عطر الأحباب : صوته سبق صورته على الشاشة البيضاء!..جمال عبدالناصر فى السينما.. زعيم محبوب أم ديكتاتور يعذب المواطنين؟..ارتبطت السينما بـ«ناصر» فى علاقة شائكة ومعقدة تظللها الحفاوة وتصيبها اللعنات!

ناصر 56
ناصر 56
إشراف - ناصر عراق
نقلا عن اليومى..

سيظل جمال عبدالناصر أخطر رجل مصرى فى القرن العشرين من حيث حضوره الطاغى فى حياة الناس، سواء فى فترة حكمه أو بعد رحيله، فقد استقر الرجل فى وجدان الملايين بوصفه رمزًا للكرامة الوطنية، والعزة القومية، والعدالة الاجتماعية، الأمر الذى جعله الزعيم المصرى الوحيد الذى رفعت صورته الملايين فى ميادين التحرير إبان ثورتى يناير ويونيو، على الرغم من أنه غاب عن دنيانا قبل 44 عامًا، وبالتحديد فى السادسة والربع من مساء يوم الاثنين 28 سبتمبر من سنة 1970.
...
تُرى.. كيف استقبلت السينما ثورة يوليو 1952 التى فجرها عبدالناصر؟ وكيف تعاملت معه؟ وهل تبدل الحال بعد رحيله؟ ولماذا أصر صناع السينما فى زمن السادات على تعكير ذكرى الرجل ووصفه بالديكتاتور المهووس بتعذيب المواطنين؟ ثم كيف انقلبت الأمور مع نهاية التسعينيات وبدأ نور الزعيم يشع من جديد على الشاشة مغلفًا بالتقدير والحفاوة؟
تعالوا أقص عليكم سريعًا طرفًا من حكاية السينما مع عبدالناصر لندرك الأثر الكبير الذى يمكن أن يحدثه الفن السابع فى وجدان المشاهدين.

بور سعيد

عندى ملاحظة مهمة أود تحريرها قبل الدخول فى التفاصيل، هى أن السينما المصرية فى مجملها سينما محافظة، تهاب السلطات وترتعب من الخسارة المالية، لذا تؤثر دومًا السير فى الدروب الآمنة، فلا تقرب دنيا السياسة الشائكة إلا فيما ندر، ولا تجرؤ على انتقاد النظام السياسى الحاكم إلا قليلًا وبصورة غير مباشرة، كما أنها ظلت تحتفظ بمسافة واسعة بينها وبين ما يضطرب به الواقع من أحداث سياسية جسام، إذ شيدت مجدها على الاهتمام بالقضايا الاجتماعية، ومشكلات الغرام وصراعات العشاق!
لك أن تعلم - على سبيل المثال - أن حدثًا ضخمًا مثل ثورة 23 يوليو 1952 لم ينعكس على الشاشة إلا بصورة خجولة جدًا فى نهاية عام 1953، أى بعد مرور أكثر من عام على وقوعه، وبالتحديد فى 26 أكتوبر عندما ردد إسماعيل ياسين، وكمال الشناوى، وميمى شكيب، ومارى منيب، وكاريمان أغنية ليلى مراد «الاتحاد والنظام والعمل» أول شعارات الثورة، رددوها ولكن بعد تحوير وتبديل بطريقة كوميدية!
ثم ظهرت مجموعة أفلام إسماعيل ياسين فى الجيش والبوليس بدءًا من مطلع عام 1955، وهى أعمال لا تتحدث عن ثورة يوليو بشكل مباشر، إنما تمتدح المؤسسات العسكرية والشرطية التى أنجبت ضباط يوليو. أما فيلم «الله معنا» لأحمد بدرخان فهو أول عمل يتحدث بشكل غير مباشر عن التنظيم السرى للضباط الأحرار، لكنه يفضح بوضوح وقوة حكاية الأسلحة الفاسدة فى حرب فلسطين، وقد عرض فى 14 مارس 1955.
...
لاحظ أن كل هذه الأفلام لم تأت على ذكر عبدالناصر من بعيد أو قريب، فلم نر صورته، ولم نسمع صوته فى خلفية أى مشهد، لأن السينما لم تكن قد اطمأنت بعد حتى منتصف عام 1956 إلى أنه سيصبح الرجل الأول والأهم فى مصر والعالم العربى.

فى 26 يوليو 1956 أعلن عبدالناصر قراره الجرىء بتأميم شركة قناة السويس لتتقد أفئدة الملايين بالحماسة، وليضع الشعب زعيمه فى أكرم ركن من قلبه، هنا فقط أيقنت السينما تمامًا أن قائد ثورة يوليو استقر فى السلطة، وأن الملايين تعشقه بحق، ولما غارت طائرات العدوان الثلاثى على بورسعيد فى 29 أكتوبر من العام نفسه أقدم المصريون على صد العدوان بكل جوارحهم، والتفوا حول القائد الذى شعروا معه أنه منهم، وأنه عزيز عليه ما كابدوه، حريص عليهم، وأنه أول رجل مصرى يحكم مصر منذ ألفى سنة!

فى 8 يوليو 1957 عرض فيلم «بورسعيد» للمخرج عز الدين ذو الفقار للمرة الأولى، وهو أول فيلم مصرى يستمع فيه المشاهد إلى صوت عبدالناصر عندما أعلن قراره بتأميم القناة، والفيلم كما تعلم إنتاج وبطولة فريد شوقى، وهدى سلطان، وشكرى سرحان، ويصور الفيلم ملحمة كفاح شعب بورسعيد ضد العدوان الثلاثى، إذ إن زمن أحداث الفيلم تدور فى سنة العدوان نفسها!

أما فيلم «رد قلبى» لعز الدين ذو الفقار، والذى عرض فى 10 ديسمبر من ذلك العام، فيأتى على ذكر تنظيم الضباط الأحرار بوضوح تام، ولا تنس أن من كتب قصته يوسف السباعى، وهو أحد ضباط التنظيم، وإن لم يكن من الصف الأول، لكن المخرج لم يشأ أن يكون لعبدالناصر - الاسم والصورة - أى حضور فى هذا الفيلم!
...
الباب المفتوح

عاد صوت عبدالناصر مجلجلًا بتأميم القناة ليستمع إليه الجمهور وهو يشاهد فيلم «الباب المفتوح» للمخرج بركات، والمأخوذ عن قصة للدكتورة لطيفة الزيات، وبطولة فاتن حمامة، ومحمود مرسى، وحسن يوسف، وصالح سليم، والفيلم عرض فى 6 أكتوبر من سنة 1963.
يستعرض الفيلم بإيجاز كيف شاركت الفتاة المصرية فى الحركة الوطنية ضد الاحتلال الإنجليزى بالرغم من ضغوط الأهل، وكيف أصرت على التحرر من سطوة الرجل الأنانى، والتحقت بالجموع التى ذهبت إلى بورسعيد للمشاركة فى صد العدوان الثلاثى بعد أن أعلن عبدالناصر تأميم القناة.
فى ذلك العام أيضا - 1963 - قدم المخرج يوسف شاهين فيلمه التاريخى «الناصر صلاح الدين»، وهو فيلم يحتفى بدور البطل/ الزعيم القديم الذى حرر القدس من الصليبيين، فى إشارة غير مباشرة إلى الزعيم الجديد الذى تلتف حوله قلوب المصريين والعرب!

الكرنك

بعد وفاة عبدالناصر دارت الأيام دورة معاكسة كما يقول الناقد الراحل فاروق عبدالقادر، فانقلب الأعداء أصدقاء، وتبدلت السياسات، وأطيح بمبدأ العدالة الاجتماعية، وفتح الباب لسياسة «انفتاح السداح مداح» بتعبير الكاتب الكبير أحمد بهاء الدين، وبالتالى كان من الضرورى أن تواكب السينما هذه التغيرات الجذرية فى السياسات والتوجهات، خاصة أن منافقى السادات مضوا يشهرون بعبدالناصر وانحيازاته، فأقبلت السينما على تشويه صورة الرجل بإيعاز من السلطات آنذاك، وهكذا رأينا فيلم «الكرنك/ 1975» للمخرج على بدرخان، وهو فيلم يصور مصر فى زمن عبدالناصر باعتبارها معتقلًا كبيرًا يلقى فيه المواطنون الأبرياء نصيبهم اليومى من التعذيب المفرط! وأذكر أننى سمعت فريد شوقى - أحد أبطال الفيلم - فى حوار إذاعى يعلن احتجاجه على الفيلم، ويؤكد أن مشاركته كانت غلطة لن تتكرر!
الأمر نفسه تكرر مع فيلم «إحنا بتوع الأوتوبيس/ 1979» للمخرج حسين كمال، حيث مشاهد تعذيب الأبرياء هى البطل الرئيسى فى الفيلم، وكأن الناس فى مصر أيام عبدالناصر لم يفعلوا شيئًا سوى الذهاب إلى المعتقلات أفرادًا وجماعات لينالوا نصيبهم اليومى من التعذيب!

ناصر 56

بعد مصرع السادات تغيرت الأحوال، وإن لم تتغير السياسات، والرئيس الجديد لمصر لم يكن له ثأر شخصى مع عبدالناصر، بعكس السادات الذى كان يعانى من مشكلة أنه وصل إلى السلطة عقب رحيل زعيم ذى شعبية طاغية، وبالتالى لم يكن مبارك فى حاجة ماسة إلى تشويه صورة عبدالناصر وذكراه، وهكذا تراجعت الأعمال السينمائية التى تغالى فى سب الحقبة الناصرية، حتى تجرأ محمد فاضل، ومحفوظ عبدالرحمن، وأحمد زكى وقدموا تحفتهم الخالدة «ناصر 56» فى 5 أغسطس من عام 1996، ليحقق نجاحًا مذهلًا، وليكتشف الشباب كيف حكم مصر رجل وطنى شريف أدار معركته مع الاستعمار بكل حصافة وذكاء حتى يسترد المصريون حقوقهم فى قناة السويس. ثم توالت الأفلام والمسلسلات التى تحتفل بعبدالناصر، أو تقتبس بعض عبارات من خطبه، خاصة خطاب التنحى، وهكذا ذاب الرجل فى وجدان المصريين حتى رفعوا صوره فى ميادين الثورة، وإن كانت ظلال التشويه مازالت قائمة كلما عرضت أفلام التعذيب.


موضوعات متعلقة..


محمد غنيم يكتب: احتفى به عبدالوهاب وأم كلثوم وعبدالحليم وشادية..حناجر الفن تخلد اسم الزعيم «جمال» على ضفاف النيل

سامح فتحى يكتب: تقمص شخصيته فى فيلم عام 2008..خالد الصاوى يقترب من كاريزما عبدالناصر بذكاء!

سامح فتحى يكتب: «لعبة القوة» و«السويس 56» فيلمان أجنبيان يشوهان صورة عبدالناصر..الزعيم فى السينما العالمية.. عصبى ومتهور وقائد انقلاب!!

...

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رياح وسقوط أمطار.. شاهد موجة تقلبات جوية تضرب محافظة الإسكندرية.. فيديو وصور

من مكتبك.. كيف تحصل على خدمات النيابة العامة خلال دقائق؟

أحمد حلمي ومنى زكي وعمرو يوسف وكندة علوش في زفاف أمينة خليل.. صور جديدة

100 ألف جنيه مصروفات علاجية.. سيدة تقاضى زوجها لرفضه الإنفاق عليها بعد مرضها

إصابة شاب بطلق نارى فى مشاجرة بين أبناء عمومة بسوهاج


شاب يعتدى على شقيقه بسبب خلاف مالى فى سوهاج

علي البيلي بطل مسلسل "لام شمسية" يحضر حفل زفاف أمينة خليل

حريق يلتهم بعض محتويات منزلين دون إصابات في مركز طهطا شمال سوهاج

الحكم فى دعوى عدم دستورية تقدير قيمة رفع الدعاوى القضائية في قانون المرافعات.. الأحد

الجهاز الفنى لحرس الحدود يعقد جلسة الأحد المقبل لتحديد مصير المعارين


فتاة تتضرر من نشر شاب فيديوهاتها الخاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي

ترامب: سنعلن تفاصيل اتفاق غزة اليوم أو غدا

هدية الدولة للمصريين فى الخارج.. كل شىء عن أسعار وشروط ومساحات "بيت الوطن"

آية سماحة تزور مشيرة إسماعيل لتقديم اعتذارها الشخصي

"بيت الوطن" هدية الدولة للمصريين فى الخارج.. "اليوم السابع" تحصل على تقرير بإجمالى القيمة البيعية.. واختيار مواقع ومدن متميزة.. "الإسكان" طرحت أكثر من 30 ألف قطعة أرض ووحدة سكنية بمساحات مختلفة فى 10 مراحل

موعد صلاة عيد الأضحى 2025 فى محافظات مصر

الأهلي يضم كباكا إلى رحلة الفريق فى كأس العالم للأندية بأمريكا

أخبار مصر.. الطقس غدا مائل للحرارة نهارا معتدل ليلا والعظمى بالقاهرة 32 درجة

نماذج استرشادية لامتحان اللغة العربية للشهادة الإعدادية بنظام البوكليت

بي إس جي ضد الإنتر.. الذكاء الاصطناعي يتوقع بطل دوري أبطال أوروبا

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى