9 ملايين قنبلة مختلة عقلياً تسير فى شوارع مصر تحت رعاية الدولة!

رسوم: أحمد خلف طايع
رسوم: أحمد خلف طايع
محمد الدسوقى رشدى
◄◄ عاطلون ومكتئبون ومقهورون ومضطربون نفسيا وآباء عاجزون عن توفير غذاء وكسوة أطفالهم يشكّلون أقوى تنظيم انتحارى جاهز للانفجار فى أى وقت
لم يعد الخطر كامنا فى التنظيمات السرية اليسارية لأن اليسار لم يعد موجودا، ولا فى الإخوان المسلمين لأنهم مشغولون بأنفسهم ومشاكلهم الفكرية والتنظيمية، الخطر كما تقول التقارير الأمنية الخاصة ببعض القضايا الأخيرة موجود فى كل شارع وكل حارة وكل أتوبيس وعربة قطار أو مترو.

داخل كل منزل به شاب عاطل أو فتاة عانس أو أب مريض ولا يجد ثمن العلاج أو غير قادر على توفير ثمن مصروفات الدراسة وكسوة العيد لأطفاله، أو موظف أو عامل أو فلاح يعمل وينفق من صحته على عمله مقابل أجور لا تكفى لوجبات العشاء، الخطر الحقيقى كما تقول التقارير الأمنية الواردة عن قضية سمالوط الأخيرة، ومن قبلها قضية سائق المقاولون العرب وقضية الاعتداء على الكنيسة منذ عامين- يكمن فى نفوس أولئك الغاضبين الذين زرع القهر فى قلوبهم ونفوسهم اكتئابا تطور فى بعض الحالات إلى خلل نفسى مؤقت قد يدفعهم فى بعض حالات تطرفه إلى محاولة الانتقام من المجتمع ومن النظام السياسى الذى تسبب فى وصولهم إلى هذا الوضع، الكثير من الاستشاريين النفسيين يفسرون استعداد الإنسان للقتل وتفجير نفسه على أنه انحراف ناتج عن مرض نفسى أو حالات نفسية، ونحن فى مصر نملك نسبة من المكتئبين والمصابين بأمراض نفسية تؤهلنا لدخول موسوعة جينس مما يعنى احتمالية ظهور قنابل بشرية جاهزة للتفجير من بين تلك الفئة فالطب النفسى يرى أن الدماغ المصاب بالكآبة يمتلك ميولا عدوانية تجاه الأشخاص الآخرين.

المكتئبون أو المختلون عقليا الذين يهوى الأمن تحميلهم القضايا الصعبة والغريبة هم الأخطر لأنهم يمثلون قنابل بشرية متحركة وجاهزة للانفجار فى أى لحظة، ودعونا نستغل حقنا الطبيعى فى السؤال ونطلب من الأجهزة الأمنية التى تقدم لنا تقارير رسمية تتهم فيها المكتئبين والمختلين نفسيا بارتكاب الجرائم وتفجير أنفسهم أمام الكنائس- أن تطمئن قلوبنا الضعيفة وعقولنا التى لا تخلو من دبابيس الشك، ونفوسنا المريضة التى تتوهم وتنبت فى أحلامها خيالات تقول بأن الحكومة وأجهزتها غير قادرة على تأمين مصر والحفاظ على سلامتها وحياة وأرواح مواطنيها من الخطر المسمى بالقنبلة البشرية، ذلك الخطر الجديد الذى تربى وترعرع تحت بير السلالم وفى الزوايا الصغيرة الكائنة أسفل المساجد، والمدارس القائمة على مناهج تعليمية متخلفة، والغرف المكدسة بعشرة أشخاص يأكلون وجبة واحدة فى اليوم.

السؤال مرة أخرى يقول هل الأجهزة الأمنية قادرة على حماية مصر من ملايين لم يعد أمامهم فى المرحلة القادمة أى شىء يدافعون به عن حريتهم وقوت يومهم ومستقبل أولادهم ومستقبل وطنهم سوى نفوسهم، هل الجهاز الأمنى فى مصر قادر على مواجهة أكثر من 9 ملايين قنبلة بشرية جاهزة للانفجار فى شوارع مصر من أجل الحصول على لقمة عيش نضيفة أو العيش ساعة فى ظل حرية تمنحهم الكرامة، ولا تحاول أن تسأل أو تستفسر وتقول وما الذى يدفع المصريين لتفجير أنفسهم لأنه وكما قال الروسى الشهير «دوستويفسكى» فى إحدى دراساته المتعددة عن الإرهاب أن عمليات تفجير النفس (من السهل إدانتها ولكن من الصعب جدا فهمها)، فمن الصعب جدا أن تحدد السبب الذى يجعل بعض الناس مستعدين للموت على شكل قنابل بشرية، ليس هناك تفسير واضح لذلك فالظاهرة كلها معقدة لأنها فى النهاية عبارة عن قرار شخصى يحكم من خلاله الشخص على مصيره من أجل نفسه أو من أجل الآخرين، وهو مايقوله الدكتور محمد المهدى الاستشارى النفسى الذى يرى صعوبة فى تحديد معنى أو سبب مباشر لتحول إنسان إلى قنبلة تمشى على الأرض، غير أنه قال إن الأسباب عديدة وكلها تدفع الإنسان لذلك، وأكد أن الأمور فى مصر قد تدفع الملايين لحمل لقب القنبلة البشرية، فحالة القمع والقهر التى يعانى منها المواطن المصرى قد تدفعه للغضب وتدفعه لارتكاب رد فعل أحيانا ما يكون داخليا ويتمثل فى حالة الغضب والضيق والقرف التى تصاحب معظم المصريين وغالبا ما تظهر على السلوك الخارجى للمواطن فى شكل ردة فعل عنيفة يمارسها الموظف ضد المواطن والمدرس ضد التلميذ والزوج ضد زوجته ويمارسها الناس ضد بعضهم متمثلة فى حالات العراك التى تشهدها يوميا فى الشوارع وفى المواصلات العامة، وليس بعيدا أبدا أن تتطور ردات الفعل هذا لتأخذ شكل تفجير النفس فالإنسان يصل فى مرحلة تضيع منه كرامته ويفقد إحساسه بحاضره ويموت طموحه أمام عينيه فلا يبقى أمامه سوى أن يأتى برد فعل قوى يذكر الناس أنه موجود ويذكر الحكومة بأنها لم تسمعه وأنها لابد أن تندم على مافعلته فيه، فنحن فى مصر نملك أكثر من 9 ملايين شاب محبط مابين عاطلين وموظفين غاضبين وفقراء يعانون من ضغوط سياسية واجتماعية ومادية، وحتى المستوى العاطفى فكم شاب أحب ولم يتزوج بسبب المشاكل المالية، كل هذه الضغوط قد تتراكم داخل النفس البشرية ولاتجد الحل سوى فى الخروج على هيئة رد فعل قوى بتفجير الشىء الوحيد الذى يملكه ويشعر أنه أصبح مهانا أكثر من اللازم لدرجة لا تعينه على البقاء، هذا بخلاف مرضى السرطان والاكتئاب والكبد الذين أثبتت الدراسات النفسية أنه تتملكهم شهية للموت أو الانتحار ويكونون أكثر قابلية للتضحية بأرواحهم بسبب حالة اليأس المزروعة داخلهم ومن السهل جدا فى ظل حالة الاحتقان السياسى والاجتماعى أن تظهر جماعات تستطيع ترويض مثل تلك النوعيات وإقناعها بالتضحية بنفسها من أجل مستقبل أفضل طالما أنها لا تستفيد شيئا من الحاضر.

وحتى تكون صورة القنبلة البشرية كاملة أمامك دعنا لا نحصرها فقط فى المكتئبين والمرضى النفسيين لأن الواقع يقول بأن مصر بها ثلاث فئات بخلاف الفئة المختلة نفسيا حسب توصيف الأمن قد يتحول أحد أفرادها فى أى وقت إلى قنبلة جاهزة للانفجار فى وجه المجتمع بمساجده وكنائسه وشوارعه وميادينه العامة، الفئة الأولى والأشهر تتعلق بالدين، أى القنبلة البشرية الجاهزة للانفجار بدافع دينى وتبرير وجودها يتعلق بفضل التضحية بالنفس والجهاد والفوز بالجنة والحور العين، أما ظروف صناعتها فتتطلب وجود تفسير دينى مشجع ودافع قوى لتنفيذ العمل يتمثل فى فتاوى كبار الشيوخ وخطب الجمعة الحماسية التى تتردد فى مساجد بير السلم وفى خطب مشايخ الكاسيت، كما تتطلب لجودة التصنيع زعامات دينية مؤثرة وجماهير مؤيدة تتذكر الشهيد وتعلى قيمته ولدقة الصناعة لابد من وجود مجموعة قادرة على التدريب والتعليم وخلق روح الانتماء وفكرة الجهاد.

وضمن النموذج الدينى هناك ملاحظتان فهناك قنبلة دينية مستغلة تم تجنيدها وتدريبها على يد زعماء فى تنظيمات دينية من أجل تنفيذ تفجيرات فقط لا غير وهناك قنبلة بشرية تستعد للتفجير تكفيرا عن ذنوبها. أما الفئة الثانية فتتعلق بالقنبلة البشرية المنتقمة، وتلك هى الفئة الأكبر فى مصر، ومن فى هذا الوطن لايريد الانتقام من الدولة التى ضغطته وقهرته وقمعته وأفقرته والدافع الأكبر للشخص الذى يريد تفجير نفسه هنا هو الانتقام، وتلك رغبة متوافرة لدى معظم الشعب المصرى من أصغر عيل فى الحارة لا يجد ثمن كتب المدرسة لأكبر شيخ يرقد فى صالة استقبال المستشفى العام وينتظر الموت قبل الطبيب، أما الفئة الثالثة للقنبلة البشرية فهى الوطنى المتعصب الذى يكون دافعه لتفجير نفسه دافعا سياسيا، وفى مصر ملايين فشلوا فى إصلاح الوضع الحالى سلميا ولم يعد أمامهم سوى طريق التضحية، مقتدين بالحركات السياسية الشهيرة السابقة.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محامى شيرين عبد الوهاب يعلن ترك العمل معها بعد أنباء عودتها لطليقها حسام حبيب.. قنطوش يطالب وزير الثقافة ونقيب الموسيقيين بالوقوف بجوارها ودعمها صحيا ونفسيا بعدما فشل فى دفعها للخروج من أزماتها

محامي شيرين يطالب وزير الثقافة ونقابة الموسيقيين بإنقاذها بعد أنباء عودتها لحسام حبيب

الخارجية الروسية: لا خطط لعقد لقاء بين بوتين وزيلينسكي‎

الحذاء الذهبي ينهي خصومة مكة وكيان محمد صلاح.. اعرف التفاصيل

تحت ستار تبرعات للخير.. القبض على "حازم" وبحوزته مخدارت بـ30 مليون جنيه بقنا


ألفينا ومصطفى شلبي يدعمان "تشكيل الجولة" بالدوري المصري في غياب الأهلي

محمد صلاح يزين قائمة أوفياء الدوري الإنجليزي قبل مواجهة نيوكاسل

زيزو يتصدر قائمة الأفضل في الدوري المصري بعد نهاية الجولة الثالثة

حقيقة "الثقب الأسود" فى الهرم.. مصدر بـ"محافظة الجيزة" يكشف تفاصيل جديدة

إدارة ترامب تراجع بيانات 55 مليون أجنبي يحمل "فيزا أمريكا".. "AP" تكشف السبب


قطع المياه 6 ساعات بين الهرم وفيصل من المساحة وحتى ابن بطوطة مساء اليوم

مواعيد مباريات اليوم.. قمة البايرن أمام لايبزيج وسان جيرمان مع أنجيه

بيراميدز يفقد 4 نقاط في 3 مباريات في انطلاقة الدوري.. تعادلان وفوز

عدم التئام الكتف يؤجل موعد عودة إمام عاشور للمشاركة في مباريات الأهلي

زلزال بقوة 7.5 درجة يضرب ممر دريك بين أمريكا الجنوبية والقارة القطبية

اليوم.. ويجز يحيي حفلا غنائيا ضخما بمهرجان العلمين الجديدة

طرق عديدة للوقاية من الحرائق بسبب الماس الكهربائى

القاهرة تدرس غلق شوارع بوسط البلد ومصر الجديدة وتخصيصها للمشاة فقط.. المحافظ: شارع إبراهيم باشا بالكوربة الأبرز وإنشاء اتحاد شاغلى الشوارع للحفاظ على العقارات التراثية.. و"الخديوية" تشهد تكرار نماذج شارع الألفى

هل يستحق المستأجر تعويض حال انتهاء المدة الانتقالية بقانون الإيجار القديم؟

الطقس اليوم.. شديد الحرارة ونشاط للرياح وسحب والعظمى بالقاهرة 36 درجة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى