مصر المنفية فى سينما المدينة

وائل السمرى
وائل السمرى
بقلم وائل السمرى
يحلو لأهل السينما أن يقولوا دائما إن «السينما ذاكرة التاريخ»، وقد يكون هذا الأمر حقيقيا، لكن ليس فى هذه الأيام، فللأسف كثيرا ما نردد كلمات لسنا نعنيها، فلا السينما الآن ذاكرة للتاريخ، ولا حتى ذاكرة للواقع، فأغلب أفلامنا لا تصور حياتنا الحقيقية، ومعظم أبطال السينما الحقيقيين يبدون لى كما لو كانوا خارج حسابات الزمان والمكان، فقد غرقنا فى «سينما العشوائيات» بعد انكسار موجة «سينما المنتجعات السياحية»، وأصبحت حياتنا بين نقيضين ما بين طبقة فارغة من المعنى أكبر إنجازاتها «تظبيط امرأة» بلا رؤية ولا قضية، وطبقة أخرى محطمة بالفقر والجهل والمخدرات تعيش فى قضيتها الخاصة، أو كما قال محمد رمضان فى أحد أفلامه «دى آخرة الصحوبية أنا اتعملى قضية».

لا تتخيل أننى هنا أهاجم هذه الفئة من الأفلام، فليس الهجوم هو ما يشغلنى وإنما ألوم فقط على صناع هذا الفن الجميل انغماسهم فى نوعية واحدة من الأفلام هى «سينما المدن» التى تهتم بحياة شرائح معينة من أهل المدينة فحسب، وهو الأمر الخطير «سياسيا» إلى درجة قد لا يتخيلها أحد، فمعنى أن تقتصر السينما على تصوير حياة أهل المدينة فحسب هو نفى بقية أهل مصر من التاريخ، وبالتالى ينعكس هذا انعكاسا سلبيا على بقية أهلنا فى الريف والنوبة وسيناء والواحات، ونضيف إلى فئات مصر المهمشة «عرقيا» فئات أخرى مهمشة «جغرافيا» وهو ما يأتى بالعديد من الآثار المدمرة.

تخيل أنك تعيش فى قرية فى الدلتا أو الصعيد، أو فى قبيلة فى سيناء أو الواحات، وتجد أن الدولة تلزمك بكل ما يلتزم به المواطنون فى أهل المدينة، فى حين أنها لا تهتم بك ولو حتى فى عمل درامى تتردد فيه أغنياتك وتبرز فيه لهجتك وتناقش فيه قضاياك، فماذا سيكون شعورك وأنت منفى فى الغياب، وبعيد عن الجميع، لا يأتى ذكر لك إلا باعتبارك إرهابيا أو مهربا أو خارجا عن القانون.

السينما سلاح، وإنى لأرجو أن تنتبه الدولة ممثلة فى «وزارة الثقافة» إلى تسخير هذا السلاح لمصالحها العليا، بدلا من أن يرتد هذا السلاح إلى نحرنا، وقد تحدث الدكتور عبد الواحد النبوى وزير الثقافة مرارا عن رغبته فى إحداث «نهضة سينمائية»، دون أن يحدثنا عن أسس هذه النهضة وأهم قضاياها، وحتى أن يحدثنا «النبوى» عما ترجوه الدولة من السينما، فإنى أرجو أن يضع فى حسبانه أن مصر بها تنوع جغرافى كبير يجب أن يجد له نصيبا على شاشة السينما، ولدينا عشرات الروايات التى تتناول حياة المصريين فى الدلتا وسيناء والبحر الأحمر والواحات والنوبة، ويجب أن ترعى الدولة تمثيل هذا التنوع الجغرافى فى أعمال درامية جذابة لنكسر قفص الغربة الزجاجى بين المصريين والمصريين.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

"إنت الوحيد".. أغنية من كلمات وألحان تامر حسني في ألبومه بتوقيع شريف مكاوي

محمد صلاح يتفوق على يامال وفينيسيوس في سباق أفضل أجنحة العالم

منة القيعى بين "يا بخته" مع الهضبة و"كلام فارغ" مع أصالة

المقاولون العرب يقترب من ضم ثنائي كهرباء الإسماعيلية في الميركاتو الصيفي

غدًا.. انتهاء ماراثون امتحانات الثانوية العامة 2025


للأزواج.. إجراء بمحكمة الأسرة لو زوجتك طالبتك بنفقات غير مستحقة

اختبارات القدرات 2025 تبدأ السبت.. هل يمكن استرداد الرسوم حالة الرسوب؟

الجبهة الوطنية: القائمة الوطنية تضم كوادر وكفاءات تثرى مجلس الشيوخ القادم

هدوء ما قبل الإعلان.. آخر تطورات نتيجة الدبلومات الفنية 2025

الحرارة تصل 42 درجة.. حالة الطقس المتوقعة اليوم الأربعاء 9 يوليو 2025


أخبار × 24 ساعة.. الإسكان: طرح كراسات شروط حجز 113 ألف شقة 15 يوليو

أيمن الرمادى: القبانى أخطأ فى تصريحاته ضدى وأنا مش زعلان منه

كيف أنقذت مصر نفسها من كارثة بيولوجية بعد إحباط تهريب 300 كائن حى نادر فى مطار القاهرة؟.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراض وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصال لها.. وتسبب خسائر فى الثروة الحيوانية

الزمالك يكرم أيمن الرمادى بعد التتويج بكأس مصر

بتروجت: علاقتنا قوية مع الزمالك ولكننا متمسكون باستمرار حامد حمدان

منتخب 20 سنة يواصل برنامجه التدريبى.. ونبيه يشيد بالروح الجديدة

السجن 10 سنوات لـ7 متهمين بدفن شاب حيا داخل ماسورة مياه فى المحلة

الخارجية الأمريكية: ترامب متفائل بشأن التوصل لاتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة

بطل من الحماية المدنية.. يصر على عدم النزول من السلم حتى إخماد حريق سنترال رمسيس

استمرار التسجيل فى مسابقة دولة التلاوة عبر منصة وزارة الأوقاف حتى 8 أغسطس.. فيديو

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى