أمى الكبرى.. جدتى

محمود سعد الدين
محمود سعد الدين
بقلم محمود سعد الدين
فى منتصف الأربعينيات من القرن الماضى كان رجل ستينى عجوز يعيش سنواته الأخيرة فى منزل من الطوب اللبن بريف مصر الفقير، بعد أن توفيت زوجته، وانشغل عنه أولاده بأحوال الدنيا، فعل كل شىء صالح فى الحياة، حتى إنه حج بيت الله 7 مرات، لدرجة أن أطلق عليه أهل قريته «عبدالحميد الحاج»، كان يسافر فى 3 أشهر بالجمال، ويمكث بمكة 3 أشهر، ويعود فى 3 أشهر، وفى الأشهر المتبقية من العام يستعد لجولة السفر الجديدة.

أقارب الرجل الستينى العجوز اقترحوا عليه الزواج، ليس الزواج بمعناه الشامل، لكن لكى يجد سيدة تخدمه فى سنواته الأخيرة، ويا حبذا لو كانت سيدة لا تنجب، دار البحث أيامًا وأسابيع حتى وقع الاختيار على سيدة فى نهاية الثلاثينيات من العمر، سبق لها الزواج ولم تنجب، أو بالمعنى الأصح «مالهاش فى الخلفة»، وسريعًا ما تحرر عقد الزواج، وكانت المفاجأة أن السيدة «اللى مالهاش فى الخلفة» أنجبت من الرجل الستينى، وكانت المفاجأة الثانية أن الرجل العجوز مات قبل أن يتم ابنه الصغير أيامًا معدودات، وتحملت السيدة مسؤولية تربية ابنها، وحبًا منها فى زوجها الراحل أسمت ابنها الصغير «عبدالحميد» على اسم الزوج، وكانت تخاف على ابنها الصغير وتحوطه، حتى إنها فى بعض الأوقات وضعت «حلقًا» فى أذنه، لكى تخفى عن مسامع الناس أنها أنجبت ولدًا، فى أسلوب متبع بتقاليدنا الريفية.

عاشت السيدة سنوات طويلة وحيدة مع ابنها، هدفها الوحيد أن يكون رجلًا «زين يملى العين» وتكون لديه عائلة كبيرة يعيشون فيها حياة جماعية بعيدًا عن حياة الوحدة، وهو ما دفعها أن تزوج ابنها وهو فى السادسة عشرة من العمر، حتى أن ابنها استخرج البطاقتين العائلية والشخصية فى وقت واحد.

الصغير كبر وتزوج، لكن مازالت الوحدة تسيطر عليه، فكان قراره الإنجاب كثيرًا، وهو ما كان، أنجب من الأبناء 9، 5 بنات و4 أولاد، ومع كل مولود جديد ينضم للعائلة كانت السيدة تفرح وتعبر عن مزيد من السعادة بزغروتة الفلاحين الشهيرة. حتى بعد إنجاب 9، كان الابن لا يأخذ قرارًا إلا بعد العودة لوالدته، يناقشها ويجادلها، سواء كانت لديها خبرة بموضوع القرار أم لا، هو تعوّد على أنها ميزان حياته، وباب خيره الرئيسى فى الدنيا، هى من فتحت له فى سن العشرين مستودعًا لبيع الدقيق، وهى من وقفت إلى جواره لكى يبنى منزلًا جديدًا فى نهاية السبعينيات، وهى من كانت تساعد زوجته فى تربية الأولاد وقت أن كان الابن والزوجة يسعيان فى الأرض وراء الرزق و«لقمة العيش».

ماتت الأم فى بداية التسعينيات، وكانت الوفاة كالفاجعة للابن، رغم أنها مرضت أشهرًا طويلة، لكن الفراق وحالة الحب بين الأم والابن لم تكن أبدًا سهلة عليه، ولا حتى على أبنائه الذين تعلقوا بها، مثلما تعلقوا بوالدتهم بالأساس.. العجوز الستينى فى القصة هو جدى «الحاج عبدالحميد الحاج»، والسيدة هى جدتى «الحاجة تفيدة»، والابن هو والدى رحمة الله عليه «عبدالحميد عبدالحميد الحاج».. فى مناسبة عيد الأم أقول لجدتى، أمى الكبرى، لولاك ما كان أبى، لولاك ما كنا.. ألف ألف شكر.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

رئيس اتحاد البنوك: سنراعى حالات سداد أقساط القروض للعملاء مع تأثر الخدمات

3 فرق مصرية تتسلح بمعسكرات خارجية قبل الموسم الجديد

أحمد القرموطي لاعب المصري يقترب من غزل المحلة في الميركاتو الصيفي

الطقس غدا شديد الحرارة وشبورة ورطوبة والعظمى بالقاهرة 36 درجة

بطل من ضهر بطل.. ابن الشهيد امتياز كامل يكتب فصلا جديدا من الفداء بحريق رمسيس


مراحل التصحيح الإلكترونى فى امتحانات الثانوية العامة.. الكنترولات الفرعية تتسلم الأوراق من اللجان.. الإرسال لمقر التقدير الرئيسى ودخول ورقة البابل شيت على الجهاز.. قراءة البيانات من رقم الجلوس المظلل للطالب

الحكومة: نظام الثانوية العامة قائم ومستمر و"البكالوريا" بديل اختيارى

باختصار.. أهم الأخبار العربية والعالمية حتى الظهيرة..استشهاد 13 فلسطينيا فى قصف إسرائيلى استهدف منازل بغزة..ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تكساس لأكثر من 100 شخص.. البنك المركزى الأسترالى يثبت سعر الفائدة عند 3.85%

المقاولون يحصل على توقيع أحمد مجدى كهربا لـ3 مواسم

الزمالك يستعين بكهربا ومعتز إينو والشناوى فى شكوى زيزو لاتحاد الكرة


حريق سنترال رمسيس يؤثر على خدمات الاتصالات.. عمرو طلعت: عودة الخدمة تدريجيا خلال 24 ساعة.. تعويض المستخدمين من تأثر الخدمة.. وخدمات "النجدة" و"الإسعاف" و"الخبز" بالمحافظات لم تتأثر بالحادث

أبو عبيدة: عملية بيت حانون ضربة سددها مجاهدونا لجيش الاحتلال الهزيل

الزمالك يطالب حسام عبد المجيد بحسم موقفه من تمديد العقد

"اليوم السابع" يجرى جولة بمحطات الخط الرابع لمترو الأنفاق.. التنفيذ يتخطى الـ50% والتشغيل 2027.. أول قطار يصل العام القادم والشركات المصرية تصنع التاريخ.. والرصيف بوسط المحطات وأبواب زجاجية لحماية الركاب.. صور

ريبيرو يستفسر عن تطورات الصفقات الجديدة فى الأهلي قبل التحضير للموسم الجديد

"طلقنى" يجمع كريم محمود عبد العزيز ودينا الشربينى للمرة الثانية فى السينما

العالم هذا الصباح.. انتحار نائب بالبرلمان الفرنسى شنقا فى منزله.. مصابون جراء قصف الاحتلال مدرسة تؤوى نازحين فى مخيم البريج وسط قطاع غزة.. ترامب: حماس تريد وقف إطلاق النار فى غزة ولا أعتقد وجود عراقيل

رؤية شاملة لقانون الأحوال الشخصية للكنائس.. حماية حقوق الطفل وأهمية الأسرة في التبنى.. مراحل تحضيرية وضمانات قانونية في الخطوبة والقائمة.. والتوازن بين الشرع والعدالة الاجتماعية في قضايا الميراث

تحول مفاجئ فى مستقبل إندريك مع ريال مدريد

طب المنصورة قلعة طبية مصرية مصنفة من أفضل كليات الطب في الشرق الأوسط وأفريقيا.. دشنت برنامج "مانشستر للتعليم الطبي" في 2006 لمنح مستوى عالمي لدرجة البكالوريوس.. ويمكن للطالب السفر للتدريب فى جامعة مانشستر

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى