"جدران أم جسور؟"

الأنبا إرميا
الأنبا إرميا
بقلم - الأنبا إرميا
توقفت عند كلمات سِير "إسحاق نيوتُن" التى يقول فيها: "نحن نبنى كثيرًا من الجُدران، ولٰكننا لا نبنى ما يكفى من الجُسور"؛ ومع تلك العبارة تذكرت إحدى القِصص التى تحمل دلالة عميقة فى معنى الحياة. كانت القصة عن أخوين متحابين يعيشان على ضِفتى نهر. وذات يوم دب بينهما خلاف شديد، فصارت عَلاقتهما مهددة بالمقاطعة والانتهاء. وأخذ كل منهما يُعد عُدته لبناء جدار أعلى من جدار الآخر حتى يتحاشى أحدهما لقاء الآخر أو مجرد رؤيته! وحدث أن طرق باب أحدهما عابرُ طريق يطلب عملا، فاستأجره ذٰلك الأخ فى مزرعته. وذات يوم، طلب من أجيره هٰذا أن يُكمل له بناء الجدار بحيث يكون أعلى من ذاك الذى يبنيه الشقيق الآخر، وسافر فى رحلة عمل. وعندما عاد، وجد العامل قد بنى جسرًا رائعـًا يربطه بأخيه! وبينما هو يلوم الرجل على فِعلته هٰذه، إذ يُسرع أخوه إليه محتضنـًا إياه على محبته التى لا يستحقها!! فهو الذى يبنى جدارًا يفصل بينهما، وها هو أخوه يبنى جسرًا ليرتبط به! وإذا بخلافات السنين قد تلاشت، ويعود الشقيقان إلى محبتهما الأولى!! وفى أثناء ما كان الرجل الغريب يستعد للرحيل، طلب منه الأخوان أن يبقى معهما، ولٰكنه أجابهما بأن عليه أن يبنى جسورًا أخرى فى الحياة.
نعم، قد يسير بعض الناس فى طريق الحياة، وهم يبنون لا يَهدِمون، إلا أن أبنيتهم قد تعمِّق فى دواخلهم الوَحدة والوَحشة وتُبعدهم عن السعادة! فليس كل بناء هو للخير. لذا، على كل إنسان أن يجلس ليقيِّم أعماله فى الحياة ليُدرِك أكان يسلك فى طريق الخير، أم يبنى ما يَهدِم حياته وعَلاقاته بالآخرين.
ومن الجدران التى قد يبنيها الإنسان، تلك التى يضعها ويعمِّقها بينه وبين الله ـ تبارك اسمه ـ فيبتعد عنه ويحيا فى عزلة، منزويـًا عن سر الحياة والعمق والسلام والسعادة التى يجدها فى اقترابه وعشرته معه. وأحد هٰذه الجُدران تلك الفكرة التى يحاول الإنسان غرسها بأن الحياة تِبَعـًا لوصايا الله هى صعبة، وأنها تحرمه الملذات التى تُسعده؛ فيسعى بكل همة فى الابتعاد عنه، وهو لا يدرى أنه يبتعد عن الراحة والسلام! وهناك من يعتقد أن الله لا يهتم بأمر البشر تاركـًا إياهم للموت والدمار!! ولا يدرى أن الإنسان إنما هو من يختار ويعمل من أجل دمار نفسه والعالم من حوله، وأن كل بشرى سوف يُعطِى حسابـًا عن أعماله. وهناك من قرر أنه لا يوجد إله عظيم محب للبشر، أو قرر أن يظل بعيدًا عنه فأخذ يبنى جدارًا فى أفكاره نحو الله، وعاش فى بؤس عظيم!
تريث أيها الإنسان، وانظر تلك الجدران التى بنيتَها بينك وبين الله ـ تبارك اسمه ـ لتهدمْها وتبنِ بدلاً منها جسورًا تقترب بك إليه، فتختبر محبته الفائقة وعنايته الشديدة التى تستظل بها من شمس هٰذا العالم المُحرِقة.
ومن الجدران التى قد يبنيها الإنسان تلك التى يقيمها بينه وبين نفسه و... وللحديث بقية.

• الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى .
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الطلائع يواجه الجونة وديا اليوم في معسكر الإسماعيلية

القطار الأسرع فى مصر.. مواعيد "تالجو" وأسعار الرحلات اليوم الأربعاء 9-7-2025

زوج يلاحق زوجته بدعوى تخفيض نفقات بعد حصولها على حكم سداد متجمد 610 ألف جنيه

سجل سلبي يطارد مبابي أمام باريس سان جيرمان قبل موقعة مونديال الأندية

محمد صلاح يزين قائمة الأكثر موهبة في تاريخ ليفربول


قبل ما تشغل التكييف.. 9 نصائح تحميك من كارثة حريق مفاجئة

مرسى مطروح مصيف السعادة.. متعة السباحة والمناظر الخلابة تُحسن المزاج وتجدد النشاط.. ملايين المصريين والسياح أسرى طبيعة مطروح البكر.. والشواطئ على موعد مع ذروة المصيف والصخب الجميل بعد نهاية امتحانات الثانوية

اختبارات القدرات 2025 تبدأ السبت.. هل يمكن استرداد الرسوم حالة الرسوب؟

الجبهة الوطنية: القائمة الوطنية تضم كوادر وكفاءات تثرى مجلس الشيوخ القادم

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025


الحرارة تصل 42 درجة.. حالة الطقس المتوقعة اليوم الأربعاء 9 يوليو 2025

أخبار الرياضة المصرية اليوم الثلاثاء 8 - 7 - 2025

كيف أنقذت مصر نفسها من كارثة بيولوجية بعد إحباط تهريب 300 كائن حى نادر فى مطار القاهرة؟.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراض وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصال لها.. وتسبب خسائر فى الثروة الحيوانية

هبة عبد الغنى تستقبل واجب العزاء وتطلب عدم التغطية والتصوير

الاهلى يستقر على تمديد وتعديل عقد أليو ديانج في معسكر تونس

"فتش فى دفاترك القديمة" شعار صفقات الأهلى فى الميركاتو الصيفى

العالم هذا المساء.. ارتفاع عدد ضحايا الفيضانات في تكساس إلى 82 قتيل و41 مفقودا.. وانطلاق فعاليات مهرجان سان فيرمين لمصارعة الثيران فى إسبانيا.. ليفربول يبدأ الاستعداد للموسم الجديد بتكريم خاص لـ جوتا.. صور

‌مصر تطلق أول برنامج لمكافحة نواقل الأوبئة فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

بطل من الحماية المدنية.. قطع إجازته ليخمد حريق سنترال رمسيس ..صور وفيديو

اليد يكلف مؤمن صفا بالإشراف علي خطة إعداد منتخب سيدات اليد إلي بطولة العالم

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى