النبى تبسم

د محمد على يوسف
د محمد على يوسف
كتب : د محمد على يوسف
حالة من الكآبة والتجهم صارت ملحوظة بشكل واضح بين المصريين والمصريات، كمية من النكد و(التكشير) صارت تطفو على المشهد وبدأ كثير من الناس يركنون إليها بدعوى تثاقل الهموم وتعقد المشاكل التى نمر بها على مختلف الأصعدة سواء كانت شخصية أو عامة. والحقيقة أن الأمور معقدة بالفعل والمشاكل لا يمكن إنكارها وأعباء الحياة فعلا قاسية لكن هل هذا مبرر كافٍ لدوام التجهم والعبوس والإغراق فى النكد والهموم؟ هل الحل هو التلبس بنمط الشخصية المكشرة مكفهرة الوجه عابسة المحيا مقطبة الجبين؟ وهل الاستسلام لتلك المشاعر وإظهارها بشكل دائم سيؤدى إلى تغيير أو إصلاح؟ أعتقد أن تلك الأسئلة تحتاج كثير من (المكشرين) إلى طرحها على أنفسهم.

على صعيد آخر يظن البعض أن المهابة تكمن فى العبوس ويعتقدون أن الوقار يظهر فى كمِّ التجاعيد التى ستظهر على جبينه كلما قطبه أكثر وأكثر ويتصورون أن الحشمة والمكانة إنما تنال بكآبة السمت وصرامة الوجه التى تبعث برسالة حازمة إلى من يتعاملون معهم مفادها أنهم أناس مهمومون ومنشغلون بعظائم الأمور والويل الويل لمن تجرأ على المزاح معهم أو فكر مجرد تفكير أن يخفف من توتر سمتهم وعبوس وجوههم، وهم واهمون فى ذلك فلا المكانة تنال بالعبوس ولا التكشير دليل الجدية والوقار ولا التجهم يفرج الهموم أو يحل المشكلات.

لقد كان النبى محمد صلى الله عليه وسلم أكثر الناس وقارا وأعظمهم مهابة وكان من شدة مهابته لا يستطيع أصحابه أن يُحدُّوا النظر إليه طويلا ولكنه رغم تلك المهابة والوقار كان بشوشا طلق الوجه وكان يأمر بذلك ويستحبه وكان ينهى عن احتقار المعروف ولو كان هذا المعروف طلاقة وجهك حين يقابل المرء أخاه وكان يحض على التبسم ويبين مثوبته وأن البسمة فى دين الإسلام تعد صدقة وطاعة وقربى، وكان يتبسم، كان يتبسم كما تبسم من قبله من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم حتى أن القرآن ذكر شيئا من تبسمهم كما فى قوله تعالى عن سيدنا سليمان عليه السلام: «فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَى وَالِدَىَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِى عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ» تبسم نبى الله سليمان وتبسم نبينا عليه أزكى الصلاة والسلام، رغم الهموم والآلام والأحزان كان يتبسم.. رغم الانشغالات والمسؤوليات والمهام الجسام كان يتبسم.. رغم التعقيدات والمؤامرات والصراعات التى كان يواجهها فإنه ظل حتى النهاية يتبسم. إنه من أوذى فى الله حين لم يؤذ أحد وأُخيف فى الله حين لم يخف أحد وهو من فى حياته مات جُل أبنائه وبناته ورحلت عن الدنيا أحب زوجاته وكان يمر به البلاء تلو البلاء والمسؤوليات الجسام ورغم كل ذلك كان يتبسم وكان يمزح ولا يحدث إلا صدقا، وكان يلاعب أطفاله وأطفال غيره، وكان يسابق زوجه ويلاطفها، وكان يمازح الفقراء والبسطاء من أصحابه ويتبسط إليهم وكانوا يتضاحكون بعد صلاة الصبح وهو جالس بينهم يتبسم. كل ذلك وغيره مما لا يتسع المقال لذكره من مواطن تلطفه ومزاحه وتبسمه لم ينل من هيبته صلى الله عليه وسلم ولم يسبب تقصيرا فى مسؤولياته أو واجباته ولم يضاعف مشكلاته أو يعقد من همومه وابتلاءاته. فقل لى بربك أيها العبوس (المكشر) هل أنت أفضل منه أو أعظم هيبة؟ هل همومك أكثر؟ هل مسؤولياتك أضخم؟ هل آلامك وبلاؤك أشد من بلائه؟ وهل تظن أنك بعبوسك تنال وقارا لم ينله؟ أم أنك يا عزيزى تخشى على وجهك إن تبسمت أن يتشقق؟ صدقنى لن يتشقق، بل سيشرق ويضىء ولن ينفر غيرك بل سيبشر ويستبشر به من حولك.. فيا صديقى تبسم.. فمن هو خير منى ومنك.. تبسم.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

مانشستر سيتى يكتسح وست هام بثلاثية ويتصدر الدورى الإنجليزى مؤقتا

بيزيرا وناصر وشريف يقودون هجوم الزمالك أمام حرس الحدود فى كأس عاصمة مصر

توتنهام ضد ليفربول.. التشكيل الرسمى لقمة الجولة 17 فى الدورى الإنجليزى

شقيق ناصر البرنس يحرق نفسه أمام المطعم الجديد بالشيخ زايد بسبب خلافات بينهما

إيمى سمير غانم تكشف موقفها من زواج حسن الرداد عليها


تعرف على موعد أول أيام شهر رمضان وفقا للحسابات الفلكية

صيام رجب.. فضل شهر رجب في شريعة الإسلام؟.. تعرف عليها

دار الإفتاء تعلن غدا الأحد أول أيام شهر رجب لعام 1447 هجريا

الطريق إلى نهائى بطولة كأس أمم أفريقيا 2025 .. موقف منتخب مصر

تايلاند تقصف مدرسة فى كمبوديا بـ6 قنابل جوية


أحمد الفيشاوى يغيب عن جنازة والدته سمية الألفى.. اعرف السبب

عقد قران ابنة أحمد سليمان على المغربي محمود بنتايج لاعب الزمالك.. صور

قرار توروب يُعيد التفكير فى مستقبل أليو ديانج بالأهلي.. اعرف التفاصيل

برشلونة يرفع عرضه المالي لضم حمزة عبد الكريم فى يناير المقبل

الطقس غدا.. أجواء شديد البرودة وانخفاض بدرجات الحرارة والصغرى بالقاهرة 11

تعرف على سبب انفصال سمية الألفي عن فاروق الفيشاوي وقصة بكاءهما عند الطلاق

بعد قليل يبدأ التسجيل إلكترونيا.. مجلس الدولة يفتح باب التقديم لوظيفة مندوب مساعد

تطورات العثور على جثة الطفلة شهد بعد اختفائها بإحدى قرى الصف في الجيزة

إخلاء سبيل طليقة إبراهيم سعيد بعد مشاجرة بينهما فى فندق بالتجمع

وفاة الفنانة سمية الألفى بأحد مستشفيات المهندسين بعد صراع مع المرض

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى