معركة النقاب ونصار والنمنم

محمد الغيطى
محمد الغيطى
بقلم محمد الغيطى
يبدو أن الدولة تترك المدافعين عن هويتها وحضارتها ومستقبلها فى العراء، لتأكلهم ثعالب الكروم وتحاصرهم غربان الخرابات والكهوف، ويبدو لى أن المثقفين والمبدعين وأهل الكلمة والتنوير قد خطفتهم مشاغل لقمة العيش والسبابيب عن ممارسة دورهم فى الدفاع عن كل قيم التحضر والمدنية، التى تهددها حاليا نفس الحناجر الوهابية والإخوانية والسلفية فيما يشبه حربا شرسة تريد أن تعيدنا إلى نقطة الصفر، لتغلق أمامنا كل فرص الذهاب للمستقبل، بل التواصل مع الحاضر، أقول هذا بعد أن قرأت هجوما عنيفا على الوزير حلمى النمنم، لأنه قال: إن مصر دولة علمانية بالفطرة، وهاجمه بجهل مدقع رئيس حزب النور، يونس مخيون، المتلون الأعظم، واتهمه كورس من أشبال السلفيين بالكفر، وأخذوا معه بالمرة كل المثقفين العلمانيين، واتهموا كل علمانى بأنه ملحد يحارب الإسلام، وأنا أجزم بأنهم جميعا جهلة بالفطرة وبالقصد، أما قصة أن كل علمانى ملحد وكافر، فأرجو من الذين يرددون هذا الكلام الساذج والجاهل أن يعودوا إلى حديث أحد رموز الإسلام السياسى فى العالم، وهو الإخوانى التونسى راشد الغنوشى، رئيس حركة النهضة التونسية الإخوانية، عندما قال بالحرف فى حديث لصحيفة «ليبراسيون الفرنسية» إنه مع علمانية الحكم أى الصورة المدنية للدولة، التى يعيش فيها المسلم مع غير المسلم فى الوطن الواحد، وأنه بعد تجربة الإخوان فى مصر، ومحاولة احتكارهم للسلطة وإقصائهم الآخرين، تعلم أن العلمانية هى الحل، وقال: إنه قد يختلف مع العلمانية الإلحادية، لكن الإسلام أعطى حرية الاعتقاد حتى للملحد.
وفى نفس السياق وعلى نفس الوتيرة خرجت الثعالب والغربان وطيور الظلام تهاجم الدكتور جابر نصار، لأنه منع أعضاء هيئة التدريس النساء بجامعة القاهرة من التدريس بالنقاب، وقال بوضوح: إنه سأل شيخ الأزهر فقال: إنه لا نقاب فى الإسلام، وأنها عادة لاعبادة، وأعتقد أن شيخ الأزهر الأسبق الراحل د. سيد طنطاوى له كتاب بهذا الاسم النقاب عادة لا عبادة، وفيه يرصد مسيرة النقاب، ويؤكد أنه كان زى اليهود وأهل فارس قبل انتشار الإسلام، وللدكتور الفنجرى كتاب عن الحجاب والنقاب، يفند فيه كل هذا، وينفى فرضية الحجاب نفسه، وهذا ما ذكره أيضا المفكر الدكتور سعيد العشماوى فى كتابه الحجاب فى الإسلام، وأعترف أننى حزين جدا وأنا أكتب عن هذا الموضوع، لأنه دليل أننا ما زلنا نناقش سفاسف الأمور وتوافه القضايا، بدلا من أن نناقش كيف نخترع ونأكل مما نزرع ونصنع، ونحن نستورد ثلاثة أرباع طعامنا، ونستهلك كل ما يقدمه لنا الغرب الكافر. إن جابر نصار لم يخترع اختراعا بالعكس هو يطبق القانون، علينا أن نقف معه فى معركته ضد الجهل والتخلف وتجار الدين من السلفيين ورثة الجماعة الإرهابية، وبالمناسبة هو لم يأتِ ببدعة، ومرة أخرى نستشهد بتونس، منذ شهر أصدرت الحكومة التونسية قرارا بمنع ارتداء أية موظفة أو عاملة للنقاب فى كل المؤسسات الحكومية بما فيها الجامعات، وحاول بعض أعضاء حزب الغنوشى الاعتراض على القرار، لكن الغنوشى نفسه قال: إن النقاب لا علاقة له بالإسلام، أنا لا أعلم لماذا لم يعمم المجلس الأعلى للجامعات قرار جابر نصار، وتحدث بعض رؤساء الجامعات الإقليمية بأنهم ضد نصار، وعليه أن يطبق قراره على جامعته فقط كأننا نتحدث عن جزر منعزلة، والبعض شممت فى كلامه رائحة سلفية إخوانية، وهذه كارثة أن يكون عندنا رؤساء جامعات بهذا التسطيح العلمى والثقافى، بل والجهل أيضا، الموضوع ليس مجرد ملبس، بل هو فكر ونسق قيمى متجذر من عصور الانحطاط الفكرى والفتاوى الوهابية التى تخاصم العصر والحياة بل وصحيح الدين أيضا، وعندما نترك حراس التعليم العالى من رؤساء الجامعات مع صمت الوزير والمجلس الأعلى للجامعات أو تواطؤهم، يبقى على الجيل الطالع السلام، تحية لحلمى النمنم وجابر نصار، وسحقا لغربان التطرّف والجهل، وقى الله مصر من أشكالهم وعقولهم آمين.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

توروب يجري تعديلات على تشكيل الأهلي أمام سيراميكا بكأس عاصمة مصر

برشلونة يبدأ حملة الدفاع عن لقب كأس ملك إسبانيا أمام جوادالاخارا

الزمالك يستند على الاتفاق مع بتروجت في صفقة حامد حمدان

5 معلومات عن مباراة مصر ونيجيريا الودية استعداداً لـ أمم أفريقيا

2025 THE BEST.. عثمان ديمبيلي يسعى لتحقيق الثنائية تحت أنظار محمد صلاح


قانون التأمينات يحدد 4 حالات تُقطع فيها معاشات المستحقين أول الشهر

الفوز الأول.. كأس عاصمة مصر تفتح باب الحلم لسيراميكا أمام الأهلي

موعد بداية كأس أمم أفريقيا ومواعيد مباريات منتخب مصر.. إنفوجراف

محافظ القليوبية: المنازل المجاورة للسكة الحديد لم تتأثر بسقوط الحاويات

غرامة تصل لـ 5 ملايين جنيه عقوبة نشر أخبار خاطئة عن الطقس


مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 16 - 12- 2025 والقنوات الناقلة

مانشستر يونايتد يتعادل مع بورنموث 4-4 في مباراة مجنونة بالدوري الإنجليزي

حالة الطقس اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر.. انخفاض بالحرارة وأمطار بعدة مناطق

موعد مباراة المغرب والأردن في نهائي كأس العرب 2025

الأرصاد تتوقع فرص سقوط أمطار على القاهرة الكبرى وتحذر من سيول بهذه المناطق

طلاق المخرج حسام الحسينى وزوجته رسميا بعد 21 عاما من زواجهما

دخل علينا غرفة النوم.. تفاصيل اقتحام أتوبيس مدارس شقة سكنية فى بدر.. صور

ابنة شقيقة طارق الأمير: دكتور حسام موافى طلب من الأطباء تركيب جهاز لتنظيم ضربات القلب لخالى

موعد مباراة مصر ونيجيريا الودية استعدادا لكأس أمم أفريقيا

حقيقة تصنيف مواليد الثمانينيات ضمن كبار السن في منظمة الصحة العالمية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى