لعبة القرود الثلاثة أمام صناديق الانتخابات

محمد الدسوقى رشدى
محمد الدسوقى رشدى
أى طرح خاص بأن دعوات مقاطعة انتخابات البرلمان التى أطلقها الإخوان أو بعض من التيارات السياسة فى مصر هى سبب الإقبال الضعيف على لجان الاقتراع فى المرحلة الأولى من انتخابات مجلس نواب 2015، تبدو عبثية وكاذبة ومغايرة للحقيقة.

أى مقارنة بين نسب المشاركة فى انتخابات المجالس النيابية المصرية على مدار العشرين سنة الأخيرة باستثناء الطفرة الحماسية التى شهدتها مصر بعد ثورة 25 يناير ستجعل من نسبة المشاركة فى الانتخابات الأخيرة منطقية ومفهومة.

بالمثل أى محاولة لنفى أن الشارع يعانى من حالة عدم اكتراث وتململ تكاد تصل إلى الإحباط من الأداء السياسى الحاصل على مستوى الدولة أو مستوى النخبة السياسية، تبدو هزلية وحالة إنكار مرضية لواقع يقول بأن أبناء الطبقة المتوسطة وجزءا كبيرا من قطاع الشباب فى مصر يعانون من إحباط بسبب المتاهة وكوكتيل المتناقضات الذى نغرق فيه بسبب الممارسات السياسية، وتحديدا بسبب فتح المجال أمام إعلاميين وسياسيين يرون كل مختلف معهم فى وجهة النظر خائنا وعميلا و«طابور خامس» وأمام بعض الوجوه العكرة بأخلاقها، أو الناضحة بفسادها، أو الحاملة لجهل يكفى لتدمير وعى شعب يعيش مرحلة صعبة يقاوم فيها إرهاب ومخططات تفكيك وليس فى مصلحته أن يقاوم كل هذه الشرور وهو غائب عن الوعى أو مترنح الفهم أو يعانى من آلام الإحباط.

فى بعض القطاعات الإحباط سيد الموقف، وحصول الإحباط على لقب «سيد» يعنى أن المشاكل قادمة، ومشاكل الإحباط ليست مالية ولا صحية يمكن حلها بطلب «سلفة» أو باستشارة طبيب، بل هى كالسوس ينخر فى عظم الدولة حتى يتركها قعيدة بلا قدرة على الحراك إلى الأمام.

لا تنكرها، حزب المحبطين هو الأكثر استقبالا للأعضاء فى مصر الآن، والمحبطون لا يؤسسون لوطن، ولا يجوز أن تغفلهم الدولة لأن فى معرفة أسباب إحباطهم معرفة لعلاج مشاكل الوطن.

المحبطون فى مصر أنواع، وكل نوع يغنى على ليلاه، شباب أرهقتهم الهزائم بعد أن علت موجة أحلامهم مرتين الأولى فى 25 يناير والثانية فى 30 يونيو، وأحزاب أدركت عجزها بعدما تدحرجت الفرص أمامها مرة واثنين وثلاثة ولم تنجح فى قنصها، وأهالٍ سقطوا فى الفخ بسبب تكرار المرات التى كلما ظنوا فيها أن الدولة عائدة خذلتهم تصرفات نخبة سياسية فاشلة، أو تصريح وزير غير مدروس، أو أداء لإعلامى لم يفرق بعد بين ممارسة المهنة واللعب على الطبلة.

فى اليابان وعلى باب ضريح «توشوغو» الذى يعرف باسم المستقر المقدس، تظهر ثلاثة قرود أولها يضع يده فوق عينيه واسمه ميزارو (Mizaru) وهو يرمز إلى مبدأ (لا أرى الشر)، وثانيها يضع يده فوق أذنيه واسمه «كيكازارو» (kikazaru)، وكأنه يقول لا أريد أن أسمع الشر، وثالثها يسمى «ايوازارو» (Iwazaru) يضع يده فوق فمه مغلقا إياه تماما وكأنه يقول أنا لا أتكلم فى الشر.

للقرود الثلاثة تأثير كبير فى الحياة البشرية والاجتماعية، يظهرون فى الأفلام والروايات ويكتب عنهم الشعراء كرموز دالة على بعض المواقف البشرية، فى العالم القديم كان يتم استخدامها للإشارة إلى الإنسان المثالى الذى لا يتلصص ولا يتجسس على الآخرين، الذى يرفض النميمة والغيبة، ولا يستخدم حواسه التى أنعم عليه بها الرب فى إيذاء البشر.

كان ذلك فى الماضى البعيد وفى دول الشرق الأقصى، أما فى ماضينا القريب وحاضرنا وعلى أرض العالم الثالث، تحولت القرود الثلاثة إلى رموز لأمر آخر، وأصبح يتم استخدامها للتدليل على الإنسان السلبى وفى بعض الأحيان الإنسان الجبان.

فى مصر على سبيل المثال يرى الناس القرود الثلاثة تمثالا يجسد العبارات المصرية الأصيلة التى تقول: «الباب اللى يجيلك منه الريح سده واستريح، امشى جنب الحيط، المناخ العام ليس جيدا والمشاركة ستحتاج منك إلى عرق لا يجب أن تبذله حتى تظل محتفظا بصورتك كمناضل من ورق على شبكات التواصل الاجتماعى، مش مهم تشارك فى السياسة والشأن العام عشان تجيب لنفسك مشاكل».

فى البلاد التى لا تتمتع ساحتها السياسية بملامح استقرار وحيوية وحماسة واضحة، يستخدمون تماثيل القرود الثلاثة فى التعبير عن أشياء ثلاثة، إما عن مواطن يائس وبائس ومحبط يرى أن مشاركته فى الحياة السياسية والاجتماعية بلا طائل، أو مواطن خائف، أو إعلام منافق ونخبة عاجزة تريد من المواطنين أن يجعلوا من القرود الثلاثة قدوة.

فى كتب الطب النفسى يعرفون الإحباط بأنه استجابة عاطفية لحالة من الاعتراض، أى هو رد فعل نفسى يعبر عن حالة عدم الرضا، تظهر بسبب وجود عوائق تمنع الإنسان من تحقيق الهدف، بسبب الطريق الذى يشعر الشاب أو الإنسان بأنه مسدود أمام أحلامه بسبب ممارسات الآخرين أو سيطرتهم، وللإحباط مصيران، الأول أن تعالجه وتفتح طاقة أمل جديدة، أو تترك المحبطين يتكيفون مع إحباطهم.. ووقتها لن تحصل إلا على نتيجة واحدة.. أشخاص أكثر عدوانية!

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رابط مباشر.. الاستعلام عن أرقام جلوس الثانوية الأزهرية 2025 الآن

توتنهام يهزم مانشستر يونايتد ويتوج بلقب الدوري الأوروبي (فيديو)

شبورة ورياح وأتربة.. حالة الطقس اليوم الخميس 22 مايو 2025 فى مصر

باختصار.. أهم الأخبار العربية والعالمية حتى الظهيرة.. العالم يدين إطلاق الجيش الإسرائيلى النار على الوفد الدبلوماسى بجنين.. وحظر تصدير الأسلحة إلى الاحتلال والتهدئة فى الهند وأوكرانيا والتفاوض مع إيران

إبراهيم عبد الجواد: زيزو يلحق ببعثة الأهلي 6 يونيو عقب الإعلان الرسمى للصفقة


منتخبات مصر ترسم خارطة المستقبل للكرة المصرية.. أملٌ متجدد وطموحات عالمية

"درون " مصري 100% بأيدي أبناء جامعات مصر الذكية.. طلاب علوم الطيران والفضاء بجامعة المنصورة الجديدة يصممون "درون" متكامل بمهام جديدة.. يراقب الطرق ويدعم المستشفيات من خلال خدمة توفير نقل الدم بأسرع وقت

شاهد.. لحظة إطلاق إسرائيل النار على وفد دبلوماسى يضم سفير مصر.. فيديو وصور

بعد حذفه بيان الانفصال.. مها الصغير تحذف بوست ردها على أحمد السقا

الحكومة: مد خدمة المدرسين المحالين للمعاش أثناء العام الدراسى لنهاية العام


البحوث الفلكية تكشف موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025

صراع المليارات داخل عائلة نوال الدجوي.. قصور تُباع ببصمة مشكوك فى صحتها.. شيكات بملايين الدولارات تشعل النزاع.. فيديو غامض يقلب القضية.. وماما نوال تنتظر جلسة حجر أحفادها عليها 26 يونيو المقبل

انتهاء عقود النجوم أزمة تواجه المصري بعد استقالة رئيس النادي

مها الصغير بعد طلاقها من أحمد السقا: مفيش حاجة مبهرة قد وقفة ربنا جنبك

النص الكامل لتعديلات قانون مجلس النواب والدوائر الانتخابية

خلال محادثات أوكرانيا وروسيا.. بوتين لترامب: نحب ميلانيا أكثر منك

بعد الفوز بالقضية.. الإسماعيلى يكشف دور شاهد العيان في أزمة سعدو عبد السلام

مان سيتي ضد بورنموث.. ملعب الاتحاد تميمة حظ عمر مرموش

قيمة ذهب نوال الدجوى المسروق بالجنيه المصرى

طلب يدها من نجاة.. كيف ثأرت السندريلا من العندليب بعد إنكاره حبهما وزواجهما؟

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى