أحمد الطيب.. مواطن مصرى لم تفسده الطائفية.. يتسلح بسماحة الإسلام وحنان المسيح

أحمد الطيب
أحمد الطيب
عمرو جاد
بروحه التى صقلتها الصوفية ووجه أسمر ذى ملامح مصرية أرهقته المسؤوليات، وسماحة يفتقدها الناس فى كثير من رجال الدين، تحمل شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، غضب بعض الشباب القبطى أمام الكاتدرائية الكبرى بالعباسية الناقمين على من أفسدوا فرحتهم بالعام الجديد، وبرر الرجل تفهمه هذا بتقديره لأسباب هذا الغضب والتماس العذر لهم حتى إن طالته يد الاعتداء رغم أنه كان معزياً للبابا شنودة فى المصاب، وبرر ذلك بعفوية قائلاً: «اللى يروح يعمل الواجب يستحمل اللى يجراله» فاكتسب حب الأقباط، وضرب مثالا للأزهر المتسامح، ليؤكد ما تحمله التوقعات بأن مرحلة جديدة تنتظر الأزهر على يد هذا الرجل.

الأزهريون أيضاً يستمتعون بموجة الفخر التى تسرى بينهم، بعدما أكد لهم الواقع أن منهج الأزهر هو الوسطية الصحيحة التى يحتاجها المسلمون لتسيير أمور حياتهم بعيداً عن التطرف والغلو، كما يشكل شيخهم أحمد الطيب سبباً آخر للفخر يطغى على أحاديثهم فى جلساتهم الخاصة، وهو الرجل الذى خالف كل التوقعات بعد توليه منصب شيخ الأزهر، بأنه سيحول الأزهر إلى حلقة ذكر صوفية، بعد أن كان إدارة تابعة للدولة تحكمها التوازنات، وهى الصورة التى خلفها تساهل الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوى، ورغم ذلك سار الطيب فى أيامه الأولى فى المشيخة بعد توليه المنصب فى 19 مارس الماضى، ليدرس فى صمت جوانب الخلل التى ضربت أركان الأزهر، فتنبه إلى أن كثيرا ممن ينتسبون للأزهر أنفسهم يثيرون حوله الكثير من المشاكل، فكان قراره الأول هو أن شيخ الأزهر هو فقط من يعبر عنه ولا شىء آخر، ثم أخذ على عاتقه مداواة مكامن الخلل الأخرى فى صمت وروية حسده عليهما كل هؤلاء المتربصين من حوله ممن ينتظرون فشله فى المنصب وبالتالى هدم اللبنة الأخيرة الباقية فى المؤسسة الدينية السنية الأكبر فى العالم.

المسؤولية التى أثقلت كاهل الطيب بإعادة الأزهر لوضعه الصحيح، كانت مختلطة بين التصحيح من الداخل، أو القيام بالدور الخارجى المنوط به الأزهر بوصفه المحدد الأكبر لكثير من مجريات الأحداث، فى بلد يعيش فيه عدد كبير من غير المسلمين ويتطلب تمثيل الإسلام فيه أغلبية عاقلة وعادلة بما يؤكد معنى «الوطن للجميع»، وكما أكد المقربون من الرجل فقد كانت أول صداماته مع عدد من يعتبرهم «منتفعين» رافضاً تعمدهم إدخال الأزهر فى معارك ليست خاصته، كمحاولة أحد كبار الحقوقيين فى إقناعه بالاعتراف بوجود ما أسماه «اضطهاد» للأقباط فى مصر، ومحاولة أخرى داعية الزج باسم الأزهر فى مشروع فكرى، فكان رفض أحمد الطيب للمحاولتين صادما ورسالة قوية بأن أموراً كثيرة تغيرت وستتغير تحت العمامة الحمراء، على يد رجل عاش طوال سنى عمره الـ64 أزهرياً يهتم بالفلسفة، ومداخلها ويتشرب الصوفية ويخشى مثالبها ليجد نفسه يوماً على رأس مؤسسة الأزهر بما تحمله فى نفوس المصريين أقباطاً ومسلمين.

وكان تحفز بعض الأقباط تجاه موقف الرجل من المواطنة اختباراً آخر لسماحة الرجل، ومعرفة مدى قبوله بالآخر، فلم يمهلهم كثيراً، فالرجل اعترف بأنه يعتز بصداقة البابا شنودة الذى كان أول من هنأه بمنصب شيخ الأزهر، حينها عبر الطيب كعادته عن مشاعره نحو البابا قائلاً له: «ساعدنى فأنت تذكرنى بحنان المسيح» مشدداً فى حينها أن على الجميع فى مصر أن يتعاملوا كـ«مصريين» وليس كأقباط ومسلمين، بل وصف البابا بأنه «صمام الأمان لمصر»، حينها تغيرت الصورة الذهنية بأن الوحدة الوطنية انحسرت فى لقاء ودى بين شيخ وقسيس، فوضعها الطيب فى إطار روحى صوفى تسمو فيه المحبة فوق كل النوازع.

وأبى الطيب أن يمر حادث «القديسين» دون أن يمنح دروساً أخرى فى الوطنية والإخاء، فجاء رده على الفاتيكان حاداً وخاطفاً، برفضه تدخل الحبر الكاثوليكى فى شؤون «المصريين» ليرد على مطالبه بحماية مسيحيى الشرق، ببيان حازم مفاده أن الأقباط ليسوا بحاجة لحماية فى أوطانهم، بل وضع بابا الفاتيكان فى مأزق سياسى ودينى، عندما طالبه فى البيان بأن يدافع عن مسيحيى فلسطين أولاً ضد الاضطهاد الإسرائيلى، وعدم الكيل بمكيالين، ليغلق بهذا الموقف بابا للمزايدات الخارجية على مشاعر مسلمى مصر نحو مسيحييها.

ليس أمام الطيب الآن بثقله العلمى والدينى ومنزلته الروحية سوى أن يسير قدماً على هذا الخط المعتدل الذى رسمه لنفسه ووضع الأزهر فى مساره الصحيح، متيقنا بأن الملايين من الناس ينتظرون منه الكثير لرفعة شأن مؤسسة جرى فى مياهها ما جرى من التشويه والأفكار الغريبة، وأن يكون هو الآخر صماما للأمان فى بلد عاش فيه المسلمون والمسيحيون جنباً إلى جنب.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مصادر إسرائيلية: الجيش بدأ خطة احتلال غزة ووسع عملياته في جباليا والزيتون

مصر تتمسك بثوابتها تجاه القضية الفلسطينية وترفض مخططات التهجير والاحتلال.. سياسيون وخبراء: موقف القاهرة ثابت وحاسم بشأن حرب غزة.. ناجى الشهابي: الدولة المصرية تتحرك في كل المحافل الدولية لتأكيد حق شعب فلسطين

إعلام إسرائيلى: 3 انفجارات ضخمة تهز وسط إسرائيل

حسام حبيب ينفى عودته لشيرين والمطربة تتوعد محاميها السابق ببيان

"شباب مصر بفرنسا" يحذر عناصر الإرهابية من الاقتراب من سفارتنا بالخارج.. فيديو


موعد مباراة الزمالك القادمة فى الدوري أمام فاركو والقناة الناقلة

71 شهيدا و251 مصابا برصاص الاحتلال الإسرائيلى خلال 24 ساعة

التحريات: تاجر مخدرات وراء قتل طفل والتخلص من جثته فى منطقة كرداسة

فى مشهد يعيد "العفاريت" للواقع.. الداخلية تداهم الثقب الأسود.. ضبط وكر للتسول بالأطفال على طريقة الكتعة.. الجناة هاربون من أحكام جنائية ويعتدون على الأطفال.. وإشادة بسرعة تحرك الشرطة.. فيديو

كل ما تريد معرفته عن غيابات الأهلي في مباراة غزل المحلة بالدوري


اعترافات صادمة لعصابة الثقب الأسود: نضرب الأطفال ونجبرهم على التسول.. فيديو

زيزو يتصدر قائمة الأفضل في الدوري المصري بعد نهاية الجولة الثالثة

الطقس غدا.. ارتفاع طفيف ومؤقت فى درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 38 درجة

خالد علي شقيق ويجز يشاركه حفل الليلة بمهرجان العلمين الجديدة

زى النهارده.. الزمالك يتوج بلقب الدورى المصري للمرة الرابعة عشر فى تاريخه

كوكا يغيب عن افتتاح الدوري السعودي لأسباب غير فنية.. تعرف عليها

ضبط ألف مخالفة مرورية بالطريق الإقليمي خلال 24 ساعة

البكالوريا أم الثانوية العامة.. تفاصيل الاختلافات الكاملة فى المواد والمجموع

فحص طبى ينتظر أحمد حمدى اليوم فى الزمالك لتحديد مصيره من مباراة فاركو

الونش وعبد المجيد وبيكهام في القائمة النهائية لمنتخب مصر لمباراتي إثيوبيا وبوركينا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى