شكرًا ونكتفى بهذا القدر!

◄◄أناهِضُ العنف الفكرى والجسدى واللفظى والمعنوى الذى يمارسه المتطرفون ضد أبناء وطنى
«يا أيها الذين آمنوا كونوا قَوَّامين للّه شُهداءَ بالقسط ولاَ يَجْرمَنَّكم شنآنُ قومٍ على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقربُ للتقوى, واتقوا الله إنّ اللهَ خبيرٌ بما تعملون». سورة المائدة. ولستُ أدرى ما موقع تلك الآية الجميلة من قلوب المتطرفين أعداء الحياة! ألم تمرّ عليهم يومًا فيترفقون بأقباط مصر؟ هذا طبعًا بفرض أن بين المسلمين والمسيحيين «شنآن»، وهو البغضاء، والعياذ بالله.

غاضبون علىّ (!) لأننى أكتبُ حول حقوق أبناء بلدى من منطلق المواطنة، والعدالة، والسعى نحو الجمال، إيمانًًا منى بأن أولى خطوات الجمال هى العدل، وبأن اللهَ سيسألنا عمّا إذا كنّا قد شاهدنا ظلمًا ولم نسع إلى رفعه.. تدفعنى لكثيف الكتابة أمورٌ ثلاثة.

1 - ما أراه من ترويع لأقباط مصر، وصل حدَّ تفجير الكنائس وهدمها وقتل المصلين وقطع آذانهم، ورفض محافظ لأنه مسيحى!
2 - صمتُ المسيحيين الأبدىّ، تحقيقًا لآية الإنجيل: «يُدافَع عنكم وأنتم تصمتون».
3 - قلّة كتابات المسلمين المستنيرين فى مصر، على كثرتهم، عن حقوق الأقباط المهدَرة منذ عقود. إما يأسًا من الإصلاح، أو خوفًا على أسمائهم من التصنيف فى خانة قد تُفقدهم قطاعًا من قرّائهم، ممن يرون، خطأً، أن مَن يدافع عن حقوق «الآخر» هو بالضرورة ضدهم.

متناسين أن ضمانة حقوق «الجميع»، هى الضمانةُ الوحيدة لحقوقهم هم، وأكرر للمرة الأخيرة أننى لا أناقش العقائد، فهى شأنٌ خالصٌ لله وحده، تعالى وجلَّ عن مشاركة العباد فى شأنه. إنما أناهضُ العنفَ، الفكرىّ والجسدىّ واللفظىّ والمعنوىّ، الذى يمارسه المتطرفون ضدّ أبناء وطنى، فيسلبونهم حقَّهم فى العيش بأمان فى بلادهم! وأكررُ أيضًا أننى لا أناهضُ المتطرفين المسلمين وحسب، بل أى تطرف كان. لذلك هاجمتُ كاتبًا مسيحيًّا ألّف كتابًا عنوانه: «الإعجاز العلمى فى الكتاب المقدس»، محاكيًا ما يصنعه د.زغول النجار على صفحات الأهرام فاتحًا باب الفتنة، والخطأ المنهجى فى لبس الثابت بالمتحول، حيث الدينُ ثابتٌ، بينما العِلمُ متغيرٌ متبدّل يومًا بعد يوم! ثم يخرج شيخٌ يصرخُ بملء الفم: «لا ولاية لكافر»! غافلاً أنه كافرٌ أيضًا فى نظر مَنْ يراه كافرًا. فالإيمان والكفر نسبيّان.

لكن المطلق هو حقوقُ المواطنة لكل مصرىٍّ، طالما لم يخن وطنه. ويقسمُ شيخٌ آخر بأنه سيخرج بكل شباب مصر ليهاجموا الأديرة باحثين عن فتاة يظنون إسلامها! وآخرُ يودُّ فرضَ الجزية على المسيحيين «تااااانى»!!! وآخرُ ينتظر «امتلاك الأرض» ليطبّق «الحدود»! ولم نر هذا الشيخ أو ذاك يحثُّ شبابَ مصر على العمل والمعرفة والأمانة والمحبة والجدية والنهوض بمصر! تقلّصَ إسلامُه وتقزّمتْ رسالتُه فى مطاردة الأديرة وتغليظ القسم بترويع الآمنين!

ثم يهتف المسيحيون فى قنا مع المسلمين ضد المحافظ القبطى: «عاوزينه مسلم- إسلامية رغم أنف الداخلية»!!! صانعين نموذجًا فريدًا للوحدة الوطنية! إن كان هذا هو مفهوم الوحدة الوطنية!! وهنا قررتُ أن أبتلع لسانى وأصمت إلى الأبد. خصوصًا بعدما وصلنى إيميل من صيدلى مسيحى مثقف، عنوانه «Thanks Enough»، «شكرًا وكفاية كده». يقول فيه بعد الديباجة:
أرسلتُ لكِ منذ شهور أشكرك لأنك أعدتِ لى الثقةَ فى الصحافة بل وفى القراءة. مقالتك الأخيرة كالعادة أعجبتنى. ولكن بعد قراءة تعليقات القراء على «اليوم السابع» بدأت أخاف لأنها تنصب على التهديد والتشكيك فى دينك، نحن لا نريد «فرج فودة» آخر، لذا يجب أن أوضح أمرًا غاية فى الأهمية، كل هذا الاضطهاد لا يزعجنا، لماذا؟
1 الاضطهاد يزيد إيماننا لأننا عندما نفقد الرجاء فى الأشخاص يكون رجاؤنا فى الله وهذا أفضل، لذا علينا شكر مضطهدينا وهذه وصية المسيح لنا: «أحبوا أعداءكم باركوا لاعنيكم وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم».
2 - المسيح لم يخدعنا وقالها لنا صريحة فى الإنجيل: «قد كلَّمتكم بهذا ليكون لكم فىَ سلام، فى العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبتُ العالم».
3 - إذا ضربك أحدٌ بعصا هل نلوم العصا؟ نحن نؤمن أن الشيطان يستخدم أشخاصًا (العصا) لاضطهادنا، لذا نصلى لأجلهم حتى يفتح اللهُ عيونهم ويروا مدى الإيذاء الذى أصابنا، نُصلى من أجل النصرة على الشيطان وليس على المتطرفين، هذا هو إيمانى.
وكان ردى عليه: «حسن جدًّا. أحييكم على إيمانكم العميق وشكرًا أن رفعتم عنى إصرَ هذا العناء، يسعدنى التخلّى عن هذا الطريق الوعر وأطوى صفحةً أرهقت حياتى، أهنئكم على سعادتكم بما تلاقونه فى بلادكم، مادام هذا يزيدكم إيمانًا وورعًا، تحية لكم، والسلام، وسأسمح لنفسى أن أنشر رسالتك هذه لكى تكون مبررًا أمام قرائى للتخلّى عن الملف القبطى».

شعرتُ فجأة أنى أناطحُ طواحينَ هواء، وعلىَّ أن أكفّ عن دور «دون كيخوته» العبثى،
لأعود للكتابة التى أحبُّها، ومن أجلها تركتُ عملى الهندسى المربح لأجل عيون الصحافة جالبة الهمّ، سأعود للموسيقى، والفن التشكيلى، والفلسفة والأدب، الموضوعات التى تُبهج روحى، وتُفرح قلمى، وأنجو من طريق الأشواك الذى جلب لى التكفير والتهديد والكراهية والعداء، وأفقدنى الكثير من قرّائى، فكرتُ أن أقطع على نفسى عهدًا بالكفّ عن هذا الملف المزعج. ولكن، تأملوا معى هذه الرسالة المؤمنة، وهتافَ أقباط قنا، وتنازل أيمن ديمترى عن حقّ أُذنه المبتورة، لتفهموا أسباب صمت أقباط مصر طوال عقود عن الظلم الواقع عليهم، إنه الإيمان بالله! فهل يدفعنا «إيمانُنا» نحن إلى ترويع مَن يرحّبون باضطهادنا لهم؟!.. عيب!

أتمنى أن أفى بعهدى، هذا يوم المنى، ولا شك سيساعدنى على هذا أن تمرّ برهةٌ قصيرةٌ من الزمن لا يُهان فيها أبناء بلدى، مسيحيو مصرَ، ولا دور عبادتهم، لأننى لن أكون شيطانًا أخرس، فهل يحدث هذا؟ آمين يا رب!
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

اختبارات القدرات 2025 تبدأ السبت.. هل يمكن استرداد الرسوم حالة الرسوب؟

مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 9-7-2025 والقنوات الناقلة

آمنة تحدت الظلام والأمية.. سيدة كفيفة عمرها 55 سنة من سوهاج تحفظ كتاب الله وترتله بأحكامه فى 8 سنوات.. كانت تسير مسافة بعيدة 3 مرات أسبوعيًا لأجل القرآن الكريم.. وتصبح محفظة وتحلم بالعمرة.. صور

المسارات البديلة بعد غلق الطريق الإقليمى لتنفيذ أعمال إصلاحات لمدة 7 أيام

رجلان غيرا نظرة توم هانكس للحياة.. اعرف القصة بمناسبة عيد ميلاده


تعرف على موعد انطلاق استعدادات الأهلي للموسم الجديد ومعسكر تونس

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

الحرارة تصل 42 درجة.. حالة الطقس المتوقعة اليوم الأربعاء 9 يوليو 2025

كيف أنقذت مصر نفسها من كارثة بيولوجية بعد إحباط تهريب 300 كائن حى نادر فى مطار القاهرة؟.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراض وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصال لها.. وتسبب خسائر فى الثروة الحيوانية

أحمد نادر جلال: السقا أبهرنى فى الكوميدى فى "أحمد وأحمد"


الإنتاج يتعاقد مع ثنائى الترسانة لتدعيم صفوفه فى الميركاتو الصيفى

نتنياهو: سنهزم حماس ونقضي على قدراتها

غزل المحلة يوافق على بيع "بن حمودة" خلال فترة الانتقالات الصيفية

البنك الأهلي يغلق ملف رحيل أسامة فيصل بعد توقف مفاوضات الأهلي

ليبيا تطرد وزراء داخلية إيطاليا واليونان ومالطا ومسؤولا أوروبيا

مجهول انتحل شخصية وزير خارجية أمريكا وتواصل مع مسئولين برسائل نصية وصوتية

سجل بياناتك لتصلك نتيجة الثانوية العامة 2025

إحالة أوراق المتهم بقتل والدته حرقا بسبب تعاطى المخدرات فى الشرقية للمفتى

مبابي يسحب شكواه بالإبتزاز وسوء المعاملة ضد باريس سان جيرمان

خطوات اختيار الرموز الانتخابية للمرشحين فى انتخابات مجلس الشيوخ .. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى