محمد حمادى يكتب: جمال الغيطانى.. شاب عاش ألف عام

الأديب الكبير الراحل جمال الغيطانى
الأديب الكبير الراحل جمال الغيطانى
الله خلقنى كاتبا، عدا ذلك مكملات "هذه المقولة من أقوال الأديب الكبير الراحل جمال الغيطانى، الذى رحل عنا ونحن فى أمس وأشد الحاجة لمثله من الآدباء والكتاب والمفكرين وأصحاب الرؤى المستنيرة، وإن كان مثل هؤلاء يعد على الأصابع، فمن النادر أن نرى قيمة وقامة عربية وعالمية مثل أديبنا الراحل جمال الغيطانى.

أريد أن أسلط الضوء على بعض ملامح أديبنا الكبير، الذى أسرى الحياة الفكرية والأدبية والثقافية والتاريخية، لنجعلها لنا نبراسا ونورا يضيئان لنا طريقنا الذى اشتد به ظلام الفكر واختلط العاطل بالباطل واصبحنا الان نتخبط ونترنح فى غياهب ظلمات الجهل والفكر:

بين التاسع من مايو 1945، والثامن عشر من أكتوبر 2015 ملامح وعلامات بارزة فى حياة الغيطانى من اهمها يوم تقلد وسام جوقة الشرف الفرنسى العام الماضى، ويقف الحكاء الجنوبى على أعتاب عامه السبعين حاملا كتفيه طفولة خضراء فى مرابع مركز جهينة السوهاجية ودراسة متوسطة لم تسعفه الظروف الأسرية والحياتية لاستكمالها كاغلب المبدعين من أبناء جيله، أبناء جيل السيتينات، وإلى جوارهما يحمل تاريخا مهنيا عتقته مشاوير وتجليات "صاحبة الجلالة" بدءا من العمل كمراسل حربى على الأعوام الستة الصعبة ما بين النكسة والنصر، ووصولا إلى تأسيس ورئاسة تحرير جريدة "أخبار الأدب" المطبوع المتخصص والأول من نوعه فى مصر والمنطقة العربية، الذى مثل حلما وابنا بكرا من أبناء الغيطانى، وظل قائما وقيما عليه طيلة سبعة عشر عاما تقريبا.

وبين التجلى الأول فى فضاء الحياة، والتجلى الاحدث فى فضاء الابداع والتكريم، مسيرة من الإنجاز الإبداعى والثقافى، اتصلت بالعام والمؤسسى والتنفيذى كاقصى ما يكون الانفصال، وانفصلت عنهم كاقصى ما يكون الاتصال، فظل الميزان متزنا ومعايرا للخطوة والبوصلة الثقافية والقيمية للوزان، دون أن يفتئت على الواقع أو ينغمس فى تشوهه وتعقيداته، فكان الناقد الفاعل والمقوم لعوار المؤسسة فى إرساء وتدشين خطى ثقافية يراها مفيدة ودافعة وحافزة للمتلقين والمبدعين، بين مؤتمرات ورحلات خارجية وسلاسل نشر ولجان ادبية تتبع وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة.

الكتابة الخاصة والاستثنائية تلك التى فتح بها الغيطانى مساره السردى والروائى الجديد منذ مفتتح عمله الاول " اوراق شاب عاش منذ الف عام " مرورا بمنجزه الروائى المتميز فى الفضاءات السردية العربية مثل: (الزينى بركات، حارة الزعفرانى، التجليات، ) بالإضافة إلى نصوصه المتفردة حول المدينة الأثيرة القاهرة المحروسة وأسرارها فى التاريخ، ومكنوناتها فى البشر وحركة الحياة والمعمار وموسيقاه التى تنساب عندما يقترب منه العشاق المتيمون بسيمفونيات الحجر ومتتالياته وبنياته وتشكيلاته، وبالفعل المعمارى وجماليات الايادى الخشنة التى تبدع جمالها وروحها الوثابة المتحضرة فى عملية البناء.. كتابة ملهوفة دائما بالانسان المصرى وعمق اعماقة فيما وراء التاريخ المكتوب وما بعده، وتحاول أن تستنطق عبقريته فى الزمان، وفى البناء.

كتابات الغيطانى ولغته جاءت من الابحار فى لغة الحجر والعمارة ومن الموسيقى الطالعة من احجار المعابد القديمة، ومن التماثيل والايقونات، وقلايات الرهبان فى الاديرة المصرية، ومن حوائط المساجد العريقة وجماليات منابرها الخشبية ومقرنصاتها وقبابها، ومن توزيعات النور والظل فى تشكيلاتها، ومن فضاءاتها الداخلية، وموسيقى الاذان، وقراءات القران الكريم وتلاواته على تعددها، وتنوع اصوات كبار الكبار من المقرئين الذين حملوا فى اصواتهم العذبة الجميلة، حلاوة المقدس وتجليه فى النص رفيع المكانة والمقام، لغة طالعة من انشاد المنشدين، وتضرع الباحثين والطالبين للمغفرة وحسن الثواب.

ايضا من العلامات الفارقة قى حياة الغيطانى والده الروحى الاديب العالمى نجيب محفوظ حيث كانت تجمعهما صداقة قوية منذ عام 1959 وصلت إلى الحد الذى جعل كل منهما مستودعا لسر الاخر لكن كل ذلك على المستوى الانسانى، اما على المستوى الفنى فاختلف معه تماما لان مشروع نجيب محفوظ كان يعتمد على كتابة الرواية على نهج الرواية الغربية، اما مشروع الغيطانى الادبى فهو قائم على إعادة الرواية العربية إلى اصلها القديم.

هكذا رحل أديبنا الكبير عن عالمنا بجسده، ولكن أعماله وتجلياته ورواياته الممزوجة بعبق التاريخ وشوارع القاهرة العتيقة باقية وخالدة إلى أبد الدهر.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

المهاجم العراقي مهند علي يعود لحسابات الزمالك فى الصيف

من منتخب مصر إلى إنجلترا.. لعنة النهائيات تضرب مرموش وصلاح

حفيد عبد الحليم حافظ: عقد زواج العندليب وسعاد حسني فيه أخطاء كارثية

الزمالك يعلن فى بيان رسمي مقاطعة اجتماع رابطة الأندية اليوم

علا الشافعى تكتب من بغداد: العراق يستعيد حضوره.. ومصر تقود معركة «الفرصة الأخيرة».. فى حضرة الغياب وعلى إيقاع مأساة غزة.. مشهد عربى مأزوم ورسائل سياسية متناقضة


السيطرة على حريق جراج فى منطقة حدائق الاهرام دون إصابات

باختصار.. أهم الأخبار العربية والعالمية حتى الظهيرة..مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى..اصطدام سفينة بجسر بروكلين فى نيويورك وإصابة 19 شخصا..نيويورك تايمز: تجاهل ترامب لنتنياهو فى جولته يعيد تشكيل السياسة الخارجية

مواقف بطولية لسفراء الكرة المصرية فى أوروبا.. مصطفى محمد وعبد المنعم يرفضان دعم المثلية فى فرنسا.. صلاح يتبرع لدعم غزة.. النني وسام مرسي يتحديان حملات الترهيب.. وكوكا يكشف زيف الإعلام الغربي دعماً لفلسطين

الأهلي يقرر استمرار النحاس مديرا فنيا أمام فاركو رغم الاتفاق مع ريفيرو

المتحدة للرياضة تنظم وتذيع مباراة الأهلي وباتشوكا حصريًا على أون سبورت


رابطة الأندية تُحصن قراراتها فى أزمة القمة تحسبا للجوء للمحكمة الرياضية

حفيد عبد الحليم حافظ: العندليب لو اتجوز هينكر الجواز ليه؟! .. شيء مش عقلانى

"صفقة" ريفيرو المُرتقبة تمنع عودة أليو ديانج للأهلي فى الصيف

موعد مباراتي الجولة الأخيرة للأهلي وبيراميدز فى الدوري

الأهلي يواجه الترجى التونسى الليلة فى بطولة الكؤوس الأفريقية لكرة اليد

حطم سيارات بالملايين.. اعرف مصير سائق معرض القطامية بعد إخلاء سبيله

موعد مباراة الزمالك وبتروجت فى الدورى المصرى والقناة الناقلة

موعد مباراة الأهلي القادمة أمام فاركو فى دوري nile والقناة الناقلة

المغرب يطارد إنجازًا تاريخيًا أمام جنوب أفريقيا فى نهائي أمم أفريقيا للشباب

بكاء نور الشربينى وفرحة والدها بعد تتويجها ببطولة العالم للاسكواش.. فيديو وصور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى