«ذات يوم».. من يتعلم من التاريخ؟

أكرم القصاص
أكرم القصاص
بقلم : أكرم القصاص
سعيد الشحات حكايات بالصورة والرائحة!
هناك كثيرون يتحدثون عن دروس التاريخ، وكان الفيلسوف الألمانى هيجل يرى أنه لا شىء اسمه «دروس التاريخ»، لأنه لو كان هناك من يتعلم من التاريخ ما تكرر الطغاة، وما تكررت الحروب، لكن ما يحدث أننا يمكننا من قراءة التاريخ، أن نفهم الحاضر، خاصة أنه لا مفاجآت لهؤلاء الذين يقرأون التاريخ. ثم إنك تتعرف على مصائر أبطال وشخوص، كأنك تنتظر على شاطئ الحكايات لتعرف النهايات بعد البدايات.

ليس لأن سعيد الشحات صديقى، لكنى أرشح كتابه «ذات يوم» للقراءة لأسباب كثيرة جدا، أهمها أنه شيق، وممتع، يقدم التاريخ من خلال أشخاص وموضوعات. تمتد بطول التاريخ وعرضه، وكأنه يصعد إلى سابع سما وينزل إلى سابع أرض، ليحكى بأسلوب شيق يغزل فيه الماضى مع الحاضر بأسلوب سهل ممتنع. وأتصور أن مثل هذا الكتاب يمثل شكلا جديدا من أشكال كتابة التاريخ، يفيد أكثر من يرهقهم البحث والتنقيب، سعيد الشحات ينوب عن القارئ ويقدم له موضوعات وأشخاصا يكاد يسمعها ويتحاور معها. ولا نبالغ إذا قلنا أن القارئ يشم رائحة التاريخ القديم والحديث.

وبالرغم من مداومتى على قراءة زاوية «ذات يوم» التى يكتبها سعيد الشحات فى «اليوم السابع» يوميا، فإننى لم أفقد دهشتى وأنا أطالع الكتاب بعد أن تجمعت الحكايات بين دفتى الكتاب الصادر حديثا. ومن شهادتى على صناعة هذا الكتاب، فقد رأيت الجهد الجبار الذى يبذله سعيد فى تقديم هذه الخلاصة التاريخية، ما يفعله الكاتب هنا أقرب لعملية تناول الطعام وهضمه وتمثيله، ويبقى من آلاف الصفحات قصة عن أشخاص عاشوا ورحلوا فى الظل ولم يعرف عنهم أحد شيئا. سوف تجد ملوكا وزعماء وصعاليك وشعراء، أدباء وقادة، وصعاليك وناسا عاديين لعبوا دورا فى تاريخ السياسة أو الأدب أو الحياة اليومية.

سعيد يغوص فى أعماق التاريخ، ليستخلص «كبسولات» مركزة وممتعة، تجمع بين الأدب والتاريخ، تخلو من الخطابة والمدرسية، وتدخل فى سياق الإمتاع. سوف تتجول مع سعيد الشحات، من ألف سنة، أو من عدة سنوات، تجد نفسك مع محمد على وعائلته ممن حكموا مصر، تصل إلى السودان وسوريا والوحدة والانفصال، وعبدالناصر والسادات والمهدى والنميرى، دون أن تفتقد إلى محمود درويش وأشعاره، ثم ترجع إلى الحروب الصليبية من مئات السنين، وترى عبدالناصر فى سينما مترو بالإسكندرية عام 1956، وتجد نابليون وقد علق رأس المناضل المصرى الكبير وقائد ثورة القاهرة محمد كريم عام 1798، ورسائل بين الرئيس الفرنسى شارك ديجول وجمال عبدالناصر فى نهاية الستينيات، والرئيس الجزائرى هوارى بومدين فى الاتحاد السوفيتى بعد يونيو 1967. لتنقل إلى احتفالات المولد النبوى فى شوارع المحروسة فى القرن الثامن عشر، وتنقل من مقاومة الفرنسيين للحملة الفرنسية، وتعود من احتفالات الخديو إسماعيل بافتتاح أسطورى لقناة السويس والأوبرا فى حضور الإمبراطورة أوجينى. وفى طريقك تلتقى أحمد عرابى الثائر الذى هُزم على شاطئ القناة، بخيانة ديليسبس، وتعيش لترى نسف تمثال ديليسبس وكيف تحول اسمه لكلمة سر فى تأميم عبدالناصر للقناة. والعدوان الثلاثى، فى مواجهة فرنسا وبريطانيا وإسرائيل. دخول محمد على ومناوراته مع عمر مكرم بعد خروج الفرنسيين، وكيف رتب لاستقرار حكمه، نهاية بوفاة أبنائه، إبراهيم وطوسون.

وأنت تقرأ «ذات يوم» تسمع سنابك الخيل فى دخول العثمانيين لمصر، وأصوات الطائرات المصرية تعبر القناة ظهر السادس من أكتوبر وترى أشعار ونزار قبانى لعبدالناصر وحكايات عن روايات عبدالرحمن منيف، وطبعا تجد نجيب محفوظ وبهاء طاهر. سعيد الشحات يعيد بعث الدراما والصوت والصورة. فى قصص مركزة، تتجاوز مجرد سرد التواريخ إلى صناعة الصورة والمعنى.

كل هؤلاء ترى مصائرهم، وكيف ينتظر التاريخ كل منهم على ناصية. ووسط كل هذا تستمع لشعراء وترى مؤامرات وخططا ومناورات وروايات وحكايات ومآسى ومساخر.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ليلة المباراة.. موعد لقاء الأهلى أمام غزل المحلة بالدوري والقناة الناقلة

انطلاق دوري الكرة النسائية بـ 8 مواجهات قوية اليوم

الذهب الأبيض يزين أراضى الوادى الجديد.. زراعة 1700 فدان قطن تجريبيا ضمن خطة المدارس الحقلية لتوعية المزارع الواحاتى بأحدث نظم الزراعة والرى.. والمحافظ يوجه بدعم خطط التوسع فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية.. صور

الأرصاد الجوية اليابانية تحذر من الارتفاع الشديد في درجات الحرارة

بهاء الخطيب.. ذبحة صدرية أودت بحياة الفنان الشاب


مصر تخطو نحو الاكتفاء الذاتي من القمح بنسبة 70% بحلول 2030

الصين والهند تتقاربان على وقع تغيرات ترامب الجيوسياسية.. جارديان: زيارة كبير دبلوماسى الصين إلى الهند بداية لاستئناف العلاقات التجارية والرحلات وحل النزاع الحدودى.. واستعدادات لأول زيارة لمودى لبكين منذ 2018

غياب الأهلى عن الصدارة.. تعرف على ترتيب الدوري المصري قبل مباريات اليوم

قافلة جديدة من المساعدات الإنسانية الإماراتية تصل إلى غزة

السيناريست جامايكا يعلن وفاة الممثل الشاب بهاء الخطيب


كل ماتريد معرفته عن افتتاح منافسات الجولة الرابعة للدوري المصري اليوم

كاميرات المراقبة تكشف تفاصيل جريمة الاعتداء على شاب أمام زوجته بالحوامدية

اعترافات المتهم بسرقة متعلقات شخص بالإكراه فى الهرم

على أنغام لقيت الطبطبة.. القادسية يعلن التعاقد مع كهربا

مجدى عبد العاطى يجهز محمود ممدوح لقيادة مودرن سبورت أمام بيراميدز

مواعيد مباريات اليوم في الجولة الرابعة بالدوري المصري

سيدات الأهلى يختتمن تحضيراتهن قبل ضربة البداية بدورى الكرة النسائية.. صور

هل تتعرض البلاد لموجة شديدة الحرارة خلال الأيام المقبلة؟

إيرادات فيلم الشاطر لـ أمير كرارة تتخطى الـ 88 مليون جنيه منذ عرضه

شاهد تصوير جوي لأعمال تركيب القضبان وتشطيبات محطات القطار السريع.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى