"المَرايا"

الأنبا إرميا
الأنبا إرميا
بقلم الأنبا إرميا
يقولون: "لا تفترض أن الواضح هو الحقيقة".. نعم، ففى الحياة قد تبدو الأشياء غير واضحة المعالم، والأكثر أهمية من ذٰلك هو معرفة الأسباب الحقيقية لما نراه، وفى طريق الأيام الذى يسيره الإنسان هناك ما يقبله، وما قد يرفضه ويعتبره مشكلة تؤلمه، ولٰكن حاول أن تعرف أسباب ما ترفضه أو يؤلمك، ولا تضع أمام عينيك المبررات؛ فهى خُدعة لن تصل بك إلى شىء سوى الاستمرار فى الألم.

انتبه أين تكمُن المشكلة، واسعَ نحو إيجاد حلول لها بدلًا من رفض مظاهرها، يقولون: "الحل لأى مشكلة موجود مسْبقا؛ كل ما علينا أن نطرح الأسئلة الصحيحة التى تكشف الحل".

لاحظ "شريف" اختفاء المرآة من حمام منزله، وإذ سأل والدته عنها، قالت إنها كُسرت. فأحضر "شريف" مرآة جديدة جميلة، وثبتها فى الحمام، ولٰكن فى اليوم التالى لم يجدها فى موضعها! وعندما سأل والدته، أجابته أن أباه أمسك بالمرآة وكسّرها فى ثورة عارمة عندما تطلع إليها وأظهرت وجهه قبيحًا ومملوء غضبا!! وهنا صمت شريف ووالدته، إذ أدركا السر من اختفاء المَرايا فى المنزل؛ فالأب يُلقى باللوم على المرآة لا على نفسه، حتى إنه فى إحدى ثورات غضبه الشديدة، قرر ترك المنزل ذاهبًا إلى قرية بعيدة يجرب الحياة فيها؛ فإذا وجد راحته، قضَّى فيها بقية عمره!!!

حمل الرجل أمتعته، وسافر إلى القرية، وفى صباح أحد الأيام بينما حكيم القرية يتمشى على ضفاف نهر القرية الصافى، وجد رجلًا ثائرًا ثورة عنيفة، ممسكًا بحجارة صغيرة ويُلقى بها فى النهر كأنه ينتقم منه!! توقف الحكيم ليهدئ من روع الرجل، ثم سأله عن سر ثورته، فقال: لقد هربتُ من بيتى وأسرتى وعملى بسبب تعنيفهم إياى، وبسبب المَرايا التى كلما نظرتُ فيها لا أرى إلا وجهًا عابسًا، فقررتُ الرحيل واللجوء إلى هٰذه القرية الجميلة، ومع بَدء الصباح أردتُ التجول فى القرية، ولم أدرِ بنفسى إلا وأنا أمام هٰذا النهر، وحين تطلعت فيه لم أجد إلا وجهًا غضوبًا؛ فالتقطتُ حجارة أضربه بها لأنه يشوه صورتى!!!

ابتسم الحكيم، وهدّأ من نفس الرجل، ودعاه إلى الجلوس معه على ضَفة النهر حيث أخذ يوضح له بهدوء وحكمة أن صورتنا على صفحة نهر أو فى مرآة ما هى إلا انعكاس لما نحمله فى أعماقنا، ومتى أردنا تغييرها فينبغى لنا أن نغيّر ما بداخلنا، فالمشكلة الحقيقية هى داخل الإنسان الذى يمكنه أن يسعى للارتقاء به وحينئذ ستتبدل الصورة إلى الأحسن.

إن جوهر تلك المشكلة فى حياتنا يكمُن فى أن الإنسان قد لا يُدرك حقيقة المتاعب التى تعترضه، ومن ثَم يستخدم أساليب خاطئة فى حل تلك العوائق؛ والنتيجة ضياع كل ما يبذُله من جُهد هباء.

حاول أن تُدرك حقيقة ما تعانيه، وحينئذ تستطيع أن تعرِف الطريق والطريقة إلى الحلول، ومع الجُهد والتدريب يمكنك الانتصار على معاناتك، وتسير رحلة حياتك فى هدوء وسلام.

• الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسىّ

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أخبار مصر.. غدا آخر فرصة للتقديم على وظائف فى مشروع الضبعة النووية

مجلس الوزراء عن جدل شهادة الحلال: تعزز المنافسة وتعطى فرصة أكبر للقطاع الخاص

المتحدث باسم مجلس الوزراء يوضح ما أثير بشأن "شهادة الحلال"

12 يوماً تفصل زيزو عن انتهاء علاقته بالزمالك وارتداء قميص الأهلي

السعودية تستطلع هلال شهر ذي الحجة لعام 1446 مساء الثلاثاء القادم


صور الأقمار الصناعية.. موجة شديدة الحرارة على أغلب الأنحاء

16 يوما تفصل المتهم بقضية الطفل ياسين عن الاستئناف على حكم المؤبد

رابطة الأندية تُسلم درع الدورى للبطل فى احتفالية خاصة نهاية الموسم

نهضة بركان يسعى لحسم اللقب القاري الثالث أمام سيمبا فى نهائي الكونفدرالية

ليفربول يستضيف كريستال بالاس فى أجواء احتفالية بختام الدوري الإنجليزي


موعد إعلان بطل دوري 2025 بعد رفض المحكمة الرياضية الشق المستعجل لبيراميدز

احذر تزوير إعلام الوراثة يقودك لخلف القضبان.. اعرف التفاصيل

أولى جلسات سفاح المعمورة بمحكمة جنايات الإسكندرية اليوم

امتحانات نهاية العام.. موعد إعلان وظهور نتيجة الفصل الدراسى الثانى 2025

%92 من القراء يؤيدون تكثيف حملات الرقابة على محال الجزارة لمواجهة تجار اللحوم المغشوشة

غدا آخر فرصة للتقديم على وظائف فى مشروع الضبعة النووية.. اعرف التفاصيل

أسئلة مهمة.. مراجعة مادة التاريخ لطلاب الثانوية العامة 2025

مواعيد مباريات اليوم الأحد 25 - 5 - 2025 والقنوات الناقلة

قطع المياه عن هذه المناطق بالقاهرة لمدة 8 ساعات.. تعرف على التفاصيل

ملخص وأهداف مباراة الريال ضد ريال سوسيداد فى الدورى الإسبانى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى