نفسية وعصبية، و34 % لأسباب عائلية، و1 % لأسباب مالية والنسبة نفسها لأسباب عاطفية.

وتتركز الأماكن التى يقبل عليها المنتحرون، وفقاً لشهبة، أولاً إلى الانتحار داخل الأماكن الشخصية مثل المنزل، وفى أماكن العمل ثانياً، وفوق كوبرى قصر النيل ثالثاً، وأخيراً تحت مترو الأنفاق، بوصفه من الوسائل الحديثة حالياً.

كما اختلفت أعمار المقبلين على الانتحار لتزيد فى الفئة العمرية بين 20 إلى 40 عاماً، وتليها الفئة العمرية من 15 إلى 20، ثم تقل تماماً فى الفئة العمرية بين 50 عاماً فما فوق، وكانت أشهر الأدوات التى يتم استخدامها السلاح النارى أولاً، ويليه السلاح الأبيض، ثم السم والشنق، وأخيراً الغرق، فيما تتركز معظم مهن المقبلين على الانتحار على التعليم المتوسط، ثم فوق المتوسط، وأخيراً الطلاب فى سن المراهقة.

وفسرت أبو شهبة اختيار الشباب لأماكن معروفة للانتحار مثل كوبرى قصر النيل بأنهم يريدون توجيه صرخة غضب ولوم للمجتمع الذى دمرهم وآذاهم.

ومن جهته أكد الدكتور سمير نعيم، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، أن السبب الرئيسى فى حالة البلادة والسلبية التى أصابت المصريين الآن، هو انتشار «ثقافة الاستهانة» لمدة وصلت إلى نصف قرن من الزمان، مضيفاً أن المجتمع المصرى ينتشر فيه الآن ما يمكن تسميته «الإيدز الاجتماعى» حيث فقدت الشخصية المصرية المناعة ضد أى مرض نفسى أو اجتماعى تتعرض له.

وعبرت الدكتورة عزة كريم، أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، عن دهشتها لحادث انتحار الشاب من فوق كوبرى قصر النيل، بالتساؤل «كيف يفكر شاب فى الانتحار وهو فى هذا العمر»، والمفترض أن يكون لديه عدد من التطلعات والآمال؟! مؤكدة أن ثقافة الإحباط منتشرة بين الشباب وتعتبر سبباً مهماً فى الإقبال على الانتحار، موضحة أن الانتحار أمام مرأى ومسمع من الجميع يعبر عن مشكلة مجتمعية نتيجة للضغوط المختلفة التى نعيشها.

إذن لا فرق بين استخدام عجلات المترو، أو كوبرى قصر النيل، أو مشنقة فى مروحة سقف الغرفة.. ولا فرق بين السكين، أو الحبل، أو الرصاص.. وإنما الفرق يكمن فقط فى جنس المنتحر، ومدى الضغوط التى يتعرض لها والتى تدفعه لذلك، هذا ما يوضحه الدكتور هاشم بحرى أستاذ الطب النفسى، مضيفاً أن البنات تختلف عادة عن الذكور فى طريقة الانتحار، لأنهن يفضلن الأقراص باعتبارها الوسيلة الأسهل داخل البيت، أما الذكور فيستخدمون وسائل خارج البيت، مثل مترو الأنفاق وكوبرى قصر النيل، للفت الانتباه وتوصيل رسالة للمجتمع، وغالباً ما يستخدمون الأسلحة النارية أيضاً لأنهم يمتلكونها بالأساس، لكن فى الغالب لا توجد فروقات نفسية بين من يختار الكوبرى أو المترو أو غرفته.

وتؤكد الدكتورة أميرة بدران، الاستشارية النفسية، أن الوسيلة التى يقوم المنتحر باستخدامها هى رسالة أكثر بشاعة بسبب ما تعرض له، وكلما كانت الرسالة قوية كانت الطريقة والوسيلة علنية وقاسية.

وتوضح بدران أن الاكتئاب دافع أساسى للانتحار، وأن اكتئاب البنات يكون أسرع وأقل قوة من الذكور، فالبنات سيكولوجياً أقوى، ولذلك يكون تفكير الذكور فى الانتحار أسرع، وأكثر.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بتروجت يبحث عن الفوز الأول على بيراميدز بمسماه الجديد فى الدورى

يسرا على السجادة الحمراء لفيلم توم كروز Mission: Impossible بمهرجان كان

الهلال يغري كريستيانو رونالدو بعرض غير متوقع للمشاركة في كأس العالم للأندية

التشكيل الرسمي لمواجهة ميلان ضد بولونيا فى نهائى كأس إيطاليا

الريال ضد مايوركا..مبابي يقود هجوم المرينجي في مواجهة الدوري الإسباني


الدعوات الرسمية للملوك والرؤساء لحضور افتتاح المتحف الكبير خلال 24 ساعة

أغلى من الصفقات.. أمير قطر يهدى ترامب قلما فاخرا من طراز مونت بلانك (صورة)

وزارة الرياضة: وصول الرياضيين من ليببا خلال ساعات إلى مطار القاهرة

إحالة أوراق شقيقين للمفتى بتهمة تسديد 6 طعنات لسائق توك توك وإلقائه حيا بالترعة

حصاد أول دورى لكرة القدم النسائية بمشاركة الأهلى والزمالك وبيراميدز.. مسار الأقوى


البحوث الفلكية: الهزات الارتدادية الناجمة عن زلزال أمس في "اضمحلال" مستمر

بـ590 جنيهًا إسترلينيًا.. وزير خارجية بريطانيا مُتهم برفض دفع أجرة تاكسى

هيئة الأرصاد تكشف حقيقة تعرض مصر لـ العاصفة شيماء

وزير التعليم يعلن إعادة إطلاق اختبار "SAT" رسميًا فى مصر بداية من يونيو 2025

اليونان تصدر تحذيرا من احتمال حدوث تسونامى عقب الزلزال

دفاع الفنان محمد غنيم: إنهاء إجراءات إعادة المحاكمة وحبس موكلى لحين تحديد جلسة

حسام البدرى لـ"اليوم السابع": نتوجه إلى مصراته وفي طريقنا للعودة إلى مصر

الإدارية العليا تلغى حكم أول درجة بشأن تابلت طلاب الثانوية: عهده ويجب إعادته

مصرع فتاة من المصابين في انفجار خط غاز طريق الواحات بأكتوبر

محمد صلاح يتصدر هدافي الدوريات الخمس الكبرى ومبابى يطارد بقوة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى