3 قصائد لـ"حسن عامر" من ديوانه "أكتب بالدم الأسود"

الشاعر حسن عامر
الشاعر حسن عامر

عن الحرب



رجلٌ يُقَلِّمُ فى الظلامِ عصاهُ،
يحشو بُنْدُقيَّتَهُ،
ويَفْتِلُ شَعْرَ شاربهِ
: سنهزمهم غدًا
فى البيتِ تجتمعُ القبيلةُ
: جَدُّنا أعلى، وهم متآمرونَ
غدًا سنهزمهم غدًا
طفلٌ ينامُ
وفى يديْهِ حصانُهُ الخشبيُّ،
أَرهَفَتْ القرى آذانها،
وعوتْ ذئابٌ فى الحقولِ،
وعادَ عصفورٌ إلى أفراخه
بالليل تصطكُّ العصيُّ،
وتُكْسَرُ الأبوابُ،
تدوى طلقةٌ، فيُراعُ شعبٌ من دجاج البيتِ
تصرخُ نسوةٌ، ويجفُّ نعناعٌ،
ويذبلُ وردُ نهر النيل
أمى تعبئُ زيرَها وتقولُ:
سلِّمْ أيها الربُ الكبيرُ
وأوقف الحربَ التى لا تنتهي


2


نشيد


لفتاةٍ تَفْتَتِحُ القولَ،
ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ
إذا عَصَفَتْ بالقلبِ،
وأيَّدَها الشوقُ،
وحدَّدَها المطلقُ،
وانفتحَ المُغْلَقُ،
وانفجرَ البَوْحُ،
فلا روحَ، وريحانَ، ولا آنَ،
سوى تلك اللحظةِ سأغنِّي،
وسأبصقُ فى وجه التاريخ الكذَّابِ،
وأنضمُّ إلى كلِّ مظاهرةٍ يشعلها الإنسانُ،
وأستودعُ كلَّ الفقراءِ غنائى وبكائي،
ولأمي
حاملةِ لواءِ الماءِ إلى القمحِ،
وعاليةِ الصرحِ،
أدينُ، وأدنو من خطويَ
لأصدِّقَ دعواتِ يديها
فعليها من سعفِ النخلِ،
وأشجارِ الصفصافِ،
وعيدانِ السمسمِ ما يكفي،
وإليها ما اكتَسَبَتْ من مجدٍ روحي،
وإلى أصحابى أبوابي
صُنَّاعِ المفتاحِ، الأطهارِ، لصوصِ التِّفاحِ،
المُتَبَعِينَ، الأتباعِ،
وقطَّاعِ الحُرَقِ الموصولةِ،
أبناءِ الطرقِ المجهولةِ،
وعيالِ الليلِ، مواويل الويلِ،
وسيلِ الصحراءِ، وخفراءِ الحلمِ،
وأسيادِ العالمِ، وسلالمَ خلق اللهِ إلى اللهِ،
وأفواهِ الأشياءِ، وأشلاء النورِ،
وسورِ الضعفاء، و وصفاءِ الحريةِ،
وأصابعَ شهداء الثورةِ فى وجهِ العورةِ،
وخوازيق الساسةِ والسلطةِ،
والبلطةِ فى وجه الحكام الدمويينَ،
سأرجعُ منصاعًا، ومَشَاعًا لسناهم،
ولبَركةِ ما تهبُ رؤاهم،
و بساحة سيِّدنا الحبِّ
سأقفُ وأتوسلُ للعالمِ أن يمضيَ
ما زالتْ روحى جاهزةً للسعي،
وكفى بيضاءَ بلا سوءٍ،
وعلى أعرافِ المشهد أبناءٌ
معصومونَ من الحدث يغنونَ،
و قلبى قطعة موسيقى،
و دمائى نهرٌ من عسلٍ،
غافلتُ الجندَ، و حاذيتُ الشهداءَ،
فسبقونى للخلدِ بأغنيةٍ،
وجناحين من النور،
وبضعةِ أمتارٍ من طلقة قناصٍ،
وبوسعى ما دام العالمُ يتبعني،
أن أعبرَ بالناسِ إلى الناسِ
خفافًا من كل مجنزرةٍ،
و بوسعى ما دام الوردُ على الأرضِ بوسعي
أن أخرج حنجرتى
وألوحَّ لجميع الأحياء تعالوا سنغنِّي

3


رجلٌ متأخرٌ وامرأةٌ أخيرة


أجلْ
كانَ لابدَ أن نستريحَ قليلًا،
ونُدْنى كلَّ الفراشاتِ من مَقْعَدينا قليلًا
لأهمسَ: إنى أحبكِ،
لكنَّهُ الوقتُ فاتَ،
أنا الرجلُ المُتَأَخِرُ دهرًا،
وأنتِ البلادُ التى أغْلَقَتْ دونَ قصدٍ نوافذها،
والقطارُ الأخيرُ الذى لم يَسَعْهُ انتظاري،
مع الريحِ جئنا
غرَيبينِ لا وجهةٌ أوقَفَتْنا،
ولا أنصفتنا المواعيدُ يا بنتَ عمي
بريئَيْنِ إلا من الأمسِ، والذكرياتِ التى لا تُدَواى،
كبحارةٍ أجهشوا بالحنينِ لأولِ مرسى
وقفنا نلوِّحُ من شرفةٍ للبعيدِ: انْتَظِرْنا
وهيِّيءْ لنا سُلَّمًا للصعودِ إلى ما نريدُ
وكانَ المدى حينها مُسْرِفاً فى الغوايةِ
بعدَ انحسارِ المسرَّاتِ عن ساحلِ العمرِ،
والأرضُ فوضى،
وكانتْ بلادٌ مصابيحها الوهمُ تعوي،
وكانتْ مساميرُ من يصنعون الصليبَ لكلِّ نبيِّ
تدقُّ عظامي،
وكنتُ وحيدًا،
معى كلُّ ما خبَّأتْهُ القرى من بيوتٍ،
وما أنْضَجَ الشيخُ فى قِدْرِ روحي،
معى صوت أمى سلاما وحلوى
وما أسقطتْ نخلةٌ فى الجنوبِ البعيدِ من التمرِ،
ما دسَّهُ حقلُ قمحٍ، مواويلَ تمشى فأمشي،
معى كلُّ ما أحرقته المسافاتُ عامدةً من غناءٍ،
وما دوَّنَتْهُ المنافى من الجوعِ، والبردِ،
والركضِ خلفَ المجازِ العنيدِ على عتباتِ الليالي،
وما خلَّفَتْهُ البناتُ اللواتى تَقَاسَمَنَ قلبي،
معى أصدقائى مريدو ضلوعي،
وما زلتُ وحدي
وأنتِ على بركةِ الغيبِ صفصافةٌ من ضياءٍ
تَفُكِّينَ شَعْرَكِ،
كى تضعَ الحربُ أوزارها،
كى تطيرَ العصافيرُ للجانبِ الخَصْبِ،
دونَ رصاصةِ غدرٍ،
وعيناكِ أخرُ حدُّوتَتَيْنِ لطفلٍ رَمَتْهُ المحطاتُ مثلي،
وكفَّاكِ غُصْنانِ مالا فقالا، وقالا،
ونهداكِ قُمْريَّتانِ تنامانِ دونَ ضجيجٍ،
وخَصْرُكِ موسمُ جمعِ المجرَّاتِ من حقلها فى الأعالي
على حينِ ما لستُ أدري
كما يفتحُ الليلُ أحضانه للسكارى،
كما تستعيدُ المراعى غزالًا شريدًا،
كما تلتقى دونَ سابقِ معرفةٍ موجتانِ التقينا،
نما الريشُ فى ساعدينا فَطِرنا،
وأَرْخَتْ لنا غيمةٌ شالها فاسترحنا،
خَفِيفَيْنِ مثلَ الندى فوقَ خَدِّ الصباحِ
ومُمْتَلئينِ بما يشعلُ الحزنَ غيظا،
وكنتُ أعلِّقُ ليلى على حَبْلِ شَعْرِكِ
حتى يجفَّ اختبائى وراءَ الشبابيكِ وحدي،
وكنتِ اعتذارَ الحياةِ المثالى عن كلِّ ما ليس يُحْكى
وكان عليكِ احتضاني،
وكانَ، فذبنا
ومثلَ انسحابِ عصا عازفٍ من عروقِ الكَمَانِ انسحبنا،
غريبَيْنِ يستأذنانِ الشوارعَ
فى أنْ تمنَّ بحائطِ مَبْكَى


موضوعات متعلقة..


حسن عامر وشيماء عزت يفوزان بجائزة بيت الشعر
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ترامب: أمريكا ستدعم ضمانات أمنية أوروبية لأوكرانيا لإنهاء الحرب مع روسيا

الكنيسة تواصل صوم العذراء مريم وسط أجواء روحية.. معجزات تحيط بحياه أم النور.. أقدم كنائس باسمها تعود للعصر الرسولي فى فيلبي.. ظهوراتها فى الزيتون تجذب الأنظار.. ومعجزاتها تؤكد مكانتها فى القلوب

السكة الحديد تكشف تفاصيل واقعة ادعاء راكب منعه استقلال قطار مرتديا شورت

صحتك بالدنيا.. بعد وفاة تيمور تيمور.. هل يمكن أن تؤدى الصدمة النفسية للوفاة؟.. طرق للتخلص من دهون الخصر.. إرشادات جديدة من جمعية القلب الأمريكية لعلاج الضغط.. وخطوات عملية لحماية عينيك ودماغك فى عصر الشاشات

زيلينسكي يعقد اجتماعا مع المبعوث الأمريكي الخاص لأوكرانيا قبيل لقاء ترامب


بدء العد التنازلى لتطبيق قانون الإيجار القديم.. أول سبتمبر تحصيل أول زيادة رسميا.. 250 للسكنى و5 أمثال للمحال التجارية.. وبدء تلقى طلبات الحصول على وحدات بديلة وكبار السن والزوجة والمرأة المطلقة والمعيلة أولوية

موعد انتهاء عقد محمد السيد مع الزمالك

من عسكرى الدرك إلى كاميرات الفيديو.. ضبط الشارع واستعادة الأمن في زمن التطور.. خبراء لـ"اليوم السابع": الداخلية طورت أجهزتها ومعداتها في الجمهورية الجديدة.. الكاميرات ترصد كل شيئ.. وفيديوهات المواطنين أداة ردع

نص القرار الجمهورى بالتجديد لـ"حسن عبد الله" محافظًا للبنك المركزى

قبل لقاء ترامب.. ماذا سيرتدى زيلينسكى بعد أزمة البدلة الرسمية فى أول مقابلة؟


الكوكي يحذر لاعبي المصري من انتفاضة بيراميدز قبل مواجهة الدوري

الحكومة: خفض أسعار السيارات المحلية والمستوردة بنسب تتراوح بين 10% إلى 20%

وزير خارجية الاحتلال يلغى تأشيرات إقامة ممثلي أستراليا لدى السلطة الفلسطينية

الرئيس السيسى: ضرورة البدء الفورى فى عملية إعادة إعمار غزة عقب وقف إطلاق النار

رئيس وزراء لبنان يبحث مع مسئول أممى جهود إعادة إعمار المناطق المتضررة من الحرب

دفاع متهمى حادث مطاردة طريق الواحات يشكك فى أقوال المجنى عليهما أمام المحكمة

وزير الخارجية: الشعب الفلسطينى فى غزة يعيش مأساة إنسانية غير مسبوقة

وصول المتهم بالتعدى على الطفل ياسين لمحكمة جنايات دمنهور لاستئناف محاكمته

المصابتان في حادث مطاردة الفتيات بطريق الواحات يحضران أولى جلسات محاكمة المتهمين

الخارجية الفلسطينية ترحب بقرار أستراليا منع عضو بالكنيست من دخول أراضيها 3 سنوات

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى