محمد غنيم يكتب: كشف الأحاسيس فى "فراش فرويد"

غلاف الرواية
غلاف الرواية
كتب محمد غنيم
من الحياة الاجتماعية تفرز الرواية رحيقها مفعمة بشذا العادات والتقاليد والأعراف التى كونت الملامح الرئيسية للشخصية، فيظهر الأدب الواقعى فى أجمل صوره، وبذلك تعد "على فراش فرويد" لنهلة كرم رواية وليدة من رحم المجتمع المصرى لم يقطع حبلها السرى بعد، فالحياة لا تُفهم إلا من خلال القصص التى نرويها عنها، وذلك كما قال الفيلسوف بول ريكورد، فقد استطاعت الكاتبة أن تسمعنا صرخات الأنثى عبر روايتها على لسان بطلة العمل "نورا" التى تمثل جيلا كاملا من الفتيات، فجعلت من الرواية مجتمعا واقعيا مليئا بالحياة والحيوية.

تسرد الأحداث تطور الصراع النفسى للبطلة "نورا" وازدواجيتها بين طيات الأنثى العفيفة المحافظة والساقطة، رغم مخاوفها وعدم رضاها عن نظرة المجتمع لجيلها، فالمؤلفة أدهشت القارئ بحكايات "نورا" وصديقتها النقيضة تماما لتصرفاتها وأفعالها "مريم" شخصية الأنثى التى تمارس الماسوشية بأن يقع عليها السباب واللعن من حبيبها “إلهامى”، ناهيك عن بعض الألفاظ الجنسية التى كان يسبها بها فكان يوقع عليها السادية، على النقيض تماما علاقة نورا مع زياد، فكانت تتسم بالرقى والثقافة والأحاسيس رغم تمنى البطلة أن تصبح مريم حتى ولو فى الخيال خوفا من الأعراف والقيود التى أدخلتها بوطقة المرض النفسى عن طريق الهروب من مواجهة المجتمع بتقمص شخصية أصحابها فتدور فى دائرة الازدواجية، حتى تستسلم مسترخية متهيئة على فراشها لتستقبل صديقها الافتراضى الطبيب النفسى سيجموند فرويد، فتروى له معاناتها حتى وإن كانت ذكريات، تسرد له أفراحا وأحزانا، وتبوح بما تخشى أن تبوح به أى أنثى أمام أى شخص آخر حتى وإن كان أقرب الناس إليها وبتكرار الفعل كل ليلة أطلقت على سريرها "فراش فرويد".

يأتى البناء السردى لشخصيات الرواية، باحتلال الأنثى حيزًا كبيرًا من أركان العمل، حيث أضاءت نهلة كرم خبايا كثيرة لشخصية المرأة بكل تفاصيلها، خاصة أن الرواية ركزت على شخصية رئيسة "نورا" التى كانت تبوح بأكثر جرأة وخاصة عندما كانت تتحدث عن صديقتها "مريم" فهذا البوح نجده نادرًا جدًا فى كثير من الروايات حتى وإن سلطت الضوء على الجانب النفسى لشخصية المرأة، فالحب وعلاقة المرأة بالرجل والجنس والعادات والتقاليد والأعراف هم إكسير الحياة للمجتمع، فالعلاقة المتشابكة بينهما تجسد العشق الدافئ، والجسد المتوتر، والتقلبات والانفعالات النفسية، وأشواقها المكتومة، المكتوبة فى لحظة انكشاف وبوح لرغبات البطلة الدفينة المتحررة من الخوف، نجد نورا تتقلب على السرير تكتشف غرائزها وتبوح بما باحت به مريم لها، تلمس جسدها مكتشفة غرائزها، وتفيض من الحكى لعالم النفس "فرويد" بسرد حميمى فكان البوح دليلاً على رغبتها فى التعافى.

استطاعت الكاتبة من خلال السرد كشف الأحاسيس الأنثوية الدفينة فى وجدان الفتايات المغموسة فى البيات الشتوى، خوفا من عواصف المجتمع وعاداته، فما ألذ أن تكتب أنثى بوحا عن جيلها بفيض من الأحاسيس والمشاعر المكبوتة.

فالمرأة مستودع أسرار لا تبوح به إلا لمن يملكها بإحساسه ويطوقها بأحاسيسه، ويهتز له كيانها كما فعلت نورا عندما قصّت على عالم النفس سيجموند فرويد حكايتها الشخصية وتفصيلات مغامرات صديقها مريم وهى تتأرجح بين أحضان محسن، بعد أن ذابت فى مكالمات إلهامى المزدانة بالإيحاءات الجنسية.

تسرد الكاتبة ما تمر به المرأة من منغصات أفرزتها العادات والتقاليد تحول دون سعادتها، وتكدر صفو حياتها فتذكر حكاية هاجر مع الحجاب وقصة مروة فى موافقتها على الزواج من أجل الزواج نفسه، كى لا تصبح "عانس" رغم سنها الصغير وخوفها من شبح المجتمع بنظراته الفجة للفتاة التى لم تلحق بقطار الزواج حين تستعيد نورا الظروف التى أحاطت بها وهى تحاور فرويد، فتكتشف بيسر حجم الخطايا التى ارتكبتها فى حق نفسها، وستصل فى النهاية إلى أنها شخصية ازدواجية، إلى أن ظهر زياد فى حياتها وأزاح الغبار عن الجوهرة المكنونة بداخلها فحرّرها من أوهامها المخيفة حول الجنس السادى الذى واجهته "مريم".

تعافت "مريم" بممارسة الفن، فيما سعت "نورا" إلى التعافى عن طريق بوحها لفرويد تارة، وكتاباتها لروايتها تارة أخرى، حتى انتهت بفك الحلقات المتشابكة بين الدين والجنس والعادات والتقاليد.

نستخلص من حكم الرواية وعبراتها أن المرأة يجب ألا تترك نفسها فريسة لمن تحب تحت مظلة العشق حتى وإن كان صادقا، حين فقدت مريم رونقها فى عيون إلهامى رئيس القسم الثقافى فى الجريدة التى تعمل بها حين كانت تستمتع بمكالماته الجنسية يوميا، حتى فر هاربا إلى حضن فتاة أحبها ثم تزوجها، فعاقبت مريم نفسها بأن ألقت بجسدها فى سرير محسن ذلك الإعلامى المشهور الذى شغفها حبا من خلف شاشات الفضائيات، فاقتنصت الفرصة حين قابلته لأول مرة كمصورة فى أحد الحوارات الصحفية، فأسرعت مهرولة إلى فراشه. تعتبر الرواية إعادة لاكتشاف الذات، لكون البطلة تمثل بنات جيل بأكمله، حيث تمر معظم البنات بمثل هذه المشاكل.

موضوغات متعلقة..


رواية "على فراش فرويد" تثير الجدل بمكتبة مصر الجديدة
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

البلوجر نور تفاحة.. فيديوهات مخلة تحرض على الفسق من أجل الربح أهم أسباب محاكمتها

تدهور الأوضاع الإنسانية في الفاشر.. 38% من الأطفال يعانون سوء التغذية الحاد.. انهيار خدمات المياه والصرف الصحي.. مخاوف من تفشى الأوبئة والأمراض.. والهجرة الدولية: نزوح أكثر من مليون شخص من المدينة هربا من القصف

موعد ودية الزمالك وأورانج تحت قيادة يانيك فيريرا

محاكمة "نور تفاحة" راقصة الساحل الشمالى بتهمة بنشر فيديوهات خادشة.. اليوم

تشييع جثمان سامح عبد العزيز بعد صلاة العصر من مسجد الشرطة ودفنه بالسويس


5 قرارات مهمة من النيابة العامة لكشف تداعيات حريق سنترال رمسيس

رئيس البرازيل يرفض تهديدات ترامب: لن أقبل أن أكون تحت إشراف أحد

أكرم القصاص يكتب: الرئيس والحكومة وإدارة الأزمات.. عقل الإدارة و«الجيل الرابع»

شاهد مراسم غسل الكعبة اليوم

الاتحاد السكندرى يواجه المصري بالسلوم اليوم في أولى ودياته


الزمالك يربط بقاء دونجا بتخفيض راتبه مع اقتراب نهاية عقده

شيرين رضا تشارك فى بطولة فيلم كراش بطولة أحمد داود والتصوير قريبا

الأهلي يرفض مُبالغة الأندية الأخرى في طلباتها لبيع لاعبيها خلال ميركاتو الصيف

غدا.. آخر فرصة للتقديم على وظائف فى البوسنة برواتب تصل 52 ألف جنيه شهريا

تفاصيل نظام البكالوريا المصرية الجديد × 15 معلومة

محمد عواد يرحل بنفس سبب وفاة أحمد عامر.. أزمة قلبية مفاجئة

وداعًا للطوابير.. تعرف على خطوات الاستعلام عن مخالفات السيارات أونلاين

زوجة تبحث عن بطلان عقد زواجها وتؤكد:" تحايل على بالغش والتدليس لإتمام الزواج"

وفاة المطرب الشعبي محمد عواد.. وأمينة والعيسوي ينعيانه بكلمات مؤثرة

انفوجراف.. آخر مستجدات التحقيق فى حريق سنترال رمسيس الرئيسى

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى