د.محمد ممدوح عبد المجيد يكتب: عيد الجراح والصمود

جنود مصر
جنود مصر
عندما حل العيد على الرائع المتنبى، وهو فى سجن الدولة العباسية، أخذته الحسرة، واشتد به الألم، وأنشد قائلاً: "عيد ياعيد بأى حال عدت ياعيد"؟!!!

وهو ذات السؤال الذى أبعثه اليوم مجدداً، بأى حال عدت ياعيد؟؟؟
عدت ودماء الشهداء لا تزال سارية الرائحة.. فواحة العطر.. رائعة المنظر.. بديعة الصنع.. عدت وجراحنا تنزف، دماء رفح الأولى والثانية والثالثة!!! جنود أبرار ماتوا صائمين، ثمناً للغدر والخيانة والتآمر وبيع الوطن ولو بالرخيص!!! صعدت أرواحهم إلى السماء، ويالحسن ما صعدت.. هتفت ألسنتهم بالدعاء ويالعظمة ماهتفت.. نداء الله أكبر يشق الأرض والسماء، وأرواحهم أيضاً تشق الحجب لتعلن الغضبة الكبرى على كل ظالم استباح دماء الوطن، وعلى كل متآمر قتل النفس التى حرمها الله، وعلى كل عميل هتك ستر الله علينا، فقتل أعيناً باتت تحرس فى سبيل الله.

دماء ذكية لأبناء بررة وليسوا عملاء، وطنيين وليسوا أخساء، شجعان وليسوا جبناء، مخلصين لوطنهم شرفاء، دماؤهم جرح ينزف فى جبين أبناء مصر الشرفاء.. فلتذهبوا إلى الرمال التى احتضنت دماءهم، ولتسألوا الأرض التى ستأتى يوم القيامة شاهدة على تضحياتهم، جنود أبطال، وشهداء أبرار، من المجند حتى اللواء، فروح اللواء نبيل فراج لا تزال مشرقة فى كبد السماء تغنى وتمرح قائلة " فزت ورب الكعبة".. ودماء ضباط الأمن الوطنى ترد أنهار الجنة وتصب اللعنات على كل من تآمر وخان ودفع الثمن من تراب وطنه، وثروة شعبه.. ودماء شهداء الكمائن الشرطية، بنى سويف والقاهرة والمنصورة ودمياط ومديريات الأمن بالقاهرة والمنصورة، وغيرها من الأرض الطيبة التى خرجت فوقها أرواح طيبة تعلن الثورة على القتلة والمجرمين، وتلعن فى كل نفس من أنفاسها الظلم والظالمين، ..

وتستمر قوافل الشهداء فى طريقها.. لتقدم الرجال بحق، الرجال الذين صدقوا ماعاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، ومابدلوا بوطنهم تبديلاً، رجال الجيش.. الجنود الأبرار فى رفح والعريش والشيخ زويد، جنود طور سنين والبلد الأمين، أولئك الصحب الكرام الذين دفعوا المهر غالياً لفداء كتاب رب العالمين(ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين)،

ثم يمر العيد ملتقطاً الذكريات، فتطالعه صور شهداء الفرافرة، ثم يحمل عبير رجلين من رجال مصر البررة الأوفياء، المقدم محمد أبو سريع، والمقدم خالد محمود سعفان، شهيدى بولاق أبو العلا، ليتركا أبناءهما فى عمر الزهور، ويفتديا وطنهما بأرواحهما، ..
نعم، عاد العيد بذكريات مريرة، حزينة، مؤلمة، لكنه عيد الكرامة، عيد الرجال، الرجال الذين تركوا أبناءهم وديارهم وأرضهم وأموالهم فداء لوطنهم، كان يمكنهم الفرار من أرض المعركة، وكان يمكنهم بألف طريقة العدول عن المواجهة والفداء، لكنهم لم يفعلوا، لأنهم تنفسوا ورضعوا حب هذا الوطن!!!

فى يوم عيدهم، وكل أيامهم أعياد، نوفيهم جميلاً بجميل، لقد ضحوا بأرواحهم ليفتدوا أرواحنا، وأُهدرت دماؤهم حقناً لدمائنا.

نعم هم الفائزون من كل الوجوه، وهم الخالدون عند ربهم يرزقون (والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم)، (ولا تقولو لمن يقتل فى سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون)، ولكن هذا التاريخ الأسود قاتم السواد لتلك الجماعات الملعونة، التى استباحت ما حرّم الله لا بد لها من وقفة، حتى ولو دفعنا أرواحنا نحن فداء لكرامة وطن ناضل لأجله شرفاء أبنائه على مر العصور، بداية من مينا ثم أحمس ثم قطز ثم محمد كُريم وسعد زغلول ومصطفى كامل، رجال حفروا أسماءهم فى قلب التاريخ، لأن خطواتهم كانت فى كبد التاريخ، كانت لصالح وطن ولم تكن لصالح جماعة أو حزب، لصالح شعب بأسره لا لصالح فئة مختلة العقل، مضطربة الفكر.

لقد هزمت دماء الشهداء لعنة القاتلين أبد الدهر، هزمتهم بإيمان أصحابها وحسن يقينهم أن من قدم روحه فداء لوطنه فهو شهيد وليس له من جزاء إلا الجنة.

إن تلك الدماء تفوح فى ربوع الوطن فى يوم العيد عزاً وكرامة، تحيى فينا الأمل، وتبعث فينا الطمأنينة، بأننا بحق أرض الله الآمنة، وبأن أبناءنا هم خير أجناد الأرض.

جراح كثيرة، وهموم غفيرة، وحقد وغل لهذا البلد من قلوب آثمة شريرة.

جراح تنزف فى كل شبر من أرضنا الطيبة، فى كل نجع، وفى كل قرية، يمتلئ كل بيت بصور شهداء الخلود، ويعتصر كل قلب ألماً وحزناً على فراق أولئك الأبطال بحق، الذين قدموا أرواحهم فداء لوطنهم دون أدنى تفكير أو تراجع.

ونحن نعاهدهم على إتمام مسيرتهم المباركة، بأقلامنا وفكرنا وتعليمنا لأولادنا الدين الحق، دين التسامح، دين التراحم، لنكمل ما بدأوه من مشوار، صامدين بقوتنا، قادرين بعزيمتنا، ماضين بإرادتنا، ولو تطلب الأمر فلن نبخل بأرواحنا طيبة بها نفوسنا فداء لوطننا، فليتقبل الله فى يوم الجراح والصمود تضحيات أولئك الرجال، وليحفظ الله مصر، وجيش مصر.


Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أعضاء الشيوخ الديمقراطيون يحتجون على تسريح 1300 موظف فى الخارجية الأمريكية

كانوا ينتظرون الطعام.. إسرائيل تقتل 27 فلسطينيا وتصيب 180 آخرين فى غزة

"اليوم السابع" يحصل على حق إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025

الأونروا تحذر من عواقب صحية وخيمة لانعدام المياه واكتظاظ الملاجئ في غزة

16 شهيدا جراء قصف الاحتلال الإسرائيلى مناطق متفرقة من قطاع غزة


الأهلي يبحث ترضية وسام أبو علي لإغلاق ملف الرحيل فى الصيف

روكى الغلابة ودرويش الجواهرجى وهيبتا 2 أفلام منتظرة فى السينمات قريبا

خطوات التقديم لمدارس التكنولوجيا التطبيقية والتعليم المزدوج لعام 2026

تنسيق الجامعات 2025.. خطوة بخطوة كيفية التسجيل لاختبارات القدرات؟

ولد أسيرا وارتقى شهيدا.. إسرائيل تقتل أصغر أسير فى العالم


"صحة وتعليم بالمليارات ": الحكومة تضاعف الإنفاق لخدمة المواطن.. تفاصيل

نتيجة الثانوية العامة 2025.. جار تصحيح المواد لتجهيز النتيجة

نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. جاهزة على الاعتماد والإعلان

الزمالك يتحرك لتأمين مقدمات العقود بطلب من إدوارد وفيريرا

مواعيد مباريات منتخب الناشئين فى كأس العالم قطر 2025

إخماد حريق في هيش ومخلفات بكورنيش النيل بحلوان دون إصابات

هل سيتم تخفيض تنسيق الثانوي العام بالقاهرة ؟.. اعرف التفاصيل

تفاصيل إحالة متهم بالاتجار فى مخدر الإستروكس بالجيزة للمحاكمة الجنائية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى