«لعلك ترضى»

 محمد على يوسف
محمد على يوسف
بقلم - د. محمد على يوسف
العجيب أن هذه الجملة قالها الله سبحانه لنبيه، صلى الله عليه وسلم، كنتيجة لأعمال وأقوال يفترض أن المرء يفعلها ليستجلب رضا الله وليس ليرضى نفسه، لكنه كريم سبحانه، «لعلك ترضى».. أنت الذى سترضى! سيرضيك الله إن بذلت ما فى وسعك لترضيه، إن صبرت وَسَبَّحْت بحمده فى كل وقت وعلى كل حال، إن داومت على ذكره وشكره آناء الليل وأطراف النهار «فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى» (سورة طه) موطن العجب فى هذه الجملة التى عنونت بها للمقال يكمن ببساطة فى محل الاسترضاء، فليس العجيب أن يسعى الأدنى لإرضاء الأعلى، أو أن يتبين دوما هل حقق هذا الرضا أم لا؟ الابن يطلب رضا والديه والمرؤوس يطلب رضا رئيسه وليس العكس، أما أن يسأل الأعلى من هو أدنى منه عن رضاه ويريد له أن يكون راضيا فهذا ما يعجب له العقل ويذوب القلب تأثرا به.

حين يسأل المولى أهل جنته فيقول لهم: يا أهل الجنة هل رضيتم؟! بل ويسأل أدناهم وآخرهم دخولا فيقول: عبدى أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا؟ أن يقول الملك الجليل «لعلك ترضى» و«أترضى» و«هل رضيتم» و«لسوف يرضى» و«رضوا عنه» و«راضية مرضية» إلى آخر تلك الكلمات التى تدور كلها حول ذات المعنى، أن يرضى العبد! فإن هذا ما لا يجد له العقل تفسيرا إلا إذا تذكر أنه الرحمن الرحيم الأرحم بعبده من أم بولدها وعندئذ يدرك العبد أن مدار الأمر، وأوله ومنتهاه يكمن فى تلك الكلمة ذات الأحرف القليلة الرضا، أن يلج العبد باب الرضا ليدخل إلى تلك الجنة الدنيوية التى يتذوق فيها طعم الإيمان حين يجد حلاوة الرضا بربه وبدينه وبنبيه ابتداء، ثم بعد حين ترجع نفسه المطمئنة لربها راضية مرضية، ثم ينعم انتهاء بسماع السؤال الربانى:

- عبدى أترضى؟
- يا أهل الجنة هل رضيتم؟


ثم يحل عليه الرضوان جزاء من جنس عمله كما ورد كل حرف مما سبق فى الآيات والأحاديث الصحيحة، عندئذ لا يملك العبد إلا أن يردد بكل ذرة منه كلمة أهل الجنة «قد رَضِينَا عَنْكَ فَارْضَ عَنَّا»، «لكن هذه الخيرات فى الدنيا والآخرة لا تنال بمجرد الكلام والشعارات ولا يجد حلاوتها من يكتفون عند سماعه أو قراءته بمصمصة الشفاه وهز الرؤوس اقتناعا أو أداء لواجب، كل ذلك لا ينال إلا بفهمه ثم تطبيقه على واقع المرء أن ترضى بالله ربا.. أن ترضى بأفعاله وتدبيره.. أن تقبل بحكمه وملكه وتصريفه.. أن تعترف عمليا أنك العبد وهو الرب ومن ثم تقبل بأمره الكونى القدرى وأن تستسلم وتمتثل لأمره الشرعى وأن ترضى بالإسلام دينا.

حين يظهر كل ذلك عمليا على واقعك وينضح على سلوكك وأقوالك وأفعالك فقد ولجت تلك الجنة حقا واستشعرت تلك القيمة المنسية فى زماننا هذا، القيمة التى استبدلها الكثيرون برضا من نوع آخر أبعدهم كثيرا عن جنة الرضا الحقيقى إنه الرضا بالدنيا «إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ * أُولَئِكَ مَأْوَاهُمُ النَّارُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ «سورة يونس»، ليس مجرد حب للدنيا ولا رغبة عارمة فى التقلب بين متاعها إنه الرضا بها، الركون لشهواتها وملذاتها والاطمئنان بأسبابها، تلك الشهوات والأسباب هى منتهى الأمل لدى هؤلاء وهى غاية الأمانى والطموحات، لكن شهوات الدنيا دائمًا معكرة مدخولة وعند مرحلة ما تكون أسبابها عاجزة معلولة لذلك تجد حقيقة رضاهم بها منقوصًا واطمئنانهم بأسبابها مؤقتًا مدخولا فلا يتم الرضا ولا يتذوق هؤلاء تلك الحلاوة التى حدثنا عنها النبى حلاوة الرضا وجنته.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الزمالك يصرف مستحقات اللاعبين الأسبوع المقبل

تعرف على الطرق البديلة عقب قرار غلق الطريق الإقليمى لمدة أسبوع

وزير التموين: انتظام صرف الخبز المدعم للمواطنين بجميع محافظات الجمهورية

انتهاء دوري القسم الثاني والثالث والرابع قبل 16 مايو

الطقس اليوم.. شديد الحرارة وشبورة ورطوبة عالية والعظمى بالقاهرة 37 درجة


رجال الحماية المدنية يواصلون عمليات التبريد لحريق مبنى سنترال رمسيس

طب المنصورة قلعة طبية مصرية مصنفة من أفضل كليات الطب في الشرق الأوسط وأفريقيا.. دشنت برنامج "مانشستر للتعليم الطبي" في 2006 لمنح مستوى عالمي لدرجة البكالوريوس.. ويمكن للطالب السفر للتدريب فى جامعة مانشستر

بدء غلق مؤقت للطريق الإقليمي لمدة أسبوع بدءا من اليوم

تياجو سيلفا يتجسس على تشيلسي من أجل حلم فلومينينسي في مونديال الأندية

بدأت حياتها مفتشة جمارك وجسدت أدوار الشر ببراعة.. ميلاد علية الجباس


الأكثر تحقيقا للأرباح في كأس العالم للأندية قبل نصف النهائي.. إنفو جراف

حول الشوارع إلى جنة.. شاب قنائي يتطوع ويزرع 1000 شجرة على نفقته الخاصة بمدينته.. أحمد عبد العزيز: البداية كانت منذ عام وأحلم بزراعة المدينة كلها بالأشجار المثمرة.. وأسعى لتحقيق الفائدة العامة لأبناء بلدي.. صور

بعد عطل الاتصالات والإنترنت.. إقلاع 36 رحلة طيران وجار العمل على 33 أخرى

رئيس إشبيلية يُغري ياسين بونو بالعودة إلى الليجا

مقتل 5 جنود إسرائيليين وإصابة 10 آخرين في "كمين كبير" بغزة

أخبار 24 ساعة.. 21 مصابا فى حادث حريق سنترال رمسيس ولا وفيات حتى الآن

اتحاد بنوك مصر: استمرار العمل بشكل طبيعي اليوم الثلاثاء

طلعت يوسف يعلن اعتزاله التدريب بعد قيادة 476 مباراة

إعلام عبري: إصابة 16 جنديا إسرائيليا في انفجار عبوة ناسفة بشمال قطاع غزة

تجدد اشتعال النيران في مبنى سنترال رمسيس والإطفاء تحاول السيطرة.. صور

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى