أقباط ومسلمون.. كلهم ضحايا فقر واضطهاد وهوى

بدأت الحكاية الجديدة.. مثلما بدأت كل الحكايات الأخرى القديمة والمماثلة, بخبر صغير سرعان ما يتناقله الجميع.. زوجة شابة تختفى من بيتها, ولأن الزوجة قبطية فلابد أن الذى اختطفها مسلمون أرادوا إشهار إسلامها, ولأنها ليست مجرد امرأة قبطية وإنما زوجة لأحد القساوسة، فلابد من التعبير القبطى الجماعى عن الغضب والجرح والمهانة.. وتقوم عشرة أوتوبيسات بنقل مئات الأقباط من الصعيد إلى كاتدرائية العباسية بالقاهرة للتظاهر والمطالبة بتدخل الرئيس مبارك واللواء حبيب العادلى وزير الداخلية، وتتسابق الصحف والبرامج التليفزيونية ليس من أجل كشف حقيقة ما جرى وإنما لمحاولة السبق الإعلامى بتصوير ونقل تفاصيل هذا الغضب العارم والمفاجئ، وبسرعة ينشط الزملاء كتابة وتصويرا وكلاما، ثم تنتقل الصورة إلى شاشات الكمبيوتر والفيس بوك ويبدأ الباحثون عن أدوار وبطولة فى التشنج والصراخ والتساؤل: إلى متى السكوت عن اضطهاد الأقباط فى مصر وامتهانهم وخطف نسائهم وإجبار بعضهم على اعتناق الإسلام، وهكذا يتحول الخبر إلى قضية، وتصبح القضية مجرد صخب وسبق إعلامى، ثم يسفر الصخب عن كومة هائلة من الصرخات والرسائل المتبادلة عبر شبكة الإنترنت، وبسرعة يأتى خبراء وفلاسفة الفتنة الطائفية من المسلمين والأقباط للابتسام أمام الكاميرات ومع الابتسام تحليل وكلام، ووسط ذلك كله يستمتع المنتفعون أو المهمشون والباحثون عن أدوار وبطولات أو الذين لا بطولات ولا دور لهم إلا ركوب مثل هذه الموجات وسط البحر الواسع.. ولأننى لست على استعداد للمشاركة فى مثل هذا السيرك المعتاد، ولست مقتنعا بأننى أعيش فى بلد يضطهد الأقباط وإنما هو بلد يضطهد كل الفقراء والبسطاء والناس العاديين سواء كانوا مسلمين أو أقباطا.. ولست أنتظر مثل هذه الأخبار لأتعلم من جديد فن العوم فى بحر الصخب وولع البحث عن دور وشهوة لفت أنظار الآخرين.. أحب أن أناقش الأمر بمنتهى البساطة والهدوء.. فالخبر المبدئى كان يقول إن هناك زوجة اختفت وهربت من بيتها.. وهذا فى حد ذاته لا يعنى مطلقا أى شىء يخص الفتنة الطائفية سواء كانت هذه الزوجة قبطية أو مسلمة، ونحن نسكن كلنا بلدا يمكن فيه خطف أى أحد لألف سبب ليس منها تنصيره أو إجباره على اعتناق الإسلام، ثم إن الزوجة تبين أنها سحبت نقودها من مكتب البريد واختفى معها مصاغها.. هى إذن ليست مخطوفة.. وإنما هاربة، ومرة أخرى هناك ألف سبب للهرب بعيدا عن التحولات الدينية سواء بالاختيار أو الاضطرار.. وحتى لو كانت هذه الزوجة أحبت رجلا مسلما فقررت أن تهرب معه وتترك بيتها لتكون مع الرجل الذى أحبته، فهذا أيضا لا علاقة له بالفتنة الطائفية ولا بمناشدة الرئيس مبارك التدخل، فنحن أمام مشكلة زوجية لا مشكلة دينية.. ولست هنا أتوجه بالخطاب للأقباط وحدهم، وإنما للمسلمين أيضا، ولا أعرف متى سيكف الناس عن مثل هذه الانفعالات غير المبررة وغير المفهومة؟.. فإن تقرير امرأة مسلمة اعتناق المسيحية لا يعنى مطلقا إهانة الإسلام وإلا كان الإسلام هشا وهزيلا إلى هذا الحد.. وأن تشهر امرأة قبطية إسلامها فهو ليس دليلا على اضطهاد الأقباط أو مهانتهم، وأنا أشك فى أن هؤلاء المئات الذين تم شحنهم فى أوتوبيسات من المنيا إلى القاهرة قد سمح لهم أى أحد بالتفكير الهادئ قبل كل هذا الغضب والثورة على البلد والظروف والأمن والحياة والمطالبة بتدخل الرئيس.. وأثق تماما فى أن كل واحد من ركاب تلك الأوتوبيسات، فى حياته الشخصية من الهموم والمواجع والمتاعب ما يجعله يطالب رئيس الجمهورية بالتدخل قبل مطالبته بالتدخل لحسم أمر زوجة هربت من بيت الزوجية.. فالرئيس ليس من واجباته المحافظة على دوام العلاقات الزوجية فى كل بيت سواء كان بيتا للمسلمين أو الأقباط.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

كايروكى وتووليت يختتمان النسخة الثالثة من مهرجان العلمين الجديدة 2025

السبت.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ربيع الأول لعام 1447 هجريا

ويجز يختم حفله فى العلمين بأغنية واحد وعشرين.. ويشكر الجمهور

وفاة الفنانة المعتزلة سهير مجدى

"غيابات بالجملة"..موعد مباراة الأهلى أمام غزل المحلة بالدوري المصري


تارا عماد تفاجئ جمهور حفل ويجز.. وتشاركه أغنية "أميرة" فى مهرجان العلمين

قدم لكلية الطب وسبقه القدر.. وفاة طالب أثناء تركيبه ميكروفون لمسجد في قنا

موعد انطلاق العام الدراسى الجديد بالمدارس الدولية والرسمية

ترامب يعلن إقامة قرعة كأس العالم 2026 في الخامس من ديسمبر المقبل

وزارة الدفاع الروسية: سيطرنا على 9 بلدات فى أوكرانيا خلال أسبوع‎


شقيق شيرين ينتقد محاميها السابق: دلوقتى طالع تقول الوضع كارثى.. أنت مصدق نفسك

إعلام إسرائيلى: 3 انفجارات ضخمة تهز وسط إسرائيل

وزيرة خارجية سلوفينيا: المجاعة مرحلة جديدة من الجحيم فى غزة.. ويجب وقف إطلاق النار فور

أبرزهم الحنفى.. اتحاد الكرة يستقر على تشكيل اللجنة الفنية للحكام

التحريات تكشف ملابسات العثور على جثة شاب داخل مسكنه فى الجيزة

حسام حبيب ينفى عودته لشيرين والمطربة تتوعد محاميها السابق ببيان

قرار مهم من ديانج بخصوص تجديد عقده مع الأهلى.. اعرف الحكاية

انطلاق تصوير مسلسل "ميد ترم" بطولة ياسمينا العبد وجلا هشام

"شباب مصر بفرنسا" يحذر عناصر الإرهابية من الاقتراب من سفارتنا بالخارج.. فيديو

3 أفلام جديدة تقتحم شاشات السينما المصرية تباعا حتى أكتوبر

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى