جمهور ثومة

نبيل شرف الدين
نبيل شرف الدين
كتب نبيل شرف الدين
حين أشاهد حفلات كوكب الشرق لا أطرب فقط لأغنياتها التى جعلت عوام الناس يتذوقون «رباعيات الخيام» و«الأطلال» وقصائد كبار الشعراء، وارتقت بذوق أجيال وساهمت بصناعة وجدانه، لكن يستوقفنى مشهد جمهورها، فليس بينهن منتقبة ولا محجبة واحدة، ولا أشخاص بجلابيب قصيرة و«زبيبة»، لكنهم كانوا بمنتهى الأناقة والسلوك المتحضر، وبينهم ضباط يزهون بملابسهم الرسمية وبعض الأشقاء العرب.

وهنا أتساءل: هل كان هؤلاء فاسقين منحلين؟ والجواب طبعًا بالنفى، فقد ربوا أفضل الأبناء، وساهموا بالارتقاء بمؤسسات الوطن ومشروعاته القومية، واحتملوا بطيب خاطر أسوأ الظروف عقب هزيمة 1967 حتى انتصرنا بأكتوبر 1973.

كان «جمهور ثومة» يشمل أبناء الطبقة الوسطى كالأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات والضباط وغيرهم، وكانت حفلاتها تتسم بحالة وقار واحترام، فلا تسمع تعليقات سخيفة، ولا مشاجرات وحالات تحرش كالذى يحدث بحفلات المغنيين الحاليين، والسبب ببساطة أن نظامى الحكم بعهدى الملك فاروق والرئيس عبدالناصر حسما خيارتهما لصالح «مدنية الدولة» وتصديا بصلابة لمظاهر الرجعية، دون مزايدات على الإخوان الذين كانوا خارج المعادلة خلال العهدين، حتى أعادهم السادات «سامحه الله» ليستخدمهم ضد معارضيه فكان أول ضحاياهم.

أرصد حاليًا «مظاهر مزايدات» عبر وسائل الإعلام على أدبيات وسلوك جماعات «الإسلام السياسى» بالإفراط بمظاهر التدين الشكلية، واستدعاء الخطاب الدينى، ليكون طرفًا بمعركة حضارية وسياسية، ورغم اختراقات المؤسسة الدينية لصالح الإخوان والسلفيين، ما زالت الحكومة تراهن عليها بدلاً من تطهيرها، ولعل الوقائع التى رصدتها وسائل الإعلام تكشف حجم الاختراق، الذى أفسدته عمليات اختراق منظمة منذ نصف القرن.

المسألة بسيطة يحسمها خيار الحداثة ورعاية الفنون والآداب الراقية، بدلاً من المهاترات المحتدمة مع التيار السلفى المتعصب، الذى لا يمر يوم إلا ويطلق معركة مفتعلة حول سفاسف الأمور، بينما تتراجع المنظومة الأخلاقية اجتماعيًا بشكل واضح للعيان.

لابد أن تمضى «معركة مصر» المعاصرة على عدة مسارات متزامنة ومتوازية، سياسية وثقافية وفنية وحضارية وإعلامية وأمنية، لمعالجة «فيروسات التخلف» التى خربت الشخصية المصرية على مدار عقود، ونشرت الأمراض الاجتماعية رغم تنامى مظاهر التدين بالشارع دون مردود أخلاقى وسلوكى. لكن استدراجنا للمزايدات الدينية سيقودنا لإعادة تدوير مخلفات التاريخ والجغرافيا، ولدينا تجارب ناجحة لدول كالإمارات مثلاً، التى حسمت أمرها، وانفتحت على العالم وانحازت للحداثة، لتنتصر «مدنية الدولة» فليس بالأمن وحده رغم أهميته البالغة تؤسس وترسخ «الجمهورية الجديدة» لذلك فلنتبارى بإنتاج فنون وآداب راقية، لنستعيد مشهد «جمهور ثومة» بما يعنيه من رقى وتحضر.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

سامح عبد العزيز يلحق بصديقه فى ذكرى وفاته.. صداقة وذكريات

محاكمة "نور تفاحة" راقصة الساحل الشمالى بتهمة بنشر فيديوهات خادشة.. اليوم

تشييع جثمان سامح عبد العزيز بعد صلاة العصر من مسجد الشرطة ودفنه بالسويس

ميلان يوافق على سفر هيرنانديز لـ باريس للكشف الطبى قبل الانتقال للهلال

القبض على المتهم بقتل زوجته لخلافات أسرية بالجيزة


شاهد جميع أهداف محمد صلاح مع ليفربول قبل انطلاق الموسم الجديد

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 10 يوليو 1970.. «هيكل» يكشف أسرار الجدل فى «الكرملين» بين عبدالناصر والقادة السوفييت حول «أسبوع تساقط الطائرات الإسرائيلية» بواسطة أبطال الدفاع الجوى المصرى

سامح عبد العزيز.. رحيل صادم وتاريخ مشرف فى السينما والدراما

سيناريوهات تنتظر السائق المتسبب فى وفاة 18 فتاة على الطريق الإقليمى بعد حكم المشدد

طلاب الثانوية العامة يودعون امتحانات العام الدراسى 2025.. بدء اختبار الأحياء والرياضيات والإحصاء.. وزارة التعليم تتابع دخول الطلاب اللجان ووصول الأسئلة وتوجه بالتصدى للغش.. وأولياء الأمور يدعمون أبنائهم بالدعاء


وصول أسئلة امتحان الأحياء والإحصاء والرياضيات إلى لجان الثانوية العامة

الأهلي يرفض مُبالغة الأندية الأخرى في طلباتها لبيع لاعبيها خلال ميركاتو الصيف

8 أغسطس موعد انطلاق بطولة الدوري المصري للموسم الجديد 2025 – 2026

غلق باب الترشح لمجلس الشيوخ اليوم.. وإعلان القائمة المبدئية للمرشحين غدًا

الأهلي يتربع على عرش أفريقيا في تصنيف أندية العالم.. ومركز مفاجئ للزمالك

المحكمة بكوريا الجنوبية تصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس السابق يون سوك يول

غدا.. آخر فرصة للتقديم على وظائف فى البوسنة برواتب تصل 52 ألف جنيه شهريا

موعد بداية استعدادات الأهلي للموسم الجديد وعودة ريبيرو من أسبانيا

"صحح مفاهيمك".. الأوقاف تحذر من خطورة الاستخدام المفرط للهاتف أثناء القيادة.. وتؤكد: يُعد إهمالًا لمعايير الأمان للذات وللآخرين.. وأمر مخالف لأخلاقيات الدين الحنيف.. وتشدد: الإسلام يوجب حفظ النفس والمال والعرض

محمد عواد يرحل بنفس سبب وفاة أحمد عامر.. أزمة قلبية مفاجئة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى