من يمثل الثورة ومن يمثل عليها؟

وائل السمرى
◄◄ الراكبون على ظهر الثورة لم ينتظروا حتى نهايتها ليستمتعوا بما تعب فيه غيرهم
فى قصة السندباد الشهيرة تقذف أمواج البحر الهادرة بهذا البطل الأسطورى إلى واحة مهجورة، فيقابل عجوزاً «متكوماً» بجانب شجرة كبيرة، هذا العجوز هده التعب وأعياه كبر السن، وهزمته الشيخوخة، وتكاثرت عليه الأمراض، وكأى نبيل شريف، ساعد السندباد هذا العجوز بكل ما يستطيع، فأطعمه وسقاه، ولأنه شريف وطاهر- كما كانوا يطلقون على شباب ثورة اللوتس- لم يرد طلبا لهذا العجوز، فرجاه هذا الرجل أن يحمله على كتفيه ويمشى به، وما أن حمله على كتفيه حتى دبت الحياة فى أوصال هذا العجوز، وأحاط رقبته بساقين من حديد حتى كاد الدم أن يتفصد من وجهه، فحدق السندباد فى قدميه فاكتشف أنهما ليستا آدميتين، وهنا أدرك السندباد أن هذا العجوز هو جنى البحر الذى لم ينج منه أحد.

سندباد يا ولداه مثل شباب الثورة الآن الذين تاهوا ولم يستدل على عنوانهم، لم يعرف ماذا يفعل، فقد قادته نيته الحسنة إلى ما فيه من ارتباك وشتات، هو كان يريد الخير فأصابه من الشرور الكثير، ما كان يبغى إلا «عيش.. حرية.. كرامة إنسانية» ففوجئ بالمتصلتين والمنتهزين وآكلى لحوم الأوطان ينهشون فيه، ويقتاتون على تعبه، سندباد يصرخ الآن ويئن مما يعانيه من فوق ظهره، ومثله مثل شباب مصر الذين صنعوا من ميدان التحرير مدينة فاضلة تنعم بالأمان وتكسوها المحبة ويحيطها الدفء من كل مكان، كان لا يبتغى إلا أن يساعد المحتاج وينصر الضعيف وينتصر للحق، مثله مثل شباب التحرير، لم يدر ببالهم أن الانتهازيين سيعطلون الإنتاج ويرهقون الدولة الوليدة المترنحة بطلباتهم التى لا تنتهى، ويستغلون حالة الإنهاك التى تعانى منها مصر، والتى تشبه حالة الفريسة التى خرجت لتوها من بين أنياب الوحوش، ليجهزوا على البقية الباقية منها، ما بين حروب طائفية مفتعلة، وتناحرات وصراعات سياسية وحزبية لا تنتهى، والغريب أن الراكبين على ظهور الثورة لم ينتظروا حتى نهايتها ليستمتعوا بما تعب غيرهم فى الحصول عليه، لكنهم بادروا بركوب موجتها قبل أن يُعلن انتصارها، وقدم كل «عبده مشتاق» أوراق اعتماده طمعاً فى منصب هنا أو حزب هناك، حتى وصل الأمر إلى أن بقايا الحزب الوطنى فى الأحياء الآن هم من يتحدثون باسم الثورة، ويشرعون فى تأسيس أحزاب تحت لوائها، هذا خلاف من كانوا يريدون أن يحبطوا الثورة فى مهدها، وأصبحوا الآن المتحدثين الرسميين باسمها، ولم يخجل من كانوا يطلقون على أنفسهم اسم لجنة الحكماء، والذين طالبوا الثوار بفض الاعتصام والانتظار حتى نهاية مدة ولاية الرئيس الفاسدة، أن يطلعوا الآن علينا فى وسائل الإعلام والفضائيات بصورة المخلص الذى بشّر بالثورة وأطلقها ورعاها وحماها.

بجانب لجنة الحكماء كان العديد من مشايخ السلفية، يدعون إلى عدم المشاركة فى المظاهرات أيضاً، وعدم الخروج على الحاكم، ذاكرين من الأحاديث النبوية ما يدعم وجهة نظرهم، ومدعين أن «حاكم غشوم خير من فتنة تدوم»، وأن المذاهب الإسلامية حرّمت الخروج على الحاكم، وقال أحدهم: «مهما نصنع فى هتافات ونطلع فى مظاهرات فلن نغير فى الواقع شيئاً»، وشبه المتظاهرين بجحا الذى يعبث، مؤكداً أن أمتنا لن تخرج مما هى فيه بالإضرابات المخربة، وزعم أن أعداءنا يريدون أن تتحول بلدنا إلى فوضى، وقال إن الإضرابات والتخريب لا ترضى ربنا عز وعلا، رابطا بين المظاهرات والتخريب، كما لو أن المتظاهرين هم الذين يخربون، كما دعا الشيخ أبو إسحاق الحوينى إلى عدم التظاهر والاكتفاء بالدعاء، وعدم تعطيل الحياة بالمظاهرات، قائلاً إن أكبر «عِمة» فى البلد لا تستطيع أن تفعل شيئاً، وأكد عدة مرات أن المظاهرات لا تنفع فى بلادنا، مطلقاً عليها هازئاً «جهاد الحناجر» وعلى الجانب الآخر كان هناك تحالف قبطى يدعو إلى عدم المشاركة فى ثورة يناير، وما أن تنحى مبارك حتى احتلوا المشهد مستغلين حالة الفراغ السياسى والأمنى للى ذراع البلد، واستغلالها فى مطالب طائفية لم تنته حتى الآن، وكان من هؤلاء كل من القمص عبدالمسيح بسيط، والمحامى نجيب جبرائيل، وممدوح رمزى وغيرهم، ودعا هؤلاء- من منطلق حب مصر- إلى عدم الخروج فى مظاهرات 25 يناير، لأنه ليست بالمظاهرات وعلو الحناجر تحل المشكلات، ولكن بالمواجهة الموضوعية القائمة على الشرعية ومن خلال القنوات الرسمية، أما الآن فلا أحد يظهر ليمثل الثورة إلا هؤلاء وأولئك، تقول القصة: لا حظ الجنى حالة الانسجام التى كانت تستولى على السندباد بعد شربه النبيذ، فطلب منه أن يشركه فى هذا الشراب فأعطاه السندباد عدة كؤوس، تحوّل بعدها الجنى إلى عفريت لطيف فاقد الحذر، وتراخت قدماه على رقبة السندباد الذى انتهز هذه الفرصة «فنطره» من على كتفيه نطرة أوقعته على الأرض، ثم تناول حجراً ألقاه على وجهه فهشمه، ثم جرى مبتعداً عن المكان ناجيا بحياته. إلى هنا تنتهى القصة، وأستغفر الله لى ولكم، وأدعوه متوسلاً ألا يحرمنا من النهايات السعيدة.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

70 % نتيجة التئام ترقوة إمام عاشور

70 % نتيجة التئام ترقوة إمام عاشور الثلاثاء، 19 أغسطس 2025 05:00 م

الأكثر قراءة

حكاية بتوقيت 2028 الحلقة 3.. نانسى هلال تكتشف حب يوسف عثمان لهنادى مهنا

وزير الخارجية لنظيره الروسي: يجب الضغط على إسرائيل لقبول وقف إطلاق النار فى غزة

النصر يتأهل لنهائى كأس السوبر السعودى بثنائية ضد اتحاد جدة.. فيديو

رسوم ترامب الجمركية تهدد تجارة البن البرازيلى وسط قفزة قياسية فى الأسعار

وفاة 5 أشخاص وإصابة 14 آخرين فى نيويورك بسبب مرض ينتشر عبر التكييف


المصري "كعبه عالي" على بيراميدز قبل مواجهة الجولة الثالثة في الدوري

المعاينة: وجبة سريعة التحضير وراء وفاة الطفل حمزة بالمرج بعد تناوله 3 أكياس

تعرف على الفرق بين الثانوية العامة ونظام البكالوريا الجديد

بعد فتوح وماهر.. بانزا ينضم لقائمة " عاد معتذرا " في الزمالك

الاتحاد السكندري يهزم الإسماعيلى فى القيمة التسويقية قبل لقاء الليلة


انطلاق الدورة الأولى من مهرجان المنصورة الدولى لسينما الأطفال فبراير

إحالة الفنانة بدرية طلبة للمحاكمة بتهمة إساءة استخدام مواقع التواصل

تذيب أسفلت الشوارع وتحرق الكابلات.. باريس تستعد لموجات حر تصل لـ 50 درجة

الأهلى يعلن تفاصيل إصابة ياسين مرعى ومحمد شكرى قبل مواجهة المحلة

محمد صلاح ومبابى وكين ضمن أفضل 10 هدافين فى دوريات أوروبا 2025

كل ما تريد معرفته عن انطلاق مباريات الجولة الثالثة بالدوري اليوم

طلبة علمى هيدرسوا تاريخ.. المواد الدراسية للصف الثانى الثانوى العام 2026

وزير الخارجية لنظيره الهولندى: مستاؤون بشكل بالغ من الاعتداء على سفارتنا

الزمالك يتفق مع حسام عبد المجيد على تمديد العقد

محمد صلاح يتصدر أبرز الفائزين بجائزة الأفضل فى إنجلترا من رابطة المحترفين

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى