عندما تصبح المؤامرة.. أنه لا مؤامرة

طارق الخولى
طارق الخولى
التشويش على العقول، وتبديل الحقائق، والدفع نحو الميوعة الوطنية، وتغذية التطرف الفكرى، وإشعال الصراعات الدينية والمذهبية.. كل ذلك من صنائع أجهزة استخبارات قوى الهيمنة العالمية والإقليمية، حيث يقدم الاستعمار الجديد المؤامرة مغلفة بشعارات الحرية والديمقراطية، حتى تصبح «الباكدج» مغرية، فتتحول لمطلب مُلح، وحلم يداعب الشعوب المستهدف تقسيم بلدانها، فالاستعمار القديم قد قسّم الوطن العربى إلى دول كبيرة ودويلات، حفاظًا على حالة تناحر ممتدة، تضمن وجودًا غربيًا مستمرًا على مدى عقود متتابعة فى منطقة الشرق الأوسط.

وفى ظل ما يحاك بالإقليم، وما يراق فيه من بحور دماء، يبزغ صراع عقيم بين دوائر النخب والإعلام والمهتمين بالشأن العام فى مصر حول وجود مؤامرة من عدمه، فيذهب المعادون لثورة 30 يونيو إلى نفى وجود أى مؤامرة، فمن وجهة نظرهم أنها مجرد ادعاءات، الغرض منها إعادة إنتاج نظام ما قبل 25 يناير، وإرساء دولة ديكتاتورية بوليسية، وتسبيب أى فشل فى الأداء العام بوجود مؤامرة، داعمين موقفهم بالشكل البذىء وغير الأخلاقى لبعض المتناولين لحقائق المؤامرة، وفى طريقة عرض بعضهم التى تبعث على السخرية، وبالتالى سهولة التتفيه من الأمر من ناكرى المؤامرة، فى حين أن المعادين لثورة 25 يناير -بشكل عام- دون تدارك عن عمد أو غفلة أنها ثورة سلبها الآخرون لينفذوا مرادهم فى تملك البلاد والعباد، وهو ما أسقطناه فى ثورة التصحيح فى 30 يونيو، حيث إن أبواقهم قد انصرفت، واهتمامهم قد أنصب على أن ينالوا بالتشويه من الحراك الشعبى فى 25 يناير، فيتناولون المؤامرة التى تدور الآن- والتى هى حقيقة وواقع- بتقديمها للرأى العام فى إطار التركيز على النيل والانتقام من ثورة يناير، وبشكل عام، بعيدًا عن هذا الجدل، فهناك أسئلة أولية وبديهية ومنطقية لحسم الأمر.. هل هناك مؤامرة؟، ما هى؟، متى بدأت؟، وكيف نواجهها؟

من وجهة نظرى أن منظمات المجتمع المدنى المشبوهة، الممولة أمريكيًا وأوروبيًا، والتى أسست فى عهد مبارك لاسترضاء الأمريكان، كانت أول مسمار فى صناعة نعش المؤامرة، المستهدف أن يحمل جثث ملايين المصريين- لا قدر الله- فى إطار الاستراتيجية الأمريكية لاستخدام ما أسموه فى دوائرهم بالحرب الذكية، للسيطرة على الشرق الأوسط، وإعادة تقسيمه دون استخدام آلة الحرب الأمريكية، وتكبد مليارات الدولارات.

إن مصر كانت ومازالت فى قلب مرمى نيران هذه المخططات، وهو ما تؤكده تبعات سقوط الطائرة الروسية بسيناء، ومواقف دول الغرب التى تفضح المؤامرة دون أدنى مواربة، فمازالت العين على سيناء كوطن بديل للفلسطينيين لحل أزمات الدولة الصهيونية، فيتم الدفع نحو نشر قوات دولية لاحتلال سيناء بالذريعة المعتادة، وهى محاربة الإرهاب الممول والمدعوم من الغرب، بجانب إشغال الجيش المصرى وصرفه بعيدًا عن صفقات التسليح التى باتت تزعج الصهاينة، إلى حد أنهم وصفوها بأنها تمثل خطرًا على وجود دولة إسرائيل، فخطر منظمات المجتمع المدنى المشبوهة مازال داهمًا وقائمًا فى تخريب العقول، وفق خطة مخابراتية فى إضعاف الجبهة الداخلية، وتغذية الانقسام المجتمعى فى الإيهام بأن أى حديث عن مؤامرة فهى مؤامرة من أجل إرساء حكم ديكتاتورى، ليتحول البعض دون إدراك إلى وقود يغذى المؤامرة ويقويها، بإنكار وجودها، والسخرية عند ذكرها.

وفى اعتقادى ختامًا، فإن الروشتة فى المواجهة، والحل يكمن فى عدم اتخاذ المؤامرة مبررًا للتعسف فى المماس بالحقوق والحريات من مُعادى ثورة يناير، بجانب الكف عن إنكار المؤامرة إلى الحد الذى يعينها ويقويها من مُعادى ثورة يونيو، وأن يسعى كل أطياف المجتمع نحو إرساء السلام الاجتماعى، بعيدًا عن بؤر التطرف الفكرى لتقوية وتدعيم الجبهة الداخلية، فهى حائط الصد المنيع فى مواجهة أى مؤامرة مهما كان حجمها.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

قسط صفقة الجفالي يعطل مفاوضات الزمالك مع غربال

الهيئة الوطنية تعلن غلق باب الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ رسميا

الأهلي يفتح المزاد على بيع أشرف داري في الميركاتو الصيفي

2000 جنيه و30 جرام ذهب.. أسرة تحتفل بابنتها بعد امتحانات الثانوية العامة

رسوم ترامب على الأدوية تهدد مرضي بريطانيا.. ودعوات لستارمر بـ"تحرك حاسم"


ذكرى رحيله.. نجل سامى العدل يكشف طقوس والده اليومية وسر لقب "الخال"

البلوجر نور تفاحة.. فيديوهات مخلة تحرض على الفسق من أجل الربح أهم أسباب محاكمتها

موعد جلسة الاستماع لمسئولى الزمالك فى شكوى النادى ضد زيزو

فرص عمل فى تأمين محطات المترو بمرتبات تصل لـ10 آلاف جنيه.. إنفوجراف

محاكمة "نور تفاحة" راقصة الساحل الشمالى بتهمة بنشر فيديوهات خادشة.. اليوم


فوضى فى مطارات أوروبا: فرنسا وإسبانيا تشهدان تأخيرات بسبب نقص العاملين

ضربة قاسية.. ملحمة باريس والريال بمونديال الأندية حديث صحف إسبانيا

الأدلة الجنائية ترفع الآثار والأدلة من سنترال رمسيس لبيان سبب الحريق

مجلس الوزراء: الاستجابة لـ 7041 استغاثة طبية خلال النصف الأول من العام الجارى

الأهلي يستقر على تمديد عقد إمام عاشور حتى 2029 وضمّه إلى فئة "السوبر ستارز"

الوصل الإماراتى يتراجع عن ضم وسام أبو على

فتح باب التقدم للالتحاق بمدارس المتفوقين وهذه شروط وموعد امتحان القبول

الأهلي يرفض مُبالغة الأندية الأخرى في طلباتها لبيع لاعبيها خلال ميركاتو الصيف

ترامب: سنعمل على تيسير السلام في السودان وليبيا

محمد عواد يرحل بنفس سبب وفاة أحمد عامر.. أزمة قلبية مفاجئة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى