ننشر نص كلمة شيخ الأزهر فى احتفالات وزارة الأوقاف بحضور مرسى

مرسى
مرسى
ننشر نص كلمة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، فى احتفال وزارة الأوقاف بالمولد النبوى الشريف، بحضور الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية.

بسم الله الرحمن الرحيم
ــــــــــــ
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتم المرسلين، وعلى آله وأصحابِه أجمعين.. وبعدُ:
فخامة السيد الرئيس أ.د/ محمـــد مـرسى رئيس الجمهورية
الإخوة الحضور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد؛؛؛
فمنذ ما يَقرُبُ من ألفٍ وخمسمائة عامٍ تفتَّحت أكمامُ الوجود عن أجملِ وأنبل وأطيب ما فيه، فولدتِ الإنسانَ الكاملَ؛ محمدًا - ﷺ- الذى اصطفاه ربُّ العالمينَ خاتمًا للنبيين، ورسـولاً للبشرِ أجمعــين،{مَّا كَانَ مُحَمَّـــدٌ أَبَا أَحَـــــدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُــــولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}(الأحزاب:40)، لقد كانَ مبعثُه - ﷺ- استجابةً لدعواتٍ مباركة، فى لحظةٍ مباركة ومقامٍ كريم عظيم {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {2/127} رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {2/128} رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ }. (البقرة 127- 129).

فكان ميلادُه - ﷺ- ميلادًا للأُمةِ المسلمةِ التى تستمدُ وجودَها الروحى وكيانها المعنوى وشرفَها وعِزَّتها من هَدى هذا النبيِّ- ﷺ- ومن الوحى المنزَّل عليه الذى تكفَّل مُنزِلُه بحفظِه { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ } (الحجر: 9).
ومن سُنَّته الباقية فى أُمَّته، يقومُ عليها الهداةُ الربَّانيون والعلماءُ العاملون والدعاةُ المصلحون: ((عليكم بسنَّتي، وسنَّةِ الخلفاء الراشدين المهديِّين من بعدى)).

إنه الرحمةُ المهداة، والنعمةُ المُسداة لأمته وللإنسانية { لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } (التوبة:128). {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ } (آل عمران: 159).
وإنَّ أمته هى الأمَّةُ الأخيرةُ الخيِّرةُ { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ} (آل عمران: 110)، أمةٌ تفعلُ الخير وتدعو إليه، وتشهدُ بالحق وتشهد عليه { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {22/77} وَجَاهِدُوا فِى اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِى هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ {22/78}(الحج: 77- 78).

فالاعتصامُ بالله، والتوكلُ عليه سبحانه، والتمســكُ بهديِه والاجتماعُ عليه، هو العصمةُ الحافظةُ لنا من الفرقةِ، والضامنةُ لمسيرتنا على طريق الهدايةِ { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ {3/102} وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (آل عمران: 102- 103).

أيها الإخـــوةُ الحضــــورُ: تأتى الذكرى العطرةُ الطاهرةُ لميلادِ النبى الخاتم رسولِ الإنسانية محمدٍ - ﷺ - ومصر العزيزة، تستنهضُ أبناءَها الشرفاء، أنْ يكونوا على المستوى المطلوبِ، والمسئوليةِ الجادَّةِ، وهم يتحوَّلون بها من مرحلةٍ إلى مرحلةٍ أفضل، على طريق الحريةِ والتقدمِ والأمنِ والرخاءِ، وتُناديهم مصرُ بأعلى صوتِها ألا يُشمِتوا بها الأعداءَ وأن يكونوا بررةً أوفياءَ، يُبصِرون المستقبلَ ويستشرفون آفَاقَه بوعى وأملٍ وثقةٍ فى الله تعالى.

ولقد كان لصاحبِ هذه الذكرى - ﷺ - هديُه وتوجيهُه فى الحفاظِ على الأوطانِ، وحُرمةِ أراضيها وتُرابها، وضرورة اجتماعِ أهلِها على كلمةٍ واحدةٍ، والدارسون لسيرتِه - ﷺ - والمتتبعونَ لمسيرتِه وجهادِه فى العهدين: المكى والمدنى على السواءِ، يعلمونَ هذا الهدى النبوى ويَعُونه جيدًا، ولا يَزال المسلمون يحفَظون قولَه - ﷺ -: ((يدُ اللهُ مع الجماعةِ، ومَن شذَّ شذَّ فى النار)) وقوله: ((ولن تزالَ طائفةٌ من أمَّتى قائمين على الحق لا يضرُّهم من خالفهم حتى يأتى أمر الله)).
ومن كريم الموافقات أنْ يأتى المولدُ النبوى الشريفُ ويومُ الثورةِ المصريةِ المبارَكةِ فى يومين متعاقبَيْن، وكأنَّ هذا توجيهٌ للأمة كلِّها أن تستمدَّ من سِيرته الشريفة ما يدعونا إلى وحدةِ الصفوف، واتفاقِ القلوب، والعملِ على ما فيه تقدُّم هذه الأمة وحمايتها من كل شر وسوء.

إنَّ حبَّ الوطنِ من الإيمان، ولقد كان - ﷺ - وهو فى المدينةِ المنورةِ يحنُّ إلى مكةَ حنينًا متجددًا ولمَّا عاد إليها ه كل شر وسوء . تستمد من سيرته الشريفه ما يدعونا إلى وحده الصفوف عمل على صِيانتها، وتأكيدِ حُرمتِها وإشاعةِ السلمِ والأمنِ فيها.

وجديرٌ بنا أنْ نتأسَّى به فى الحِفاظِ على مصرَ والعمل على كلِّ ما يُحقِّقُ لها الأمنَ والسلامة والاستقرار والعلم والجدارة والانطلاق.

ولا ننسى فى هذه الذكرى الطيبة أن نترحَّم على شُهَدائنا الأبرارِ الذين جادُوا بأرواحهم من أجلِ وطنِهم وأمَّتِهم، وهم الآن فى عليِّين {فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } (آل عمران 170).

هذا، ونتقدَّم لمصرَ رئيسًا وحكومةً وشعبًا وللأمَّةِ الإسلاميةِ كلها بخالصِ التهنئةِ وبالدعاءِ إلى اللهِ تعالى أنْ يأخُذَ بأيدينا جميعًا، وأنْ يُوفِّقَنا لفتحِ بابِ الأملِ أمامَ المواطنينَ لتحقيقِ طموحاتِهم وتطلُّعاتهم لمستقبلٍ واعدٍ كريمٍ - بمشيئة الله - ينعمُ فيه الجميعُ بالخيرِ والرخاءِ والازدهارِ والاستقامةِ على طريقِ اللهِ، وهو نِعْمَ المولى ونِعْمَ النصير. {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } (آل عمران: 104).

وكلُّ عامٍ وأنتم بخير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛
تحريراً فى : 12 من ربيــع أول سـنة 1434ﻫ
المــــــوافـق : 24 من ينـــاير سـنة 2013 م شـيخ الأزهـر
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

علشان تختار لولادك صح.. الفروق بين نظام البكالوريا والثانوية العامة

تفاصيل بلاغ أرملة جورج سيدهم ضد منتحلى شخصيتها لجمع تبرعات باسمها

دولارات وذهب.. أبناء شقيقة أحمد شيبة يسرقون ملايين من شقة خالهم بالعجمى

ذكرى رحيل عملاق الطرب محمد عبد المطلب.. عاش بفنه رغم الغياب

عرض كويتى جديد لاستضافة السوبر الرباعى المصرى


إقالة مسئول رفيع بالخارجية الأمريكية بسبب عبارة "لا ندعم التهجير القسرى للفلسطينيين"

القبض على البلوجر نورهان حفظى لنشرها فيديوهات منافية للآداب

مفاجأة فى عينة تحليل المخدرات لسائق حادث كورنيش الشاطبى بالإسكندرية

قفزة غير مسبوقة بالحزمة الاجتماعية: علاوة الحد الأدنى تتضاعف 5 مرات بـ4 سنوات

الرئيس السيسى يتوجه إلى السعودية تلبية لدعوة الأمير محمد بن سلمان


تنفيذ حكم الإعدام فى دبور "سفاح الإسماعيلية"

ذكرى ميلاد عزت أبو عوف.. كيف انتقل من مشرط الطبيب إلى أوتار الموسيقى

جوائز فردية مرموقة فى دولاب محمد صلاح بعد جائزة رابطة اللاعبين المحترفين

سواريز يسجل ثنائية فى فوز إنتر ميامى ضد تايجرز تحت أنظار ميسى.. فيديو

محكمة جنايات دمنهور تصدر حكمها اليوم على توربينى كفر الدوار

محافظة الجيزة تتصدى لمخالفات البناء.. إزالة 6 أبراج فى حى الهرم ومجازاة مسؤولين لتقاعسهم عن تنفيذ قرارات إزالة.. المحافظة تحذر المواطنين من شراء وحدات سكنية داخل عقارات مخالفة.. والمحافظ: لن نتهاون مع المخالفين

النائب العام الليبى يقرر حبس صاحب مزرعة أطلق أسده على عامل مصرى

"دولة التلاوة".. أضخم مسابقة قرآنية فى تاريخ مصر بالتعاون بين الأوقاف والمتحدة

فرص عمل فى الأردن برواتب تصل إلى 24 ألف جنيه.. اعرف الشروط والتفاصيل

مشاركو مسابقة دولة التلاوة يروون تجاربهم فى حفظ القرآن الكريم (فيديو)

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى