المصرى "ابن بلد" ولا "متحرش" ؟

باسم فؤاد
باسم فؤاد
بقلم باسم فؤاد
لا يخلو فيلم "أبيض وأسود" تدور أحداثه فى حارة أو زقاق بأحد الأحياء الشعبية المصرية من شخصية "ابن البلد" الذى يخوض عراكًا مع من يتعرض لـ"بنت حتته" بأذى لأنه ببساطة "جدع"، حتى أصبحت المروءة والشهامة صفات تفردت بها الشخصية المصرية وغدت جزءًا من تكوين المصريين.

فى حوار مع صديقتى الإسبانية حول الفرق بين المجتمع المصرى والشرقى بصفة عامة والمجتمعات الغربية ذكرت لى حادثًا تعرضت له فى شوارع القاهرة حينما حاول لص يستقل دراجة بخارية سرقة حقيبتها فى غفلة منها، فأخذت تصرخ بالإسبانية مرة وبالإنجليزية مرة أخرى وببعض الكلمات العربية مما تعلمت، ولأننا شعب "نحب نخدم" أسرع المارون نحو اللص حتى أمسكوا به و"عينك ما تشوف إلا النور" خرج من بين أيديهم غارقًا فى دمائه بعد محاولتهم نيل شرف الوصول لوجهه بلطمة أو لمؤخرته بـ"شالوط" حتى إن حضر أحدهم متأخرًا وسأل عن أمر هذا الشاب وبمجرد سماعه كلمة "لص" لا يمر سوى أن يترك بصمة كفيه على وجهه، قبل أن يمضى فى طريقه، وعادت الحقيبة لصاحبتها التى فوجئت برد فعل الناس وانهالت عليهم بكلمات الشكر والمدح بجميع اللغات.

سألتنى الفتاة الأوروبية، تخيل لو حدث هذا الموقف فى بلدى – إسبانبا – ماذا يمكن أن يكون رد فعل الناس فى الشارع؟ فأجبت فى ثقة: لن يختلف عما قام به الناس فى مصر، فابتسمت وقالت: لن يأبه أحد من المارين بصراخى وعويلى، وسيمضون إلى حيث هم ذاهبون!
وما إن انتهت من حديثها حتى شعرت بالنشوة والفخر يملآنى وقلت فى قرارة نفسى "لا ده إحنا جدعان قوى".

لم تستقر تلك الصورة فى ذهن الفتاة الأوروبية طويلا، ففى يوم كانت عائدة إلى منزلها بوسط البلد، اعترضها ثلاثة صبية، على وجوههم ابتسامة مبهمة، فبادلتهم الابتسامة نفسها من باب المجاملة، فظنوا أن "السنارة غمزت"، وطبعًا "الستات الأجانب بيموتوا فى المصريين عشان المصرى معروف بجبروته".
اقتربوا منها حتى أحاطوها من كل جانب، كإحاطة القطيع فريستهم قبل التهامها، انتابها القلق، وحاولت أن تسألهم بالإنجليزية عن مرادهم وإن كان بوسعها مساعدتهم، قدمت لهم حقيبتها اعتقادًا منها أنهم لصوص، بل هم أضل سبيلا.

وفجأة، انهالوا على جسدها يتحسسونه وكلما رفضت وأظهرت سخطها ظنوا أنها تتمنع، فيتجاذبونها بعنف وقسوة، وصرخت فى المارين تطلب المساعدة لكن فى تلك المرة دون جدوى، ولم يجد صراخها مكانًا فى النفوس.
حكت لى هذا المشهد القاسى وعينيها تتلألآن بالدموع ، كيف يمكن أن يحدث هذا على مرأى ومسمع من الناس، ولم يحرك أحدهم ساكنًا للزود عنها، وإن كان هؤلاء هم المصريون، فمن إذن الذين أعادوا لها حقيبتها؟ هل تخلى أهل مصر عن شهامتهم بين ليلة وضحاها؟


أجبتها فى أسف: فى بلادى المرأة هى الجانى والمجنى عليه فى نفس الوقت

إذا وقفنا أمام هاتين القصتين ، يعتقد البعض أننا بصدد نموذجين مختلفين من المصريين، والواقع أنه لا اختلاف بينهما، فمن قاموا بنجدة الفتاة الإسبانية مع اللص ، هم نفس الأشخاص الذين لم يأبهوا بتحرش الصبية بها، وذلك لأننا نعيش فى مجتمع ذكورى متناقض، يحتفظ فيه الرجل بمكانته وباحترام الناس له مهما ارتكب من حماقات، بينما المرأة فليس لها من شفيع ، نرفض أن ينال الآخرون من نسائنا ولو باللفظ ، بينما لا نرى غضاضة أن ننال من نساء الآخرين .
ورغم شيوع التحرش فى الشارع المصرى، لم نلمس تحركًا ملموسًا من مؤسسات الدولة للقضاء على الظاهرة ، فكل القوانين الصادرة ضد المتحرش لم تكن رادعة ولم نسمع عن إضافة درس فى كتب التربية والتعليم يتناول القضية ويحاول معالجتها، علمًا بأن هذا السلوك غالبًا ما يخرج من طلاب فى مراحل التعليم المختلفة، ولم يخرج يوم الجمعة خطيب يتحدث عن حرمانية التعرض للنساء، ناهيك عن أغانى " أديك فى الأرض تفحر" وأمثالها التى لم نجنِ من ورائها إلا جيلا من "الهمج"، رغم أن فلك المحللين والخبراء عند تفسير تلك الظاهرة، يدور حول الحالة الاقتصادية السيئة وما نتج عنها من بطالة وتأخر سن الزواج، أدى ذلك لكبت جنسى يعانى منه الشباب، أقول لهم أى كبت جنسى يا سادة عند صبية لم يتعد عمرهم الـ15 عامًا.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أسرع قطارات السكة الحديد.. اعرف مواعيد وأسعار قطار تالجو اليوم الخميس 22- 5- 2025

قبل العيد.. أماكن معارض السلع والأضاحى بأسعار مخفضة فى محافظة القاهرة

صناعة الدواجن آمنة ومستقرة.. وطلبات تصدير جديدة إلى الدول العربية والأجنبية.. الخدمات البيطرية: المزارع مستقرة ومطمئنة وجميع التحصينات متوافرة.. الثروة الحيوانية: مصر حققت مكانة متقدمة باستثمارات 200 مليار جنيه

مقتل اثنين من موظفى السفارة الإسرائيلية في إطلاق نار بواشنطن

74% من القراء يطالبون بحظر إقامة شوادر بيع الأضاحى بالطرقات


رويترز: زلزال بقوة 6.5 درجة يضرب جزيرة كريت اليونانية ويشعر به سكان مصر

هزة أرضية يشعر بها سكان القاهرة الكبرى

تمثال ميريت آمون يخطف الأنظار بمتحف الغردقة.. قصة الأميرة الأكثر سحرا (فيديو)

زعيم كوريا الشمالية غاضبا بعد فشل تشغيل سفينة حربية: إهمال لا يمكن أن يغتفر

مرموش يتخطى المحمدي ويطارد تريزيجيه بقائمة الهدافين المصريين في إنجلترا


الأهلى أمام جمعية الساحل التونسى فى نصف نهائى الكؤوس الأفريقية لسيدات اليد

الكبش العملاق.. أكبر خروف فى أسواق الإسكندرية وزنه 120 كيلو (فيديو)

سيناريوهات تنتظر سفاح التجمع أمام النقض بعد تحديد جلسة الطعن على حكم إعدامه

إمام عاشور من داخل أحد المستشفيات: الحمد لله على كل شىء (صورة)

ودّع مشروبات الطاقة.. بدائل طبيعية وآمنة لزيادة التركيز فى الامتحانات

ريفيرو مدرب الأهلي الجديد .. يفضل الكرة الهجومية ويملك معدل أهداف عال خارج الأرض

يويفا يعتمد رسميا نظام التأهل ليورو 2028 ويزيد قوائم منتخبات دورى الأمم

رئيس الوزراء: الدولة تعمل على رفع كفاءة واستغلال كل شبر من الأراضى المتاحة

شاهد.. لحظة إطلاق إسرائيل النار على وفد دبلوماسى يضم سفير مصر.. فيديو وصور

"أصحابه حاولوا ينقذوه وفشلوا".. غرق طالب بالمرحلة الإعدادية فى النيل بدسوق

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى