ترسيم الحدود بين الحرية والأمن

طارق الخولى
طارق الخولى
بقلم - طارق الخولى
الحرية حياة، والأمن وجود، الحرية هى صانعة الديمقراطية، والأمن هو صمام حمايتها، فالممارسة الديمقراطية، فى حرية اختيار الرئيس والبرلمان، يستحيل حدوثهما، دونما إتاحة أجواء آمنة للاقتراع، كما أن تنفيذ وحماية الإرادة الشعبية، تأتى بإجراءات أمنية، لكن عند حرب الوجود، قد يتقدم الأمن على الحرية، وعند بناء النظم المستقرة ديمقراطيًا، تزحف مساحات من الحرية على الأمن، لتُعلق مؤقتًا، بين حين وآخر.

عندما يسطع فى الأفق، تهديد ما على الأمن القومى للدولة، فالأمن خط أحمر فى الحفاظ على كيان الدولة، والحرية خط أحمر فى الحفاظ على الديمقراطية، فعند الوصول لذروة النضوج السياسى للدولة تجد تشابكا مدققا حدوده، فى علاقة الحرية بالأمن، حيث يحمى الأمن الديمقراطية، وتعضض الحرية من دور الأمن، وتمتن لمجهوداته.

فى مصر البعض يعانى من الاعوجاج فى المفاهيم، والتشنج فى تناول بعض الأمور، فتغيب الرؤية، ويزحف التطرف والانغلاق الفكرى، فالانحياز للحرية بلا ضوابط عته يصل أحيانًا للانحلال، الفكرى أو الأخلاقى، والجنوح للأمن العاصف بالحريات، جريمة، إذًا، كيف نرسخ للحرية المنضبطة، ونحظى بأمن حازم، فى غلاف إنسانى، لنتجنب الانحلال والجريمة معًا. فى اعتقادى أننا فى حاجة، لنضوج ثورى، تتلاشى معه، مظاهر الاعوجاج، فى تناول الحرية، وفى ضرورة ماسة، لترسيخ عقيدة أمنية، تقوم على الإيمان بمبادئ حقوق الإنسان، لنتلاشى التجاوزات، وتبقى فى معدلات أقل، حيث لا يوجد جهاز أمنى فى العالم، ليس به أى تجاوزات، ولكن التعويل على حجمها، حيث يتم حصرها فى أضيق نطاق، وفق آليات وكيانات رقابية داخلية، قوية وصارمة، ومن قبلها رقابة مجتمعية، لا تخاف ولا تتهاون، فى الحقوق والحريات.

فمنذ سقوط الإخوان والأجهزة الأمنية المصرية فى حالة مواجهة دامية، فى معركة بقاء، لا يمكن أن تكون نتيجتها سوى الانتصار على جماعات داعشية، جرذان الأرض الذين تداعوا على الأخضر واليابس، فى العراق وسوريا وليبيا وغيرها من دول المنطقة، ليسود البور، ويحل الخراب، أينما وجدوا، فمصر التى فى مرمى النيران صامدة، بتضحيات أبنائها، من رجال الشرطة، التى تحتاج لاحتضان شعبى، ودعم نفسى فى تلك المواجهة، بما يجسدون من بطولاتهم العظيمة، يعكر صفوها، بين حين وآخر، قصص التعذيب والموت هنا وهناك، فى أقسام الشرطة، والتى لا يجوز أن يكون لها محل، فى الصورة، صورة بناء مصر الجديدة الديمقراطية.

فأحد أهم أسباب اندلاع ثورة 25 يناير أن قُتل «خالد سعيد» و«سيد بلال» وغيرهما، من جراء التعذيب، والاستهانة فى إزهاق الأرواح، ليس بلا ضابط فحسب، وإنما بلا رحمة، إذًا لابد أن نرسم الحدود، بين الحرية والأمن، لتكون ضمانة، لعدم عودة الممارسات الأمنية القديمة، وفى نفس الوقت، بما يحافظ على أمن وتماسك الدولة، ولتجنب المساس بالصورة الذهنية، عن جهاز الشرطة، فيما بعد ثورتى يناير ويونيو، واستدعاء الصورة القديمة وتصديرها، بالذات ممن يصطادون فى الماء العكر، من الإخوان وأتباعهم، من متشدقى حقوق الإرهاب، أبواق الأمريكان وأردوغان وابن موزة، والذين يتغافلون الإجراءات الأمنية التى يتخذها الغرب، فيها تعطيل مؤقت لبعض الحريات، عندما يبزغ ما يهدد الأمن القومى لتلك الدول، فهنا يتقدم الأمن، فيحصد مساحة الأولوية على الحرية.

إذًا لا لحرية تتهاون فى الأمن، ولا لأمن يعصف بالحريات، نعم لتصحيح مفاهيم الحرية بعيدًا عن خزعبلات بعض المنظمات الممولة أجنبيًا، ونعم لتدعيم الأجهزة الأمنية، وفق مبادئ حقوق الإنسان، فاحترام الحرية تدعيم للأمن، وتقوية الأجهزة الأمنية واجب وطنى، وحماية للحقوق والحريات.
عاش الشعب والجيش والشرطة إيد واحدة.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

موعد مباراة الأهلى أمام فاركو اليوم الجمعة فى الدوري المصري والقناة الناقلة

مواعيد قطارات خط القاهرة الإسكندرية والعكس اليوم الجمعة 15- 8 - 2025

موعد مباريات اليوم الجمعة 15 -8 -2025 في الدورى المصرى

محافظ نابلس: الاحتلال يشن حرب استنزاف ومصر تقود الموقف العربى ضد التهجير

الأقصر تدعم المزارعين.. علاج 40 فدانا من دودة القصب الكبيرة.. الانتهاء من زراعة 16 حقلا إرشاديا بمحصول الذرة الرفيعة.. 20 رخصة لمحال الاتجار في الأعلاف.. ومقاومة حشرة النمل الأبيض بـ 19 منزلا بالمجان.. صور


محمد الشناوي مرشح لحراسة عرين الأهلي أمام فاركو غداً في الدوري

أبرق قرية ظهرت فيها علامات الإنسان القديم ومخطوطاته قبل التاريخ.. تقع شمال غرب مدينة الشلاتين.. أهم مناطق محمية جبل علبة الشهيرة.. يقع بها أقدم آبار الصحراء الشرقية.. ويعيش بها قبائل العبابدة والبشارية.. صور

ريبيرو في حيرة بسبب مركز الجناح الأيسر في الأهلي.. اعرف التفاصيل

إعفاء طلاب الثالث الإعدادى بالعامين الدراسيين 2026 و2027 من أعمال السنة

بدء هدم عمارة هندسة السكة الحديد بميدان رمسيس لتوسعة كوبرى أكتوبر.. إنشاء موقف متعدد الطوابق للقضاء على العشوائية وإزالة كافة الأكشاك والمحال المنتشرة بالميدان.. وتجهيز مول تجارى ومكاتب إدارية بديلة.. صور


محافظة الجيزة تعلن غلق كوبرى الجلاء 3 ساعات صباح الجمعة للصيانة

طرح أغنية "بنطلون جينز" بصوت محمد رحيم بعد 9 أشهر من رحيله

قرار جمهوري بترقية عدد من مستشارى هيئة قضايا الدولة.. تعرف على الأسماء

الرئيس السيسى يصدّق على قانون بعض قواعد وإجراءات التصرف فى أملاك الدولة الخاصة

الأرصاد تحدد موعد انكسار الموجة الحارة وتحذر من أمطار رعدية.. فيديو

إكسترا نيوز: 141 شاحنة مساعدات تدخل إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم

طقس شديد الحرارة غدا ورطوبة مرتفعة والعظمى بالقاهرة 38 درجة وأسوان 49

الطفل يزن العيسوى ابن ياسمين رئيس ومحمد عبدالرحمن فى فيلم ماما وبابا

سيول وأمطار غزيرة تضرب وادى الأربعين بسانت كاترين.. فيديو

إبراهيم داود فى ملتقى اليوم السابع للثقافة والفنون: أنا فلاح أزرع الأرض والرزق على الله.. عبد القادر القط أعطانى صك الاعتراف بالموهبة وجمال الغيطانى احتفى بى.. يوسف إدريس جعلنى صحفيا.. ولويس عوض لم يأخذ حقه

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى