محبوب العرب لا يبقى منه إلا «إس إم إس»

اراب ايدول
اراب ايدول
كتب - حنان شومان
أنا واحدة فى آخر طابور من يمكن أن يقللوا من قيمة الفنون فى حياة الشعوب، وتأثيرها وبقائها على مر العصور, فى الوقت الذى تموت فيه أغلب إنجازات البشر، ولا يبقى منهم إلا علمهم وفنهم ليحكى عنهم، وتلك حقيقة لا مراء فيها.. هذه كانت مقدمة للتنويه بأن ما سأنتقده ليس الفن، لكنها أمور أخرى.

لم تعد هناك فى مصر وأغلب أقطار الوطن العربى التى لا تدور فيها آلة الحرب قناة تليفزيونية، لا تعرض أو تتفق على عرض برنامج لمسابقات المواهب, وهو أمر عنوانه جيد، فالبحث عن المواهب المتناثرة فى طول البلاد وعرضها أمر محمود، ووظيفة يضطلع بها الإعلام دائمًا، قديمًا وحديثًا, لكن المشكلة الأولى أن هذه البرامج قد اكتفت فقط بالبحث عن المواهب فى مجال الغناء أو الرقص، وبعضها على استحياء قد وضع الشعر فى القائمة، الغناء والرقص حلوين وفنون طبعًا، لكن السؤال: هل هذه البرامج تنتج على أثرها فنًا غنائيًا أو فنيًا وتغير فى خريطة التذوق للأفضل مثلاً؟ الإجابة لا, طب سيبك من السؤال الكبير ده، لأن هناك من سيخرج ردًا علىّ ويقول إن برنامجًا أو اثنين أو حتى عشرة لا يمكن أن يستطيعوا فعل هذا فى وقت قصير, وهنا سأرد: ماشى يا عم لنقبل ما تقول، لكن تعال معى لأحكى لك الحكاية من أول السطر. هذه البرامج مثل آراب أيدول، وستار أكاديمى، وتعالى نرقص، وغيرها، هى برامج فى أصلها مستوردة تدفع المحطات فيها فلوس بالهبل لكى تأخذ فورمات البرنامج, ولا أفهم ما عبقرية الفكرة التى يدفعون لها؟ فهى مجرد فكرة مسابقة, ولكن ما علينا، فنحن شعوب تعشق المستورد, فليدفعوا ولنشاهد ونستمتع ونستفيد.

تقدم محطات الغرب التى تنتج مثل هذه البرامج كل أنواع الإعلام، وبالتالى كل أنواع البرامج من سياسة، لعلم, لفن, لنميمة, لثقافة، وبالتالى ظهور مثل هذه البرامج يأتى فى إطار منظومة متكاملة لمجتمعات متعلمة، وتهتم بالمنافسة فى جميع المجالات, أما فى مجتمعاتنا العربية فهذه البرامج تأتى فى حالة بائسة يائسة للمنطقة فى جميع المجالات السياسية والفنية والعلمية والاقتصادية والثقافية وحالة عامة من البؤس والفقر والضحالة الإعلامية, وبالتالى فهى تزيد من هذه الحالة، وهى فى ذات الوقت تؤصل لهذه الحالة وتشرحها, فأغلب هذه البرامج إن لم يكن جميعها هى مسابقات فاسدة يخرج من يشاركون فيها بعد انتهائها ليحكوا عن التجاوزات والفساد فى داخلها والضغوط، وغيرها من حكايات تضرب فكرة عدالة التسابق فى مقتل, ثم إن هذه البرامج كثيرا ما تُستغل فى إذكاء النعرات الوطنية التى تسببت فى أوقات كثيرة فى مشكلات تضيف للعرب مشكلات هم أقل ما يكونون للاحتياج لها مع مشكلاتهم. ثم نأتى لهدف هذه البرامج، وهو كشف المواهب ودفعها أمام الجمهور، وطبعًا المكسب المادى لصناعها هو حق مشروع، أما الهدف الأول فهل يذكر أحد من الجمهور اسمًا أو إنجازًا فنيًا لاحقًا لأى من المتسابقين الذين فازوا فى هذه البرامج؟, لا أظن!

أما بالنسبة للمكسب المادى للمحطات، والذى قلت إنه مشروع عن طريق الإعلانات أو ما شابه، فإنه يتحقق، لكن بالزيف، ويدفعه المشاهدون عن طريق اتفاق بين شركات الاتصالات والمحطات واللعب على الحس الوطنى، فصوّت لمواطنك لأنك تحب وطنك، وكأن حب الوطن، والذود عنه يتحقق بـ«إس إم إس» وواحد يكسب مسابقة غناء.

فى آخر حلقة لهذا الموسم لبرنامج آراب أيدول فاز السورى حازم شريف بلقب محبوب العرب، ولم يستطع رفع علم بلاده التى تقطع أوصالها الحرب الأهلية العالمية, وخرجت تقارير صحفية وتليفزيونية تحكى كيف جابت شوارع دمشق السيارات وهى تطلق نفيرها فرحة بفوزه, بينما حلب المدينة التى ينتمى لها ينطلق فيها رصاص ابتهاجًا بفوز ابنها، بينما نصف المدينة مظلم ولا يعرف شيئًا عن محبوب أو مكروه العرب، فهم فى كرب، ولا وقت لديهم ليتابعوا سباق غناء سينتهى للاشىء.

الغناء والرقص والفن قيمة تضاف للأمم وتعبر عنها, كما أن برامج المسابقات أيضًا تعبر عن مجتمعاتها, ولهذا ففى الغرب هذه البرامج جزء من منظومة متكاملة تعلى من شأن التنافس فى كل مجال, أما لدينا فإنها لا تقدم لنا إلا رقصة أو أغنية لصوت قد يكون جميلًا، لكنه يتوه فى الزحام وتدهسه الـ«إس إم إس».
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

بنك الاستثمار الأوروبي يضخ 150 مليون يورو لدعم التمويل الأخضر في كرواتيا

رادار المرور يلتقط 1109 سيارة تسير بسرعات جنونية فى 24 ساعة

ترك أعمالا مميزة واعتزل التمثيل فى الستينيات.. ذكرى ميلاد حسين صدقى

فلومينينسى ضد تشيلسى.. المتألق بيدرو يضيف الثانى للبلوز 0-2.. "فيديو"


إحباط تهريب 300 كائن حى نادر بمطار القاهرة.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراضا وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصالا لها.. وتتسبب فى خسائر فى الثروة الحيوانية

السجن 10 سنوات لـ7 متهمين بدفن شاب حيا داخل ماسورة مياه فى المحلة

أحمد نادر جلال: السقا أبهرنى فى الكوميدى فى "أحمد وأحمد"

وزير الشئون النيابية: صرف تعويضات لأسر شهداء ومصابى حريق سنترال رمسيس

قائمة الأجانب تهدد مفاوضات الأهلى لتدعيم الدفاع والهجوم


الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن غلق باب الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ بعد غد.. 311 مرشحا تقدموا بأوراقهم على مقاعد الفردى حتى الآن.. القائمة المبدئية للمرشحين الجمعة.. والفصل فى الطعون من 14 وحتي 16 يوليو.. فيديو

غزل المحلة يوافق على بيع "بن حمودة" خلال فترة الانتقالات الصيفية

تنفيذا لتوجيهات الرئيس.. وزارة النقل تغلق الدائري الإقليمى فى الإتجاه القادم من تقاطعه مع الأسكندرية الصحراوي حتي طريق السويس لمدة أسبوع.. إجراء تحويلات مرورية.. ولجنة استشارية تؤكد سلامة تصميم وتنفيذ الطريق

الانتقال الجماعى شعار الميركاتو الصيفى فى الدورى المصرى.. ثنائى فاركو الأحدث

ريبيرو يطلب تقريرا من طبيب الأهلى عن حالة المصابين قبل السفر لتونس

سجل بياناتك لتصلك نتيجة الثانوية العامة 2025

الطقس غدا شديد الحرارة وشبورة ورطوبة والعظمى بالقاهرة 36 درجة

رابط وخطوات التقديم للصف الأول الثانوى 2025 فى الجيزة

اشتباكات بالأيدى وتبادل صفعات بين النواب داخل البرلمان الأرمينى.. فيديو

الحكومة: خدمات المحمول ستعود بكامل جودتها قبل عصر اليوم بالشبكات الأربعة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى