سيادة المحافظ "هيت لك"

ايمن عيسى
ايمن عيسى
بقلم أيمن عيسى
متفائلاً عاد من أرضه للحاق باللقاء المهم المرتقب، لما لا وقد حانت لحظة تبدو مناسبة لحل العديد من مشكلاته، فإنه بعد ساعات سيكون وجهًا لوجه مع المحافظ فى لقاء جماهيرى منتظر، يعرف الجميع أن المسئول يكون فى هذه الأوقات أكثر تفهمًا وليونة، ولا يخرج منها دون حل مشكلات فردية للعديد من المواطنين الذين أسعدهم الحظ وتمكنوا من إقناع القائمين على تنظيم لقاء المحافظ بالحضور.

يبدأ فلاح الإسماعيلية المطحون فى ترتيب أولويات مشاكله المرشحة للعرض على السيد المحافظ، فيحدث نفسه: "هل ابدأ بمشاكل الرى، أم السماد الكيماوى، أم المحاصيل التى لا تشتريها الدولة.. لا ربما احصل على قرار علاج على نفقة الدولة فقد بدأت الأمراض تهاجمنى بقوة.. لا لا يقولون إن هناك وظائف للشباب، إنها الفرصة المناسبة لمحاولة توظيف الولد سوف أعرض الأمر على المحافظ ولن يخذلنى إن شاء الله، فمنذ فترة حضرت لقاءً جماهيريًا لأحد المحافظين السابقين، وكان بشوشًا يسمع من الجميع ويعدهم بحل مشاكلهم، حسم الأمر سوف أقوم بتصوير كل المستندات الخاصة بالمشاكل التى أعانيها وأسرتى، وفى اللقاء سوف أقرر تحديد الأوراق التى أقدمها للمحافظ".

هناك وفى ديوان عام المحافظة تبدو الأمور أكثر حسمًا وتنظيمًا، كثيرون يعملون، المكتب الإعلامى يجرى اتصالاته بالصحفيين والإعلاميين لحضور لقاء المحافظ الجماهيرى بالأهالى، رجال المرور والمباحث ومجلس المدينة وصلتهم الإشارة لتأمين وتحضير طريق المحافظ حتى القرية المستهدفة للزيارة، تكليفات هنا وتكلفة هناك، فى الدول الأوروبية والمتقدمة يلتحم المسئولون مباشرة مع الجماهير فيكونون أكثر قدرة على حل المشكلات، والاستحواذ على ثقة المواطنين، لذا فإن هذه الزيارة مهمة وبها من "الشو" ما يجعلنا ننفق عليها ونجهز لها، الجميع فى انتظار بطل الحفل ليساهم فى تخفيف الإحتقان التى تسببه المشكلات المتعاقبة فى المحافظة، ومن ناحية أخرى يؤكد تلاحم النظام السياسى الحالى مع المواطن وقربه من همومه، الآن كثيرون هم من ينتظرون أداء البطل اليوم، الدولة تكلفت أموال الزيارة ولم تقصر فى تسخير إمكانياتها للحدث، والمواطنون ينتظرون لقاءً لا يتكرر كثيرًا، فماذا فعل البطل؟

بوجوه يملؤها الأمل المؤقت، دخلت الحناجر الخدمة بوصول البطل، وصفقت له الأيدى، والجميع يرتبون أوراقهم لاختيار المشكلة الجديرة بالعرض على البطل، وآخرون يرتبون كلمتهم الشفهية لعرض مشكلتهم، فى المواجهة يجلس البطل مشمئزًا عبوثًا يرى أمامه -من وجهة نظره المفتقرة لكل منطق- مجموعة من الكسالى الأغبياء الجهلة سيضيعون وقته الثمين، وربما يكلفونه تناول دواء الصداع عقب اللقاء.. يا لها من مأساة تحيط بالبطل!

بسرعة عجيبة يترجم البطل المغوار شعوره الدفين نحو المواطنين بكثير من الجمل التى لا يمكن أن ينطق بها إلا "ولى نعمة" رزق بمجموعة من الشغالين عديمى الضمير والمسئولية، فى اللحظة نفسها تتبدد أحلام معظم الحضور فى حل مشكلتهم، الجميع بلا استثناء فقدوا القدرة على استيعاب الموقف، ومعه فقدوا الكلمات التى ظلوا يحفظونها ليعرضوا بها مشكلتهم على البطل، ماذا يحدث هناك، البطل غاضب يا لحظنا العثر.

بصورة تفوق قدرة البشر على قبول الخطايا والفضائح، تتحرك يد البطل وأصابعه بطريقة سوقية تفقد كل معانى المسئولية والأخلاق والأدب أيضًا.. يا الله! ماذا يفعل الرجل، ما الذى يحدث؟ من المفترض أنه لقاء جماهيري يكون المسئول فيه فى أبهى صوره، فأين البهاء فى كل هذا الغباء..؟! اعتقد أنكم لن ترونه لأنكم ما زلتم "تزربون العيال".

فى هذه الفضيحة لا يمكن أن يتهمنا أحد بالتصيد والترصد وباقى الكلمات المعلبة التى لا يذكرها إلا مسئولو "فقر الفكر وفكر الفقر"، كمحافظ الإسماعيلية لأسباب عدة أهمها، أننا انتظرنا كثيرًا حتى نرى أى رد فعل من الحكومة تجاه "محافظ الصباع" ولم يحدث، بل أن هناك حديثًا تردد عن رفض إبراهيم محلب رئيس الوزراء فكرة استقالة محافظ حضر لقاءً جماهيريًا مع أبناء الإقليم فأشار لهم بـ"الوسطى"، كما لو أن رئيس الحكومة ينتظر المرة القادمة حتى يكرر المحافظ فعلته، فيكون رد فعل الرعايا أكثر قابلية وسعة صدر ويُسمعونه "هيت لك"، سيادة اللواء أننا فى خدمتك لكننا لا نريد أن "نزرب عيال" حتى لا نفسد عليك أوقاتك.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

المصرية للاتصالات: فصل التيار خلال الحريق سبب تأثر الخدمة.. وتعويض المتضررين

تجدد اشتعال النيران في مبنى سنترال رمسيس والإطفاء تحاول السيطرة. صور

نقل حركة الإنترنت الثابت لعملاء المصرية للاتصالات لمركز الحركة بالروضة

ما انعكاس الصراع الصيني الأمريكي على الاستثمار العالمى؟.. صندوق الثروة السيادي الصيني CIC يسحب الاستثمارات من الولايات المتحدة تزامنا مع التحولات الجيوسياسية والمالية.. وأصوله تصل لـ 1.3 تريليون دولار

سر ظهور آمال ماهر بفستان زفاف أبيض.. اعرف الحكاية


10 سيارات إطفاء تحاول السيطرة على حريق مبنى سنترال رمسيس

الزمالك يستعد للإعلان عن صفقة يد جديدة

المرور تضبط سائق سيارة نقل ثقيل يعرض حياة المواطنين للخطر.. فيديو

5 سيارات إطفاء تحاول إخماد حريق سنترال رمسيس بمنطقة وسط القاهرة.. صور

الأهلى يتسلم الاستغناء الخاص بياسين مرعي من فاركو


رسميًا.. الكرواتي إيفان راكيتيتش يسدل الستار على مسيرته نهائيًا

ريبيرو يخطر الأهلى برفض رحيل 7 نجوم بسبب أزمة وسام أبو علي

البيع النهائي يحسم انتقال محمد عاطف من الزمالك للطلائع

إحالة دعوى تطالب بصرف منحة استثنائية لأصحاب المعاشات للدائرة المختصة

موعد مباراة مصر والمكسيك فى بطولة العالم لناشئات الطائرة

فات الميعاد الحلقة 18.. دينا تواجه عمر بعد اكتشافها زواجه الثاني

حسن شيخ محمود للرئيس السيسى: "الشعب الصومالى يتطلع لاستقبالكم بحرارة"

تحدى الرمال والبحر.. تقاليع جديدة فى تدريبات المصري على شواطئ بورسعيد "صور"

تحريات لكشف ملابسات مصرع شاب غرقا فى نهر النيل بالجيزة

انتشال سيارة ربع نقل سقطت من معدية فى النيل بقنا والبحث عن شخصين مفقودين

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى