هكذا أجبرت الحياة "أم حسن" على العمل مسّاحة أحذية..مات زوجها وتركها بخمسة أطفال فاقترضت 50 جنيها من جارتها لشراء صندوق ورنيش..علمت أولادها حتى تخرجوا..وتؤكد: أطمح بالترشح بالانتخابات للدفاع عن الغلابة

السيدة آمال حسن جابر
السيدة آمال حسن جابر
كتب محمود عبد الراضى
سيدة مصرية من طراز خاص، امرأة حديدية بمعنى الكلمة، مات زوجها قبل 16 عاما وترك لها خمسة أبناء، كان عمرها 35 سنة، ولا تملك شيئا من حطام الدنيا، فلم تقف الحياة بالنسبة لها، وإنما تجلدت بالصبر، رافضة أن تمد يدها لغيرها بالرغم من حالة "العوز" التى كانت تعيشها، ووسط هذه الظروف القاسية فكرت أن تعتمد على نفسها وتحفر بأظافر صعبة فى صخور صلبة، فتجاهلت النظرات القاسية من المجتمع، وقررت أن تزاحم الرجال فى مهنة صعبة، فاقترضت 50 جنيها من جارتها، واشترت بها صندوق "ورنيش" وجلست فى الشوارع تمسح الأحذية، ومرت السنوات وكبر أولادها وكبرت أحلامها فتخرجوا من كليات القمة، ولم يتوقف حلمها عند هذا الحد، وإنما قررت أن تتعلم هى الأخرى، بالرغم من تخطى عمرها الخمسين عاماً، من أجل الحصول على الماجستير والترشح للبرلمان عن "الغلابة"، حيث بات صندوق "الورنيش" بالنسبة لها بمثابة "صندوق الدنيا".

التقت "اليوم السابع"، السيدة آمال حسن جابر 51 سنة، وشهرتها "أم حسن" سيدة بسيطة تحمل ملامح المصريين البسطاء، سمراء الملامح لا تفارق الابتسامة وجهها، تتحدث بقوة مؤمنة بكل حرف تنطقه، متفائلة دائماً ولديها أمل أكبر فى الغد.

قالت "أم حسن"، أصولى صعيدية فوالدى من أسيوط ووالدتى تنتمى إلى إحدى العائلات بنجع حمادى فى قنا، لكن ولدت هنا فى إمبابة بالجيزة فى أسرة متوسطة الحال، وحصلت على قليل من التعليم، حيث كنت فى مجتمع يؤمن بأن "البنت مالهاش غير بيت جوزها"، فتزوجت وقد كنت بنت 16 أو 17 سنة على ما أتذكر، تزوجت من رجل يعمل فى محل "صاغة"، ونظراً لكونى سيدة معمرة بطبعى فقد أنجبت منه 5 أولاد، كانت مهمتى فى المنزل إعداد الطعام ومباشرة أحوال الأطفال، بينما يتولى زوجى الإنفاق علينا، حتى اختطفه منا الموت فجأة، ووجدت نفسى بين 5 أطفال دون مصدر رزق واحد.

وتابعت "أم حسن"، شيعنا جثمان "المرحوم" وعدت إلى المنزل والتفكير ينهش فى عقلى، وسط صراخ وبكاء أطفال فى مقتبل العمر لا أعرف ماذا يخبىء لهم الزمان، وفجأة نهضت من مكانى وأسرعت إلى جارتى وطلبت منها تمنحى 50 جنيه قابلة للرد خلال يومين، فقد تمردت على الوضع القائم ورفضت أمد يدى لغير الله، لأنها "مذلة"، بالرغم من حالة "العوز" التى كنت أعيشها، وذهبت إلى منطقة رمسيس واشتريت "صندوق ورنيش"، وقررت أخوض عمل الرجال وأكون أول سيدة تعمل ماسحة للأحذية ولم أبالى بنظرات الناس إلى، فكان هدفى بالحياة تأمين مستقبل أطفالى.

وأردفت "أم حسن" قائلة"، قررت الذهاب إلى منطقة مزدحمة للعمل بها، فذهبت إلى "ناهيا"، فطردنى ماسحو الأحذية من هناك، مرددين "هى المشرحة ناقصة قتلة.. حتى الستات هيشاركونا فى أكل عيشنا"، ولم أبالى بفشلى فى أول يوم، وتوجهت من "ناهيا" إلى منطقة "مزلقان أرض اللواء"، وأستأذنت صاحب "عصارة قصب" أجلس أمامها لأمسح أحذية الزبائن فوافق، وبدأ أول يوم عمل منذ 16 سنة ولم أتوقف حتى الآن.

واستطردت "أم حسن" قائلة، مر الوقت وأصبح لى زبائن يأتون لى خاصة من السيدات، وكان البعض يرفض وضع حذائه على الصندوق أمام وجهى احتراما لى، كما عانيت من ملاحقة تجار الفاكهة بالمنطقة وطمعهم فى سيدة أرملة، فراودنى عن نفسى كثير دون فائدة، ولم يرحمونى بنظراتهم القاسية، كما كنت أحمل أصغر أبنائى على يدى وأنا أعمل، ينهش المرض والجوع فى جسدى دون أن أتوقف حتى يكتمل حلمى، حلمت أن يلتحق أبنائى بكليات القمة، وقد بات الحلم حقيقة وأضحى الخيال واقعاً، فأصبح لدى ابن تخرج فى كلية سياسة واقتصاد والثانى فى سياحة وفنادق، والثالث حصل على بكالوريوس هندسة، والرابعة حصلت على معهد تمريض، والأخير فى أولى ثانوى.

تعود "أم حسن" بذاكرتها للخلف قائلة، "تقدم العديد من الرجال للزواج منى فرفضت أن يكون لأبنائى زوج أم.. قضيت على رغباتى وأنوثتى فى سبيل حلم العمر، حتى حققت ما تمنيت، ولم تتوقف الأحلام عند هذا الحد فقد تعلمت ووصلت للجامعة ودخلت كلية الخدمة الاجتماعية "تعليم مفتوح" وخصصت يوم السبت إجازة من العمل للذهاب للجامعة لتلقى المحاضرات، وكان أولادى يداعبونى فى الصباح عندما أتوجه إلى الجامعة قائلين: "أخدتى الزمزية والسندوتشات يا ماما"، ولن تتوقف الأحلام عند هذا الحد، فهدفى الحصول على الماجستير تمهيداً للدكتوراه ثم الترشح بالبرلمان عن "الغلابة".

Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

غزل المحلة يفرض التعادل السلبي على الأهلي فى الشوط الأول

مجلس الوزراء: الخميس 4 سبتمبر إجازة رسمية بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف

استمرار تدفق المساعدات الإنسانية الباكستانية لغزة إلى مطار العريش الدولى

وزير الخارجية يؤكد ضرورة خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من ليبيا

الإسكان:‏ لم نتخذ أى إجراء بشأن إعادة التصرف فى أرض نادي الزمالك حتى الآن


أم أطفال دلجا: ضرتى أحضرت لنا بطيخة عليها اسم بنتها وكنت متوقعة إنها بتعمل أسحار

رئيس الوزراء يتابع جهود توفير منتجات البترول للصناعة والزراعة والقطاعات التنموية

حبس نور تفاحة عامين لاتهامها بنشر الفسق والفجور وبث محتوى خادش للحياء

"أنت وحدك" من مسلسل ما تراه ليس كما يبدو.. الأكثر مشاهدة على Watch it

رفض استئناف علياء قمرون على تجديد حبسها 15 يوما بتهمة غسل الأموال


مارسيليا الوجهة الأصلية لـ سيبايوس قبل نهاية ميركاتو الصيف

استشهاد الصحفى الفلسطينى أحمد أبو عزيز فى قصف إسرائيلى لمجمع ناصر

أرسنال يفتقد جهود ساكا لمدة شهر ويغيب عن قمة ليفربول

النيابة تستعلم عن حالة المصابين فى موقع حادث موكب وزير الكهرباء لسماع أقوالهم

تعرف على ما كتبته الصحفية الفلسطينية مريم أبو دقة قبل استشهادها

ريال أوفييدو ضد الريال.. فينيسيوس يثير الجدل بعد جلوسه على مقاعد البدلاء

مستوطنون إسرائيليون يقتحمون باحات المسجد الأقصى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى