مذكرات راسب ثانوية عامة.. عن لشبونة وعشق البرتغال «13»

براء الخطيب
براء الخطيب
براء الخطيب
وحكى لى «ألبرتو» بتفصيلات أكثر عن «مونتانيا»، وفيما يبدو أن هناك من أطلق عليها هذا الاسم «مونتانيا» كما فهم منها هى نفسها لضخامتها مثل الجبل، ومع ذلك لم تتركه هى يرحل عن شقتها الصغيرة الضيقة طوال هذه الأيام الثلاثة، وقد شربا فيها معا عدة زجاجات من النبيذ البرتغالى وهما ما بين الفراش والمطبخ، حيث الأحضان الملتهبة والطعام الشهى الذى تجيد «مونتانيا» إعداده، وبالرغم من ضخامة جسدها فإنها كانت تتحرك بين أحضانه فى الفراش كحركة طائر «بيكوفيرميالى» فى الفضاء بمنقاره الأحمر، وجسده الأبيض المنقرش بالنقط السوداء والرمادية، والذى يبنى أعشاشه على أشجار الفلين بالقرب من شاطئ البحر فى «كانيكال»، وبالرغم من كل المشاعر الملتهبة التى منحته «مونتانيا» إياه، والنبيذ الذى شربه، وكمية اللحم التى أكلها، فإنها لم تأخذ منه «سكودو» واحدًا، ليس لأنه لم يعرض عليها، وقد عرض عليها بالفعل، لكنها رفضت وبكت كثيرًا بحرقة صادقة، ولامته على ذلك، لأنها شعرت بالإهانة عندما عرض عليها النقود.

لم تكن حكاية «ألبرتو» مع «مونتانيا» مسلية فقط، بل كانت ممتعة أيضًا، وعندما قلت له ذلك قال إنه سوف يأخذنى إليها عندما يذهب لوداعها قبل أن أصحبه إلى «كانيكال» حيث تقيم أسرته، وهنا سألته عن أى «كانيكال» يتحدث، أليست عائلته فى لشبونة، وكما لو كنت قد ضغطت على جرح فى جسده، فقد اكتست ملامحه بتوتر مفاجئ مختلط بحزن حقيقى، فاعتدل فى جلسته، وأخذ يحكى عن كراهيته، وفى الحقيقة عن عدم حبه الكافى لهذه المدينة «لشبونة»، وعن عدم إعجابه بنادى «بنفيكا»، بل وكرة القدم عامة، فهو ليس من مشجعى كرة القدم، كما أنه لم يلعب هذه اللعبة السخيفة فى طفولته مثل كل هؤلاء البرتغاليين الكاثوليك الذين يعشقونها، وتقدس غالبيتهم نادى «بنفيكا»، ويضعونه من حيث التقديس فى المرتبة التى تلى «الروح القدس» مباشرة، فهو لم يلعب فى طفولته سوى لعبة «الهوكى» التى يعشقها إلى حد الوله فى شوارع بلدته «كانيكال» بشوارعها الواسعة المطلة على المحيط الأطلنطى الذى يحيط بها من كل الجوانب تقريبًا.. إنها «كانيكال» فى جزيرة «ماديرا» التى بكى أهلها كلهم فى الميدان العام عند كل هزيمة لجيش البرتغال فى كل الهزائم المتتالية التى مُنى بها الجيش البرتغالى فى كل المستعمرات التى كانت تمد البرتغال باللبن والعسل، وكان آخرها الهزيمة المذلة منذ أربع سنوات فى الهند، والتى بمقتضاها اضطرت البرتغال للانسحاب من الهند وتسليمها للإنجليز، ومرغوا فى الأرض كرامة أنطونيو دى أوليفيرا سالازار الذى رفض أن تتخلى البرتغال عن بقية مستعمراتها رغم مطالب سكان هذه المستعمرات ونداءات الأمم المتحدة، بل إنه أطلق على هذه المستعمرات اسم «ولايات ما وراء البحار»، ولقنه المتمردون فى المستعمرات البرتغالية السوداء فى أفريقيا درسًا بليغًا فى التضحية من أجل الأوطان، بالرغم من أنه أرسل كتائب البرتغاليين لمحاربة المتمردين، فقُتل الآلاف من الطرفين فى مذابح رهيبة، وعندما هزمه الهنود الهزيمة الأخيرة التى أيقن بعدها أنه خسر كل هذه المستعمرات أصيب قلبه بعطب شديد مازال، وسوف يموت قريبًا دون أن يجد شخصًا واحدًا فى البرتغال كلها يبكى عليه، حتى لو بنى ألف جسر مثل جسر «بونتى سالازار».. بكى «ألبرتو» بكاء شجيًا وهو يحدثنى عن «كانيكال» فى جزيرة «ماديرا»، وقبل أن ينهى حديثه عنهما بدأ بكاؤه يخفت إلى أن كف تمامًا، وبدا حزينًا وهو يقول لى إنه يمكننى أن أصحبه إلى «كانيكال» عندما يصرّح له المهندس الأول بإجازة لمدة عشرة أيام، وعرفت فى هذه اللحظة أن السفينة «أرياس» البنامية التى ترفع علم البرتغال سوف تبقى فى ميناء «لشبونة» لمدة خمسة عشر يومًا أخرى على الأقل.. وللمذكرات بقية.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

طرح فيلم أسد فى صيف 2026 بعد عرضه فى أكثر من مهرجان سينمائى

ترامب يندد باستهداف إسرائيل مستشفى ناصر جنوب قطاع غزة

ليفربول يخطط لخطف رودريجو من ريال مدريد بدلا من إيزاك

مواعيد مباريات الدوري المصري اليوم الثلاثاء

العالم يحبس الأنفاس.. رعب فى فيتنام بسبب إعصار كاجيكي.. الدول العربية تواجه خطر التغيرات المناخية.. اتساع رقعة حرائق الغابات فى تونس.. تحذيرات من موجة حر قياسية" بالجزائر.. وأمطار رعدية وسيول بمناطق فى السعودية


حالة الطقس المتوقعة اليوم الثلاثاء 26 أغسطس 2025 فى مصر

نيوكاسل يونايتد × ليفربول.. الريدز يتلقى هدفا ثانيا ويتعادل 2-2 بالدقيقة 87

نيوكاسل يونايتد ضد ليفربول.. الماكبيس يقلصون الفارق بهدف جيماريش

وزارة الصحة توصح معلومات مهمة عن تطعيمات الروتا للأطفال.. تفاصيل

مئات النجوم الإيطاليين يضغطون على مهرجان فينيسيا السينمائى بسبب أحداث غزة


أنغام فى أحدث صور بعد عودتها إلى مصر بصحبة أبنائها

الأهلي يكشف تفاصيل إصابة آية الشامي لاعبة سيدات الطائرة

الرئيس السيسى يستقبل الشيخ محمد بن زايد بمطار العلمين

تعرف على مبيد الكلوروفينابير بعد وضعه فى خبز أطفال ديرمواس.. أعراض قادت للوفاة

نتيجة الثانوية العامة للدور الثاني 2025.. إعلانها عقب انتهاء التصحيح والرصد

محمود سعد: وصول النجمة أنغام لمصر وصوتها جميل ومتألق كالعادة

ريبيرو: الأهلي خلق 7 فرص أمام غزل المحلة.. والنتيجة لم تكن في صالحنا

طرح فيلم "ضى" 3 سبتمبر.. مشاركة خاصة لمحمد منير وأحمد حلمى ومحمد ممدوح

وزارة الداخلية تضرب أوكار الجريمة بقوة.. ضبط مئات المتهمين وكميات ضخمة من المخدرات والأسلحة.. الشرطة تطيح بـ 440 متهماً وتنفذ أكثر من 84 ألف حكم قضائى.. ضبط مواد مخدرة مستحدثة وتتحفظ على فرجينيا

الطقس غدا.. انخفاض فى درجات الحرارة وشبورة والعظمى بالقاهرة 34 درجة

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى