كرم جبر يكتب: فتنة الحريم

كرم جبر
كرم جبر
"عبير".. الشرارة التى فجرت أحداث إمبابة لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة، قبلها كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين ونجلاء الإمام، وأخريات، حققن "شهرة سوداء" واسعة بسبب التحول الدينى، ولكن السبب المباشر والرئيسى فى الاحتقان الذى انقلب إلى عنف وحرق وتدمير، وسقوط قتلى وجرحى، وتهديد أمن واستقرار الوطن، حتى أصبحت مصر بحق فى خطر داهم.

هى إذن فتنة نسائية أو عاطفية أو جنسية، هكذا تبدأ، ثم ترتدى عباءة دينية، ولو أن فتاة مسلمة مثلها فعلت نفس الشىء مع شاب مسلم من دينها، وهربت من أهلها، وألحقت بهم الخجل والعار، لو وقعت نفس الأحداث بصورة مصغرة، خصوصا فى الصعيد، يرفع الجميع شعار "لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى حتى يراق على جوانبه الدم"، وتشتغل النيران أكثر إذا كانت الفتاة من عائلة كبيرة، أو من بين أقربائها مجموعة من الشباب المتشددين دينيا.

العلاج الآن بالتراخى والمسكنات وليس بالسرعة والحسم، مثلما ظلت أزمة كاميليا شحاتة تنمو وتكبر حتى أصبحت حربا، ولو ظهرت منذ البداية وأعلنت أنها مسيحية، ولم تعتنق الإسلام، لقتلت الفتنة فى مهدها، وتزداد الأزمة تعقيداً بالظهور المكثف لرجال الدين و"كذابين الوحدة الوطنية" فى وسائل الإعلام، وهم يتحدثون خطاباً مزيفاً وهزيلاً عن الوحدة الوطنية والنسيج الواحد، بينما النيران الزاحفة تحرق مثل هذه النصائح الأبوية التى عفا عليها الزمن.

الكنيسة والمسجد احتلا مكان الدولة، ولأن الطريق إلى العدالة القانونية أصبح مسدودا، واللجوء إلى الكنائس عند الأقباط هو البديل الآمن الذى يحقق مطالبهم ويسترد حقهم، وانتقلت نفس اللعبة إلى المساجد بعد مظاهرات استعراض العضلات للسلفيين، الذين استغلوا حالة هشاشة الدولة فى فرض نفوذهم وإرادتهم.

حرق البلد بالشائعات الذى تنمو مثل "الحمل السفاح" فى أجواء التراخى و"الطبطبة" والضعف والتعتيم، ويلعب الإنترنت والفيس بوك دور البطل الشرير، الذى يحشد النفوس الغاضبة والحناجر الزاعقة، فيغيب صوت العقل والضمير، ويعلو الصخب والضجيج، وتنطلق الحشود كالقطيع ترفع شعارات دينية كاذبة، بعيدة كل البعد عن حقيقة المشكلة، وإذا غابت العقول، استيقظت الفتن.

انتهى زمن التسامح الدينى، ولم تعد مصر هى المعدة الكبيرة القادرة على هضم كل المحن والأزمات، وانتحرت العبارة الخالدة "الدين لله والوطن للجميع".. ولم يعد المصريون هم الشعب الواحد الذى لا تستطيع أن تميز فيه بين المسلم والمسيحى، فهذا يحمل صليبا، وهذا يرفع مصحفا، أحدهما هتف "بالروح بالدم نفديك يا صليب" والآخر "واإسلاماه".. ويتم استنزاف المخزون الاستراتيجى الهائل الذى كان يحمى ظهر الأمة فى مواجهة المحن والنكبات.

الحل هو أن ينسحب رجال الدين المسلمون والمسيحيون إلى مساجدهم وكنائسهم، وأن يوقفوا لعبة "تديين" و"تسييس" مثل هذه الأزمات، وأن يتقوا الله فى بلدهم وشعبهم، فالخطاب الدينى مهما بلغت سماحته ومودته لهم يعد قادراً على مواجهة الخطر أو إطفاء النيران، وفى كثير من الأحيان يزيد الحرائق اشتعالاً.

الحل.. هو أن تسترد الدولة هيبتها بسرعة، وإذا استمر هذا التدهور، فالخراب قادم لا محالة، ولا توجد دولة فى العالم تحكم بعساكرها بل بهيبتها، وأول خطوات استمرار الهيبة هو وقف الاعتداءات الصارخة على المحاكم ومديريات الأمن وأقسام الشرطة والمرافق العامة.

الحل.. هو إنشاء مجلس قومى للإعلام، من قادة الرأى والفكر والصحافة والفضائيات، ليضعوا بأنفسهم ميثاق شرف فى القضايا الوطنية الخطيرة، وفى صدارتها الوحدة الوطنية لأن بعض وسائل الإعلام تقوم بترويج الفتن والشائعات، حتى لو كان الثمن هو مصلحة الوطن.

الحل هو أن يصبح للقانون ذراع طويلة، تستطيع أن تضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه المساس بأمن الوطن واستقراره، أما أن تظل مثل هذه القضايا تائهة فى أقسام الشرطة والنيابات والمحاكم لشهور وسنوات طويلة.. فهذا هو الخطر بعينه.

الحل.. هو إعادة إحياء القيم النبيلة التى تحض على التسامح وتجسد المفاهيم السامية للأديان، وإحياء روح مصر فى جسد الوطن، مصر التى نسيناها، وأخشى أن تنسانا.

الحل.. هو أن تقوم الشرطة، وأن كنت أشك فى ذلك كثيرا، لأنها لا تستطيع النزول إلى الشارع إلا فى حماية الجيش، والشرطة التى تبحث عمن يحميها لا تستطيع أن تحمينا، خصوصا أن أيدى جنودها وضباطها مرتعشة خوفا من المساءلة والمحاكمة والسجن.

الحل.. فى استنهاض روح المصريين لمواجهة الخراب، وكما تقول الحكمة الفرعونية القديمة، فالمصريون يتحولون إلى روح واحدة فى جسد واحد إذا شعروا بالخطر، ومصر بالفعل أصبحت فى خطر.


أخبار متعلقة:


◄ "تحضيرية الانتفاضة الفلسطينية" تتهم إسرائيل بالتورط فى أحداث "إمبابة"
◄"حريات المحامين" يحمل "المهووسين دينيا" مسئولية أحداث إمبابة
◄الصحة: الحصيلة النهائية لأحداث إمبابة 242 إصابة و12 قتيلا

◄تشييع جنازة حارس كنيسة العذراء بإمبابة
◄"إخوان سوهاج" يحملون "الوطنى" مسئولية أحداث إمبابة
◄وفد "بيت العيلة" يزور كنيستى مارمينا والعذراء بإمبابة

◄لليوم الثانى..وقفة أمام مكتبة الإسكندرية احتجاجاً على أحداث إمبابة
◄الجماعة الإسلامية تدين أحداث إمبابة.. وتؤكد: حاولنا منعها
◄أسقف مغاغة يطالب بسرعة القبض على المتورطين بـ"حادث إمبابة"

◄حمدين صباحى: فتنه إمبابة هدفها تعطيل محاكمة الفاسدين
◄محافظ الجيزة: 6 ملايين جنيه قيمة خسائر أحداث إمبابة
◄القبض على 23 شخصا من بينهم المتهمان الرئيسيان فى أحداث إمبابة
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وزير الدفاع الإسرائيلى: قريبا سنفتح أبواب الجحيم على حماس فى غزة

الكيس تحول لخراج.. قلق جمهور أنغام على حالتها الصحية بعد التطورات الأخيرة

مظاهرة فى برشلونة تندد بالعدوان الإسرائيلي على غزة وتطالب بقطع العلاقات

جريمة قتل تقلب حياة نجلاء بدر وسط صراعات عائلية فى مسلسل أزمة ثقة

زلزال بقوة 7.5 درجة يضرب ممر دريك بين أمريكا الجنوبية والقارة القطبية


النيجر: الأمطار والفيضانات تتسبب فى مصرع ما لا يقل عن 47 شخصا منذ بداية العام

القاهرة تدرس غلق شوارع بوسط البلد ومصر الجديدة وتخصيصها للمشاة فقط.. المحافظ: شارع إبراهيم باشا بالكوربة الأبرز وإنشاء اتحاد شاغلى الشوارع للحفاظ على العقارات التراثية.. و"الخديوية" تشهد تكرار نماذج شارع الألفى

ملف التجديد يهدد مستقبل أحمد حمدي مع الزمالك

الصحة العالمية: نصف سكان العالم يعانون من مضاعفات ارتفاع حرارة الجو

هل يستحق المستأجر تعويض حال انتهاء المدة الانتقالية بقانون الإيجار القديم؟


زيلينسكى يطالب بضغط أوروبى على روسيا: بوتين لا يفهم سوى لغة القوة

ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي.. محمد صلاح يتحدى هالاند

"إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها".. موضوع خطبة الجمعة اليوم بمساجد مصر

مواعيد قطارات القاهرة أسوان والإسكندرية أسوان والعكس اليوم الجمعة 22-8-2025

موعد مباراة الزمالك المقبلة بعد الفوز على مودرن سبورت

أحمد سامي يدرس استمرار صبحي سليمان على حساب جنش في حراسة عرين الاتحاد

حضور قوى من المحافظات فى اليوم السادس لاختبارات مسابقة دولة التلاوة (فيديو)

الجمهور يرفع علم مصر فى حفل على الحجار بمهرجان القلعة خلال تقديمه أغانى وطنية (صور)

غدا أخر فرصة للتقديم.. فرص عمل فى السعودية بمرتبات 80 ألف جنيه شهريا

اهداف مباريات الخميس 21 – 8 – 2025 بالدورى الممتاز

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى