نصفى الذى لا أعرفه !

أنا نصف امرأة !
نصف فقط.. نصف جسد.. نصف يتكلم ونصف صامت.. نصف يتحرك ونصف عاجز.. نصف يعرف الحياة ونصف لايعرف سوى الموت.

أنا نصف امرأة، أرفع يدى إلى الله كل صباح وأقول سبحانك يارب، خلقتنى هكذا.. ليزداد إيمانى بك وحبى لك، كنت قادرا على أن تخلقنى كاملة لكن أرادتك اختبرت صبرى، فنجحت حتى عامى الثالث والعشرين أن أبدو صلبة قوية قابلة للضحك والسعادة.

فى اليوم الأول من عامى الرابع والعشرين قابلت رجلا جعلنى أنظر لنصفى العاجز.. فأبكى، أتأمل نصفى الذى أكتب لك به الآن، أصابعى.. وجهى.. ضفيرة الأبرياء التى أحبها.. صدرى الناهد وابتسامتى الخجولة.. فأرتبك!
نصفان من الجسد لا ينتميان لبعضهما.. على الرغم أن الاثنين لامرأة واحدة: أنا!
ولا أعرف أيهما أنا؟

أنا حتى أمس كنت النصف الشجاع الذى يفاجئ الناس بحبه للحياة ورغبته فى البقاء بينهم دون خوف أو خجل من نظرة شفقة معتادة أو كلمة عطف مكررة، بالعكس.. كان مرحى يدهش الجميع وأولهم أنا، كنت أسأل نفسى حين ألومها آخر الليل فى غرفتى: ماهذا الهبل؟ كيف لفتاة لم تعرف منذ ولدت معنى المشى.. أن تخدع الناس بكل هذه الثقة التى أبدو بها؟ كيف لفتاة ملمس قدميها بارد كثلج.. أن تصبح هكذا مشتعلة، كنت أقول لنفسى فى أوقات كثيرة: لماذا لا أصبح ذكية فأستثمر ضعفى ونصفى العاجز فى تسول مشاعر الناس، هذا يمد يده لأقف.. هذه لأمشى.. وأخرى لأضع دموعى سخية ساخنة فى كف يتألم مثلى.

حين بحثت فى صورى القديمة اكتشفت صورة وعمرى سنة.. سنة واحدة، وكنت على البحر أبدو أننى أجرى وراء موجة، لايصدق أحد أن الطفلة التى فى الصورة هى أنا، هى نفسها العاجزة منذ ولدت على أن تقف ولو بجوار حائط غرفتها.

هذا الإصرار الغريب على أن يغطى نصفى المتيقظ.. نصفى النائم، كان أمرا خارج إرادتى، بذلت كل جهدى لأبدو امرأة طبيعية لها ظرف خاص، أضحك.. لكن أبكى أيضا، أكسب.. لكن أهزم أيضا، أتقبل الأمر الواقع.. لكن دون أن أنسى أننى بالفعل لا أملك جسدا كاملا!
أعترف لك الآن.. أننى تعذبت برغبتى أن أبدو كأن شيئا لم يكن، كانت أمى حتى يومها الأخير تحاول أن تخلصنى من هذا العذاب، كان لها عبارة لن أنساها: ابنتى.. منتهى الحزن.. ألا نحزن، ابكى، ثورى، اغضبى، تألمى،.. أنا أتمنى أن تعيشى مائة سنة بنصف جسد.. على أن تموتى صغيرة وأنت بكل جسدك.

ولم أقتنع بكلام أمى.. ولم أرغب فى الحقيقة أن أعيش مائة سنة من العجز.. مائة سنة.. كيف أتحمل التمثيل على الناس أننى سعيدة وقوية ولذيذة مائة سنة!

قلت لك قابلت رجلا أمس، كان الرجل الأول الذى لم أشعر أمامه أنه يشفق على ضعفى، كذلك لم يكن يسخر من قوتى، يقدم لى أصابعه لأقف دون أن أشعر معها بخجل أو ذنب أو نقص، له مشاعر طبيعية، لا يمثل مايقوم به، هل هذا رجل لا أتوقف أمامه ولو ليلة أفكر فى رجولته!
سألت نفسى فى هذه الليلة الأولى: لماذا لم أفكر فى الحب من قبل؟ بسيطة.. كنت طبعا خائفة، لو فكرت فى الحب.. فسوف أكشف نفسى، ضعفى، نصف جسدى العاجز، لكن الليلة أفكر.. بمزاج بثقة بحب بأمل، هذا رجل أحبه من أول نظرة، أحبه ولا يهمنى أن أقابله مرة ثانية أو لا أراه للأبد، لقد عرفت معه أن فى الدنيا ولو رجل واحد يمكن أن يتعامل مع نصف امرأة على أنها الدنيا كلها، على أنها مكتملة الأنوثة، على أنها رائعة مثل كل الأمواج المتتالية فى بحر ديسمبر.

عندما ذهبت إلى حفل زفاف صديقتى ريم، ارتديت بعفوية فستانا أبيض ودخلت القاعة على مقعدى المتحرك وفى عينيى سعادة صافية من القلب، فى نفس اللحظة كان هو هناك، كأنه ينتظرنى، كأننا هنا من أجل أن نلتقى ولو ساعة، فأحبه ويمضى، وأعرف أن فى قلبى ولو اختبأ.. حب يجعلنى أبكى، هذه ليلتى.. فهل من حقى أن أرقص كما العروس.. بفستانى الأبيض.. كيف يمكن لرجل ليس فى الأصل ساحرا أقابله دون موعد فيقرأ أمنياتى الخفية.. فيمد لى يده فأقف من فوق مقعدى، ويسحبنى دون أن أشعر أننى عاجزة، فأجد نفسى فى منتصف دائرة، الجميع فيها يرقص، والعروس ترقص، وأنا أرقص، هذه فرحتى لا أدعيها.. رقصتى لا أمثلها.. نشوة السعادة لا أبذل مجهودا خارقا لكى أكونها.

لا ألوم هذا الذى جاء ومضى دون أن أعرف حتى أول حرف من اسمه، الأجمل أننى أعرف طريقته حين يبتسم، طريقته حين يتكلم، طريقته حين يحرك قدميه مع الموسيقى وكأنهما قدماى.

هذا المجهول أعلاه.. قيدنى على لائحة الغائبين عن كل أعوامهم الماضية، ذكرياتى بدأت حين أنهى التمثيلية التى كنت أمثلها على كل الناس بمبالغة مفضوحة.

أنا نصف امرأة، ولا أدعى أكثر، نصف امرأة تطل على أمنيات غامضة فى الحب، هذا رجل قال كلمته فأيقنت أن فى القلب مساحة شاسعة من خصوبة تنتظر إشارة بالحب ليست مستحيلة، أنتظر وحين أكتب لك أجعل قراءك يشاركوننى فرحة عمرى، وقصة ميلادى من جديد، لاتخف لن أصحو غدا مكسورة من الإحباط أو اليأس، فى كل صباح سوف أذكر نفسى أن حبيبى لعله يأتى الليلة.. فتكون هذه ليلتى.. ليلتى.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

سيدة تتهم سائق تاكسى بالاعتداء عليها أمام أطفالها في بورسعيد.. صور

إصابة 9 أشخاص من المنوفية فى حادث انقلاب ميكروباص بطريق مصر - الإسماعيلية

أهداف الهلال ومانشستر سيتي .. ماراثون تاريخى يقود الزعيم لربع نهائى المونديال

شرط جزائى فى عقد يانيك فيريرا مع الزمالك.. اعرف التفاصيل

لحظة العثور على جثمان الطفلة مريم في عرض البحر.. فيديو متداول


مجلس النواب يحسم قانون الإيجار القديم فى جلسة اليوم

تنسيق الجامعات 2025.. قائمة كليات تقبل طلاب الدبلومات الفنية والمعاهد العليا

مباراة الهلال القادمة.. مواجهة أمام فلومينينسى بربع نهائى مونديال الأندية

اختفت 3 أيام فى البحر.. عوامة وأمواج وغفلة الأب تفاصيل غرق الطفلة مريم

20 % أعمال سنة من مجموع طلاب الشهادة الإعدادية بتعديلات قانون التعليم


صرف معاشات يوليو 2025 بالزيادة 15% بدءا من اليوم

الهلال محتفلا بالفوز على مان سيتى: كبير أكبر قارة يتأهل لربع نهائى المونديال

الزمالك يعرض على المدرب الجديد الصفقات المرشحة لتدعيم الفريق

خالد صلاح يكتب: رسالة إلى طلاب الثانوية العامة.. "فكروا في الشغل الأول".. ولا تقعوا في وهم كليات القمة والتفاخر الاجتماعي الأحمق

حكيمي يقود تشكيل الأفضل من نجوم باريس سان جيرمان ضد بايرن ميونخ.. فيديو

مباراة مان سيتي ضد الهلال تتجه للعب شوطين إضافيين بعد التعادل 2-2

اليوم.. بدء التقديم لرياض الأطفال والصف الأول الابتدائي بالمعاهد الأزهرية

تصريحات نارية من لاوتارو مارتينيز بعد سقوط الإنتر ضد فلومينينسي

البحر يعيد الطفلة التونسية بلا نبض.. العثور على جثة مريم بعد يومين (فيديو)

المخرج الفلسطينى رشيد مشهراوى يعلن استشهاد ابنة عمه فى مجزرة مقهى الباقة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى