عمار على حسن: أيها السلفى.. سلفك غير سلفى

الكاتب المصرى عمار على حسن
الكاتب المصرى عمار على حسن
بيروت (رويترز)
يخاطب الكاتب المصرى عمار على حسن، فى روايته الأخيرة، سلفيًا عزيزًا عليه وحبيبًا لديه فيخالف آراءه ويقول له "إن سلفك غير سلفى."

وكان البطل يتحدث فى رواية "السلفى" مخاطبا ابنا له تحققت فيه نبؤة عرافة قالت عندما كان الأب لا يزال صبيا صغيرا إنه سينجح فى الحياة، لكنه سيرزق بولد يخرج إلى جبال ومناطق وعرة فى بلدان أخرى ويقتل الكثير ممن يعتبرهم أعداءه بقسوة ودون شفقة.

جاءت الرواية فى 295 صفحة متوسطة القطع وأصدرتها مكتبة الدار العربية للكتاب فى القاهرة، وقال ناشرها على الغلاف "هذه رواية غير تقليدية بطلها غائب حاضر وراويها حاضر غائب نسير فيها من عتبة إلى أخرى عبر أزمنة لا تكتسب أهميتها من ذاتها، وإنما من الأماكن التى يطوف بها الراوى، حاملا على كتفيه نبؤة قديمة ومتحدثا إلى ابنه السلفى الذى اختطف روحه الجهاديون ليحارب معهم فى بلاد غريبة، ويحاول الأب المكلوم استعادته من صحارى الدم والهلاك."

ويكتب المؤلف بسردية شعرية سيالة وبما هو أقرب إلى كلاسيكية سهلة وعريقة تعتمد على الإيقاع بشكل بيّن وجميل أخاذ.

وفى أجواء يختلط فيها الخرافى بالواقعى السائد فى عدد من البلدان العربية والإسلامية، مضى الأب مخاطبا الابن الغائب فى أفغانستان أو بلدان أخرى قائلا له، إن المرأة التى تذكر القارئ بشخصية العرافة الرائية "وصفتك يومها كأنها تراك الآن وحكت لى عن المتاعب التى سألقاها معك وأنت تروغ منى، ما أن أجدك حتى تضيع ليبدأ عذابى من جديد".

"ما الذى يجعل امرأة ريفية بسيطة تعرف أشياء عن ولد سيأتى ويسافر إلى بلاد الجبال الوعرة والعمائم والخشخاش والرصاص المصبوب، وأنه سيحمل بندقية تلو أخرى ويقتل من أعدائه خمسة وعشرين يصطادهم من بين عيونهم فيخرون بلا حراك وتسقى دماؤهم حصى الصحراء ثم يطارد البقية والشمس تقف منكسرة على سن الجبل وبعدها تسقط خلفه ويحل ظلام دامس."

ولما وصفت جدة الصبى هذا الأمر بأنه ثأر ابتسمت الشيخة العرافة وقالت، "ثأر لكنه كبير وقد لا يكون ثأرا أصلا"، ووصفت "جبالا وكهوفا ووجوها لم نرها."

وتحدث الأب إلى ابنه قائلا "لكنك لم تذهب إلى سيناء ولا حتى فلسطين كما فسرنا النبؤة القديمة إنما ذهبت إلى أفغانستان."

واسترسل فى ذكريات يخاطب ابنه البعيد "فها أنت قد كبرت.. نبت لك شارب ولحية فحلقت الأول وتركت الثانية.. كنت تدوس عليه بالموسى حتى يكاد الجلد يتقشر، بينما أعفيت الثانية من كل شىء.. وكنت كلما سألت تقول: "هذه سنة الرسول" وضحكت ذات يوم وقلت لك: كان الرسول يترك شعر رأسه مسترسلا على كتفيه وكان يضفره فافعل مثله.

"وكنت تلوذ بالصمت" وتقول "لا أستطيع فعل هذا".. لماذا؟ هكذا سألتك بصوت لم يخل من غيظ وأجبتنى بصوت خفيض: "التقاليد". قهقهت يومها وقلت لك: كانت بعض تقاليدهم فماتوا عليها فصارت لديكم سنّة.. وسألتك "ترى لو كان فى جزيرة العرب قديما حلاقون مهرة ألم يكن من الممكن أن يتغير كل شىء..؟".

وتحدث الأب عن العتبات الواحدة والعشرين.. عتبات البيوت المتراصة بجوار تلك الحديقة الشائخة والتى شكلت عتبات جيران الأب وحكاية عالمه الطيب "حكايتى التى ربما لو حكيتها لك.. لتغيرت أشياء كثيرة وبقيت معى هنا تدب أقدامنا سويا فى الشوارع العتيقة ولم تطارد الرصاص من جبال أفغانستان إلى صحراء ليبيا وليس فى رأسك سوى وهم الكتب الصفراء وليس فى مخيلتك سوى صورة شيخك وأميرك الذى تمتلئ يداه بالقنابل والدم.. وحين أطلب منك فى مكان ما أن تغمض عينيك لترى المعالم القديمة المحفورة فى رأسى أنا فعليك أن تفعل هذا على الفور حتى لا يفوتك شىء من زمن أبيك الذى ولى.

"إنه سلفى أنا القريب وهو غير سلفك وكل منا له سلف لكن بعضنا يقف عند أول مشهد تحمله الذاكرة الغضة، وبعضنا يجر أيامنا ليصلها بحكايات القرون الغابرة أو يفتح بابا وسيعا لمن صارت عظامهم ترابا ناعما ليأتوا فرادى وجماعات ويقبضوا بأيديهم الخشنة على رؤوسنا الحائرة وقلوبنا المرتجفة".

"تمهل فالسؤال الذى طرحته على وأنا أصرخ فى وجهك غضبا من سيرك الأعمى وراء رجل جاهل يحفظ بعض الكتب المحتشدة بكلمات مهجورة ويسكبها فى أذنيك لم يكن من السهل أن أجيب عنه هكذا شفاهة..أنت سألتنى لماذا أنا هكذا؟ وأنا أجيبك بسؤال: كيف أصبحت أنت هكذا فى غفلة منى؟".

وفى مكان آخر يضيف الأب مذكرا ابنه بقوله له "لا تقرأ الآيات بظاهرها وهناك آيات أخرى تبين نقيض حكمك القاسى.. ولما أرفض ما تقول تبتعد عنى وتقول "هذا كلام الشيخ وهو يعرف أكثر؟" تمشى وراء شيخك أعمى كالخروف الضال.. شيخك يردد كالببغاء كلاما مسجوعا وراء شيوخ قدامى عاشوا فى القرون الغابرة، جاوبوا عن أسئلة زمانهم ثم اندثروا بالحصى وصمتوا إلى الأبد لكن ما قالوه عن أيامهم صار معصوما فى أيامنا."

وتناول الكاتب العتبات الواحدة والعشرين التى شكلت مجتمعه الصغير الحلو وقدم لنا كثيرا من أصحابها الصالحين من مسلمين ونصارى، مشددا على أن هؤلاء هم الطيبون الذين ينالون رضا الله لأعمالهم وأفكارهم ومشاعرهم النبيلة.

وختم كلامه هذا بالقول إنه كلما سمع "أحدهم يبرطم بكلام قديم" أضحك وأقول "ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر"، الله يسر قرآنه وجاءوا هم لينسجوا حول متنه العامر بالجلال والمعانى السامية تخاريج وتعاويذ وتحريفات وتأويلات وأوهاما يشدونها نحو مصالحهم ويقولون للناس: "هذا شرع الله."
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

"اليوم السابع" يحصل على حق إعلان نتيجة الثانوية العامة 2025

الأهلي يبحث ترضية وسام أبو علي لإغلاق ملف الرحيل فى الصيف

أكرم القصاص يكتب: الإنترنت و«المحمول».. الأزمة والدعاية والثغرات وشركات الـ«وَلا حاجة»!

خطوات التقديم لمدارس التكنولوجيا التطبيقية والتعليم المزدوج لعام 2026

منتخب مصر يواجه إثيوبيا 5 سبتمبر باستاد القاهرة فى تصفيات المونديال


نتيجة الدبلومات الفنية 2025.. جاهزة على الاعتماد والإعلان

"يا حلاوة".. كيف صنع مظهر أبو النجا أحد أشهر الإفيهات فى السينما المصرية؟

ترامب يتفقد الأضرار الناجمة عن الفيضانات بولاية تكساس

تعرف على موعد صرف تكافل وكرامة بالزيادة الجديدة

الاتحاد الأوروبى قلق إزاء تدهور "الديمقراطية" فى جورجيا


الرئيس اللبنانى: وفد تقنى قبرصى يصل لبنان الأسبوع المقبل لمتابعة ملف الحدود

بوتين يوجه بإعداد خطة لإعمار المناطق الحدودية المتضررة من القصف الأوكرانى

صفحة مانشستر سيتي تغازل جمهور الهضبة: هالاند يستمع إلى ألبوم عمرو دياب الجديد

أمير قطر يستعرض مع الرئيس التركى هاتفيا العلاقات الثنائية والوضع فى غزة

الجارديان: ترقب أوروبى حذر مع تصاعد تهديدات ترامب الجمركية

هل سيتم تخفيض تنسيق الثانوي العام بالقاهرة ؟.. اعرف التفاصيل

موعد مباراة تشيلسي ضد بي إس جي فى نهائى كأس العالم للأندية 2025

لبنان يوقف 56 سوريا لدخولهم دون أوراق قانونية

الأمم المتحدة: نزوح 150 ألفا من لاجئى "الروهينجا" إلى بنجلاديش

إضافة 5 شخصيات جديدة إلى أحداث الجزء الثانى من وتر حساس

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى