د.أشرف إسماعيل عزب يكتب: حتى يتحقق التوازن بين المؤجر والمستأجر

عقارات - أرشيفية
عقارات - أرشيفية
من المتعارف عليه أن عقد الإيجار من أقدم العقود عهدا، وقد نشأت الحاجة إليه لينظم العلاقة بين فريقين، فريق المؤجرين الذين يريدون استغلال أموالهم على خير وجه، وفريق المستأجرين الذين يريدون الانتفاع بالشىء الذى لا يستطعون امتلاكه.

ويعد عقد الإيجار من أكثر العقود تداولاً بين الناس، مما ينتج عنه وجود اتصال دائم بين المؤجر والمستأجر طوال مدة الإيجار، الأمر الذى يمكن القول معه إن تنظيم هذه العلاقة يتصل اتصالاً وثيقاً بالسلام الاجتماعى، وبكفالة الطمأنينة للمواطنين، مما يستوجب دائماً أن تكون القواعد القانونية التى تحكمها فى غاية الوضوح والدقة حتى يمكن ضبط هذه العلاقة التى تتسم بالاستمرار من ناحية، فضلاً عن بيان حقوق كل من طرفيها، سواء المؤجر أو المستأجر من ناحية أخرى.

وإذا استطاع المشرع أن يصل إلى نقطة التوازن فى تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، حيئنذ يمكننا وصف التشريع المنظم لها بأنه تشريعاً عادلاً، على اعتبار أن هذه العلاقة تأتى فى المجتمع على جانب كبير من الأهمية، لأنها تنطوى على جوانب اجتماعية وأخرى اقتصادية.

فمن الوجهة الاجتماعية يجب أن يحتوى قانون الإيجار على أحكام تستهدف تحقيق التضامن بين المؤجر والمستأجر، توصلاً إلى الائتلاف والتضامن وتجنباً للاختلاف والتصادم، ومن الوجهة الاقتصادية يجب أن يحافظ هذا القانون على حقوق رأس المال غير المستغل والذى يمثله المؤجرين، على ألا يغيب عن البال – فى ذات الوقت – تلك الطبقة الكثيرة العدد والتى يمثلها المستأجرون.

وينظم تلك العلاقة فى المجتمع المصرى القانون الصادر فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر الصادر بالقانون رقم 136 لسنة 1981 وتعديلاته.

ولقد وضع المشرع المصرى فى القانون المنوه عنه- بعد تعديله- قاعدة عامة مجردة تقضى بإخضاع المبانى المؤجرة لغير أغراض السكنى لزيادة دورية، تحددت فئاتها بنسبة معينة من القيمة الإيجارية المتخذة أساسا لحساب الضريبة على العقارات، المبنية وتختلف باختلاف تاريخ إنشاء المبنى، واعتبرها المشرع فى حكم الأجرة.

والجديد بالذكر أن تقرير اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والتعمير ومكتب لجنة الشئون الدستورية والتشريعة بمجلس الشعب أفصح عن الغاية التى تغياها المشرع من تقرير القاعدة العامة المتعلقة بزيادة القيمة الإيجارية للمبانى المؤجرة لغير أغراض السكنى، حيث أشار إلى أن المشرع قد توخى بذلك المحافظة على المبانى القديمة باعتبارها ثروة قومية يجب الحفاظ عليها وإطالة أعمارها، وأن ضآلة إيجار هذه المساكن تجعل ملاكها يعزفون عن صيانتها وترميمها، وأنه لما كانت مصلحة سكان هذه الأماكن، فضلاً عن الصالح العام الذى يتمثل فى كون هذه الأماكن ثروة قومية يجب الحفاظ عليها، وعدم زيادة أعباء سكانها، وفى نفس الوقت رعاية مصالح ملاكها، وذلك كله فى إطار من التكافل الاجتماعى، لذا كانت هناك ضرورة لتحريك أجرة الأماكن القديمة المؤجرة لغير أغراض السكنى بنسب تتفاوت بحسب تاريخ إنشاء المبانى.

ومن المعلوم أن المشرع بذلك قد أبقى أجرة الأماكن المؤجرة لأغراض السكنى على حكم ما تقضى به القواعد السابقة، فلم تشملها قاعدة الزيادة ولم يضف إليها جديداً فى هذا الشأن.

وإذا كانت الاعتبارات التى استند إليها المشرع فى تقرير الزيادة بالنسبة للأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى تتمثل فى تحقيق المصلحة العامة، وتعويض ملاكها عن انخفاض أجرتها والحرص على توفير مصدر لتمويل تكاليف ترميمها وصيانتها، واعتبارها من عناصر الثروة القومية -على نحو ما أسلفنا - فإننا نرى أن هذه الاعتبارات ذاتها تنسحب كذلك على المبانى المؤجرة لأغراض السكنى باعتبارها أحد عناصر الثروة القومية التى يجب الحفاظ عليها، فضلاً عن ضرورة تعويض ملاكها عن انخفاض أجرتها.

وعلى هذا النحو يكون المشرع بحرمانه لطائفة معينة من الملاك من الحق فى زيادة الأجرة، قد أقام تفرقه بين طائفتين من الملاك انتظمتهم أسس موحدة تستوجب أن يخضعهم المشرع لقاعدة قانونية موحدة ومجردة، وتؤدى هذه التفرقه إلى الإخلال بمراكز قانونية متماثلة، مما ينطوى على اهدار لمبدأ المساواة بينهم وبين الملاك الذين لم يحرموا من هذا الحق.

وفى سياق متصل أكدت المحكمة الدستورية العليا المصرية على أن الأصل هو أن يتحقق التضامن بين المؤجر والمستأجر من الوجهة الاجتماعية، وأن تتوافق مصالحهما ولا تتنافر من الوجهة الاقتصادية، وإلا كان كل منهما حرباً على الأخر ينتهز الفرص لأكل حقه بالباطل ولا يجوز بالتالى أن يميل ميزان التوازن بينهما لتكون الحقوق المقررة لأحدهما إجحافاً وإعناتاً وقهراً، وليس من المتصور أن يكون مغبون الأمس –وهو المستأجر – غابناً، ولا أن يكون تدخل المشرع شططاً وقلباً للموازين ترجيحاً لكفته لتكون أكثر ثقلاً، وليحل الصراع بين هذين العاقدين بديلاً عن اتصال التعاون بينهما.

وتأسيساً على ما تقدم يحدونا الأمل فى أن تعُجل الحكومة المصرية الحالية بإعداد مشروع بتعديل بعض أحكام قانون تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر الصادر بالقانون رقم 136 لسنة 1981 من الآن، حتى يمكن طرحه فى أول دورة برلمانية لمجلس النواب المصرى بعد انتخابه بإذن الله، وذلك بهدف إقامة علاقة متوازنة وعادلة بين المؤجر والمستأجر، على اعتبار أن التدنى الشديد فى القيمة الايجارية التى لا تتناسب على الإطلاق مع قيمة ومساحة وموقع معظم الأماكن المؤجرة لأغراض السكنى، تجعل من الأهمية بمكان أن تأخذ أجهزة الدولة المعنية خطوات جدية وسريعة لتصحيح وتصويب تلك الأوضاع غير العادلة على الإطلاق.

حفظ الله مصر وشعبها العظيم.

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الموزع عمرو عبد الفتاح: العمل مع نوال الزغبي ممتع وسلس

محمد صلاح يزين قائمة أفضل 10 هدافين في تاريخ دوري أبطال أوروبا

الأهلى وبيراميدز الأهم.. انطلاق الجولة الخامسة لدوري nile غداً

أنغام توجه رسالة مؤثرة لجمهورها بعد عودتها لمصر: دعواتكم دوايا الحقيقى.. فيديو

قانون التأمينات يحدد 4 حالات لمنع صرف تعويض الأجر والإصابة للمؤمن عليه


دولاب مخدرات متحرك.. اعترافات 6 متهمين يروجون هيروين بتوك توك فى القاهرة

قرعة دوري أبطال أوروبا.. قائمة تاريخية جديدة تنتظر محمد صلاح

رشق رئيس الأرجنتين بالحجارة والزجاجات

شروط استحقاق تعويض البطالة.. عدم الاستقالة وقيد الاسم بمكاتب القوى العاملة

موعد مباراة الزمالك أمام وادى دجلة في دوري نايل والقناة الناقلة


بعد تورط التيك توكرز فى جرائم غسل الاموال.. اعرف العقوبات ومفهوم الجريمة ؟

ثنائية دارى وبيكهام تظهر فى تشكيلة الأهلى أمام بيراميدز

زى النهارده.. الأهلى بطلا للسوبر المحلى للمرة الأولى في تاريخه

اليوم.. آخر فرصة لطلاب الثانوية "دور ثان" للتقديم بكلية الشرطة

تعرف على كل المتأهلين إلى دورى أبطال أوروبا 2026 قبل قرعة اليوم

السيسي وبن زايد بين الناس.. صور تذكارية مع المواطنين فى العلمين

شبورة وأمطار متفرقة.. حالة الطقس المتوقعة اليوم الخميس 28 أغسطس 2025

رئيس البنك الأهلي: لم نرفض رحيل أسامة فيصل للأهلي.. واللاعب رغبته البقاء

الأهلي يوجه الشكر للرئيس السيسي بعد تصديقه على قانون الرياضة

أصوات تبلغ عنان السماء فى دولة التلاوة بالإسكندرية.. منصور عادل كان يقطع 20 كيلومتر للمعهد الأزهري.. قرأ القرآن في دول مختلفه ويتمنى الفوز.. أحمد الجمال يشكر وزير الأوقاف والشركة المتحدة على إطلاق المسابقة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى