د. فاطمة الزهراء الحسينى تكتب: كيتوفان

عجوز
عجوز
إننى أعرفه.. أعرف هذا الوجه.. وهذه النظرة.. وتلك المشية وذلك الظهر المقوس.. الشاهد على كفاحه حتى هذه اللحظة .

أعرف هذا الخوف فى عينيه.. أشتم رائحته التى نقلت مشاعر الخوف فى أرجائى.
لا يوجد لدى ما أخاف منه.. أما هو فلديه الكثير.. خوفه من المستقبل المجهول ومن الحاضر البائس الذى يشهده.

يخاف كل الخوف على عائلته.. يخاف أن يستيقظ ذات يوم فيجد نفسه عبئًا ثقيلاً عليهم.. أرهقه المرض بقدر ما أرهقته الأيام.

عم حامد صاحب الخمسين خريفًا.. عامل بسيط يعمل باليومية.. لم يترك خلفه ثروة مجهولة المصدر أو إرثًا يضمن به الستر لعائلته.. لم يجمع لعائلته سوى الذكريات المفعمة بالحب والتضحية .
يخرج كل فجر إلى عمله.. ولا ينسى أن يمر فى طريقه إلى الصيدلية المجاورة لبيته.. يعرف الصيدلى طلبه المعتاد.

أمبول الكيتوفان.. وسرنجة.. يدخل داخل يتوارى خلف ساتر.. ينزل جزءًا من بنطاله.. يحتار الطبيب.. أين سيعطيه الحقنة الآن.. فجميع عضلات العم متليفة .

عجبًا لرجل لا يستطيع أن يخط اسمه بالعربية كيف يستطيع أن ينطق كيتوفان وفولتارين بالطريقة الصحيحة.. إنه الألم من انطقه .

يجلس فى أحد الشوارع.. ينتظر من يؤجره.. ليس محظوظًا فى جلب أعين الزبائن.. فهو يبدو لهم ضعيفًا لا يستطيع الحمل والإنزال.. يريدون رجلاً قويًا يتباهون بسرعته وقوته.
وها هو يجلس وحيدًا.. ينتظر أن يرأف بكبر سنه أحد.

وعندما تليح الظلمة فى الأفق.. لتعلن له ميعاد العودة ..يحث نفسه على السير.. يحمل قدميه المنهكتين.. يرفعهما ببطء.. ينزلهما بهدوء.

فى طريق عودته لا ينسى أن يمر على الصيدلية ليأخذ أمبولاً آخر وإلا لن ينام الليلة من شدة التعب .
يستعمل نفس السرنجة التى اشتراها صباحًا فجيبه لن يحتمل بضع جنيهات أخرى لكن جسده يستطيع تحمل قسوة إبرة مستعملة.

شيرين ذات الثلاثين عامًا تسكن فى أحد أحياء القاهرة الراقية.. تعيش هى الأخرى بمسكنات.. لكن من نوع آخر.. إنه الكبت والصمت التى أصبحت بارعة فى استخدامه لإنقاذ زواجها الآيل للسقوط .

جربت كثيرًا الحوار.. لكنها كانت تدفع ضريبته أنف ينزف أو كسر فى أحد الاضلاع.. أو بطردها وأولادها خارج الشقة الفارهة والعودة إلى حيث العائلة المعدمة .

عصام صاحب السبع سنوات.. يستخدم هو الآخر مسكنات.. رغم صغر سنه إلا أنه يستخدمها بكثرة.. حتى تخدر مشاعر الغضب المختبئة فى مكامن نفسه .

ماذا فعل؟.. هو نفسه لا يدرى.. ربما لأنه ولد فى عائلة مفككة.. والدين متباغضان كل منهما يصب جام غضبه عليه.. يتناول الكثير من الطعام.. كى يبرد نار الغضب فى داخله.. لكن لا مفر.. النتيجة جسد مريض بالسمنة وشخصية ضعيفة.

شعبنا يعيش بمسكنات.. يعيش يومه فقط غير آبه بمضاعفات الألم وبتفاقم المشكلة..لا ينبغى علينا أن نعالج السبب لنحيا أصحاء وسعداء.

لا تتعجب ذات يوم عندما تعلم أن شيرين ابنه حامد ووالدة عصام .
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

أسعار اشتراكات الطلبة على بعض خطوط سكك حديد مصر

قطار تالجو.. مواعيد الرحلات على خطوط السكة الحديد

زد يستدرج دجلة لمواصلة عروضه المميزة بالدوري تحت قيادة شوقي

المصري يختتم استعداداته لمواجهة حرس الحدود في الدوري

إسرائيل تحذر أوروبا: على القارة الاختيار إما تل أبيب أو حماس


وزارة الصحة تكشف عن أسباب الإصابة بسرطان البروستاتا.. تفاصيل

الآن.. بدء تصويت المصريين فى الخارج بأستراليا

نجم يظهر فى السماء يعلن بداية العد التنازلي لصيف 2025.. تفاصيل

نجاة وزير الكهرباء بعد حادث مروري أثناء توجهه لمدينة العلمين

مواعيد مباريات اليوم في الجولة الرابعة لـ "دوري نايل"


وكالة الأونروا: غزة تعيش الجحيم بكل أنواعه

ريال مدريد يصعق أوفييدو بثلاثية فى الدورى الإسبانى.. فيديو

باريس تستدعي السفير الأمريكي لدى فرنسا.. وصحيفة: يسير على خطى نتنياهو

وليد خليل: فيفا حكم لغزل المحلة بـ96 ألف دولار حق رعاية إمام عاشور

حالة الطقس المتوقعة اليوم الإثنين 25 أغسطس 2025 فى مصر

الإسماعيلى يهزم طلائع الجيش بهدف محمد عامر بدورى نايل .. صور

كومو يعبر لاتسيو بثنائية في الدوري الإيطالي

سامح مهران: رد الجميل لهناء عبد الفتاح متأخراً وانتصار حورس يتناسب مع الظروف السياسية

المخرج محمد فاضل ضيف 4 شارع شريف على قناة الحياة مع شريف مدكور غداً

الداخلية تضبط 3 أجنبيات حولن منزلهن بالتجمع وكرا لممارسة أعمال منافية للآداب

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى