مدحت مصباح جميل يكتب: صـنـاعة الإحـبـاط وتصديره

شخص حزين
شخص حزين
لابد لأى أمـة لكى تنهض وتقوم من كبوتها وتعيد بناء نفسها أن تمتلك ثقافة الإنجاز وصناعة الأمل.. فتأثير تلك الثقافة الإنسانية وذلك السلوك الحضارى الملهم فى إحداث التحولات والإنجازات الكبرى فى مسيرة التنمية لتأثير بـالغ الأهمية ويعد خطوة وآلية وركيزة أساسية من آليات النجاح فى إحداث التحول المنشود.

ولعل المتأمل فى حـال أمتنا الـعـربية يدرك عين الإدراك أن مجتمعاتنا لا تجيد هذه الصناعة ولا تبرع فى استخدام تلك الآلية إنما هى تجيد إلى حد التميز والتفرد والنبوغ "صناعة الإحباط".. وخطورة هذه الصناعة تتمثل فى قدرتها على تحويل المجتمعات إلى شخوصٍ جامدةٍ لا حياة فيها يُسيطر عليها الخمول واليأس والتقوقع والكراهية والإحباط.

لقد أصبح الإحباط مسيطرًا على قطاعٍ ليس بالقليل فى أمتنا وتفشى فيهم وتجد ما يعزز ذلك الشعور فى الأفلام السينمائية والبرامج الحوارية والمسلسلات التلفزيونية والأحوال الحياتية والظروف الاقتصادية والأزمات الاجتماعية والاختلافات العقائدية والانتماءات السياسية...... إلخ.

يشعر الإنسان بأنه لن يستطيع تحقيق ذاته وطموحاته مهما بذل من جهد فيركن إلى الرتابة والكسل بينما من يملك الأمل ويبذل الجهد يمكنه أن يحقق الأمنيات ويحول الأحلام إلى حقيقة ونجاح ملموس.. ويعمد الناس إلى عقد المقارنات بين بلادهم وباقى البلاد الأخرى على اختلاف وتنوع ثرواتها المادية والبشرية وتباين ثرائها وقدراتها الاقتصادية.. والعلاقة بين الرخاء والتنمية فى أى بلدٍ وبين منسوب الفرح والأمل والسعادة علاقة طردية فكلما كان البلد ثريًا ومتطورًا ومتحضرًا كان مواطنوه أكثر سعادة.. لذا فإن عقد تلك المقارنات يجعل النتيجة غالبًا تؤدى إلى الإحباط لأن المقارنات تكون من منظور ضيق ولا تعيها أى تفاصيل غير مظاهر الرخاء والسعادة الموجودة بغض النظر عن كيف حققت تلك البلاد نهضتها الاقتصادية وكيف مر هؤلاء الأفراد بمراحل كثيفةٍ من العمل الجاد.

ولعلى أكون صادقًا إذا قُلت إن بيئة الإحباط وبنيته التحتية مهيئة فى مجتمعاتنا العربية بشكل كبير من ظروف اقتصادية وأحوال إجتماعية وإنسانية.. وأدرك ذلك أعداء هذه الأمة فأصبحت صناعة الإحباط لنا كشعوب وتهيئتها وتصديرها لشبابنا أمرًا يسيرا مستغلين البيئة المحفزة على ذلك فيسكبون البنزين على النار الخامدة لتزداد وهـجـًا واستعارًا لتأكل الأخضر واليابس وتقضى معها على بذور الأمل فى القلوب.

نعم أصبح صناعة الإحباط وتصديره إلينا سلاحًا قويًا فى يد أعدائنا تتلقفه الشخوص الجامدة اليائسة لتقتل به بذور العمل والأمل لديها وتنتقل تلك العدوى بين أفراد المجتمع فيصبح وقود الأمة المتمثل فى الشباب فاقد للأمل والحلم.. ناظر دائمًا من منظورٍ ضيقٍ.. مشتت الرأى والفكر.. سهل الخداع والانهزام.. فاقد الصبر والجلد.. محدود الثقافة والعلم.. معدوم الثقة فى قدرات نفسه أو قدرات أى مسئول على التغيير.. فاقد الرغبة فى العمل بدعاوى انهزامية وأحكام استباقية سوداء معتمدة على رؤية سوداوية لواقعٍ صعب لا يحتمل ولا يحتاج منا إلا إطلاق العنان للأمل وإطلاق الطاقة للعمل لأنه لا سبيل لبناء الأمم غير ذلك .. أما إطلاق اللسان بالكلام والتشبث بالإحباط وتهيئة النفس لليأس والخمول ستقضى على الباقى من أمنتنا ولن نحقق تقدماً قـط .. فأخـوف مـا أخـاف على أمتنا هى الإستسلام إلى اليأس والركون إلى الإحباط.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

هل يشترط امتلاك توكتوك للتقديم فى منظومة الإحلال والحصول على السيارة الكيوت؟

18 عاما على فيلم خليج نعمة لـ غادة عادل وأحمد فهمى

ترجى التونسى يحرم الزمالك من اعتلاء عرش أفريقيا فى مثل هذا اليوم

أتلتيكو مدريد ضيفا على بالياريس فى كأس الملك بحثا عن النجمة الـ11

شبح الوباء يلوح فى أوروبا.. K سلالة إنفلونزا جديدة تنتشر بسرعة.. إغلاق فصول فى إسبانيا وتوجيهات العمل عن بعد فى فرنسا.. وتوصيات بارتداء الكمامات وأهمية التطعيم.. وحكومات تتحرك بحذر خوفا من تكرار كابوس الجائحة


موعد مباراة باريس سان جيرمان ضد فلامنجو فى نهائى كأس القارات للأندية

تصعيد أمريكى خطير ضد فنزويلا.. ترامب يعلن حصار كراكاس

مقتل أستاذ طاقة نووية أمريكى قرب بوسطن بطلق نارى

مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 17-12-2025 والقنوات الناقلة

نتيجة مباراة جوادالاخار ضد برشلونة فى كأس ملك إسبانيا


مواعيد إجازة نصف العام 2026 لصفوف النقل والثانوية والإعدادية

موعد مباراة الأهلى وسيراميكا فى كأس عاصمة مصر والقنوات الناقلة

شبورة وأمطار على عدة مناطق.. تفاصيل طقس اليوم الأربعاء 17-12-2025

أحمد عبد القادر نجم الأهلى يحتفل بزفافه وسط أسرته فى الدقهلية.. فيديو وصور

أهداف مباراة مصر ونيجيريا الودية

منتخب مصر يهزم نيجيريا 2 - 1 فى البروفة الأخيرة قبل أمم أفريقيا.. صور

أسطورة ليفربول يوجه رسالة نارية إلى كاراجر: محمد صلاح لم يخطئ

إمام عاشور وزيزو وصابر في تشكيل منتخب مصر ضد نيجيريا

يورتشيتش: حزين على خسارة الدورى.. وهناك أندية لا تتوقف فى الإشارة الحمراء

الحكومة توضح حقيقة فيديو وجود عيوب هندسية بكوبرى 45 الدولى بالإسكندرية

لا يفوتك


2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش

2025 THE BEST.. عمرو ناصر يخسر جائزة بوشكاش الثلاثاء، 16 ديسمبر 2025 04:37 م

المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى