محـمد شـوارب يكتب: الناس إذا اقتنعوا بما يملكون لاستراحوا وأراحوا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
نازعتنى نفسى إلى أمر غريب ومكروه فى الدنيا بل الشرع أيضاً. عندما تجد بعض من أصناف الناس الذين يحملون طباع غبية وكنود، تسدى إليهم الجميل بعد الجميل، فلا اعتراف به، وهذا أسلوب سافر، فمنهم الطامعون والنصابون والحاقدون وأصحاب الجشع والتكبر والغنى بالحرام.

فالإنسان الذى يضبط ويراقب نفسه على العفة والقناعة فإنه يصبح ذو قدرة المحروم على حكم إرادته، والرضا بالواقع وحسن استغلاله، فقد ورد السخط على الأقدار، فيقول حبيبنا رسول الله ( صلى الله عليه وسلم) ( خير الذكر الخفى، وخير العيش ما يكفى )، فالناس الآن فى وضع دقيق وحساس يفرض عليهم وعلينا أن نسير بحذر فى تربية أمتنا، وعلاج المشكلات المتناقضة التى استشرت وانتشرت وخاصة فى أركان الأمة، فحب الدنيا وكراهية الموت هى أسباب الانهيار الذى أصاب الناس فى إعصار الدنيا، فالدنيا إذا لم تكن مطية للآخرة فتصبح الدنيا دار غرور وميدان الباطل.

صادفنى فى واقعى الذى أعيش فيه بعض من الناس أصحاب اللسان الطويل، المجادلين فى تسويغ شهواتهم وبسط حاجاتهم، وتحقير ما عندهم، ويعلنون التمرد على أنفسهم، وينعتون بأقبح النعوت فتجدهم يحقدون عليك فى حياتك والنعم التى أعطاك الله إياها، فكل هذا هو مكتوب عند الله وبيد الله، فلماذا العوج فى الحياة والنصب على الآخرين. ماذا لو أن الدين أن لم يؤدب ويهذب هذه النفوس والطباع المريضة ويدربهم على فضائل العفة والقناعة؟

الدنيا تتسع لأقطار الأرض وأعدادها الكثيفة من الناس، فهناك صنفان مختلفان من الناس فمنهم من يؤمن بالله واليوم الآخر، وصنف آخر من لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، وكلاهما يسعى ويلهث وراء الرزق، فيوفر الضرورات التى لابد منها لنفسه ولأهله، فإذا اطمأن إلى تحصيلها اجتهد وأنعم فى العيش بالمرفهات ويقطع مرحلة من عمره وهو طاعم كاس آمن مسرور. بيد أن هناك خلافاً عميق القرار فى تفكير هؤلاء الصنفان، ولون شعورهما، فالكافر يعبد الحياة لذاتها، ويتمنى ويطلب على أنها الهدف الفذ، والفرحة التى أن ضاعت ضاع كل شيء. فإنه لا يعرف الحياة إلا لفترة متاحة له على ظهر الأرض، ولا يصدق أن وراء هذا العيش عيشاً، وأن بعد هذه الدنيا داراً أخرى، أما المؤمن فهو إنسان نقيض فى فهمه وحكمه، فهو واثق من أن هناك حياة أعظم من هذه الدنيا، ينتقل ويرحل إليها البشر ويخلدون فيها، وأن المحيا على ظهر الأرض وسيلة لا غاية، فهنا الغرس وهناك الحصاد فى الآخرة، فالدنيا هى السباق والآخرة هى النتيجة.

فسحر الدنيا شديد الفتنة، ومعارك أقوات الأرزاق تستنفد كل الطاقات الضخمة وتقيد مشاعر وأفكار كثيرة، فالإسلام يحتقر الدنيا عندما تكون الأمل الذى لا أمل معه، والإنسان إذا ركض فى طلب الدنيا لشىء، إلا الحصول عليها، والاستكثار منها، ثم الموت فى أطوائها، وعبادة الحياة واعتدادها شىء خاطئ شائع، فالإسلام من ضمن تعاليمه العفة والقناعة بما كتبه الله لك، فالرجل الشريف العفيف صاحب القناعة لا يبنى كيانه إلا بالطرق الشريفة، وإذا أتته الدنيا عن طريق الختل، أو الغش أو النصب أو الاحتيال أو الحقد أو الحسد أو التكبر أبى أن يقبلها، ويرى فراغ يده منها، فهو أرضى وأزكى لنفسه.

والمسلم ما دام يطلب الدنيا لتكون عوناً له فى آخرته، وابتغى مرضاة الله، فهو غير مستعد لأن يضحى فى سبيلها بمروءته أو يفقد شيئاً من دينه وضميره، فإنها جاءته عن طريق الحلال والقناعة والعفة بطيب فقبلها، وإلا رفضها ولم يتبعها فى نفسه وأهله. فيقول رسولنا العظيم (صلى الله عليه وسلم) (ازهد فى الدنيا يحبك الله، وازهد فيما فى أيدى الناس يحبك الله)، فدنيا المؤمنين محكومة ومضبوطة بقوانين وحدود واضحة، وهى حدود تعظيم الناس بصراحة عن كل محرم، وترسم لهم أسلوب العيش والانتفاع به إلى حين، وتأخذهم بأدب واضح من التعفف والقنوع بحجزهم عن الأهواء والأطماع، مما يدفعهم إلى طريق الاعتدال والقصد فى العفة والقناعة.

كم يطوى الليل والنهار من جراحات وضحايا وفقر ومظالم فى أعقاب هذا العراك المادى السفيه، فالناس إذا عاشوا باكتفائهم الذاتى وعرفوا مواردهم جيداً ثم ضغطوا شهواتهم ورغباتهم وعاشوا فى حدود ما يملكون لاستراحوا وأراحوا.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الجبهة الوطنية: القائمة الوطنية تضم كوادر وكفاءات تثرى مجلس الشيوخ القادم

تعرف على موعد انطلاق استعدادات الأهلي للموسم الجديد ومعسكر تونس

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

كريم حسن شحاتة: الزمالك يضغط على بيراميدز للتعاقد مع محمود صابر

ترك أعمالا مميزة واعتزل التمثيل فى الستينيات.. ذكرى ميلاد حسين صدقى


إحباط تهريب 300 كائن حى نادر بمطار القاهرة.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراضا وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصالا لها.. وتتسبب فى خسائر فى الثروة الحيوانية

إيران تستلم بطاريات صواريخ أرض جو من الصين

الانتقال الجماعى شعار الميركاتو الصيفى فى الدورى المصرى.. ثنائى فاركو الأحدث

ليبيا تطرد وزراء داخلية إيطاليا واليونان ومالطا ومسؤولا أوروبيا

رئيس اتحاد البنوك: سنراعى حالات سداد أقساط القروض للعملاء مع تأثر الخدمات


سجل بياناتك لتصلك نتيجة الثانوية العامة 2025

بطل ابن بطل.. نور امتياز كامل يكتب فصلا جديدا من العطاء بحريق رمسيس.. الوالد استشهد فى موقعة الواحات والابن جسد البطولة فى حريق السنترال.. والدته لـ"اليوم السابع": اللي خلف ما ماتش وكلنا فداء مصر

البرلمان الأوروبى يوافق على اتفاق بشأن تخفيف قواعد تخزين الغاز

إيلون ماسك يخسر 15.3 مليار دولار من ثروته بعد إعلان تأسيس حزب أمريكا

أغلبية الإسبان يتهمون إسرائيل بارتكاب إبادة فى غزة ويطالبون بعقوبات أوروبية

البيت الأبيض يستضيف 5 رؤساء أفارقة وسط مفاوضات بشأن الرسوم الجمركية الجديدة

الزمالك يستعد للموسم الجديد بـ8 تدعيمات قوية.. وحسم موقف الراحلين قريبا

مسئول روسى: لا تقدم فى العلاقات بين موسكو وباريس بعد اتصال بوتين وماكرون

تداول فيديو لحريق مصنع إسفنج دمياط ..استمرار محاولات السيطرة على النيران

فناربخشة التركي يضم رسمياً جون دوران من النصر لمدة موسم واحد

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى