رواية خرائط التماسيح لـ"محسن يونس" واقعية الخيال وسيرة الوطن المعزول

غلاف الرواية
غلاف الرواية
كتب أحمد إبراهيم الشريف
فى واقعنا المعاصر وحالنا الراهن يكون الفرق بين الحلم والواقع وبين المتحقق والمتوقع وبين الحقيقى والوهم صعبا، فلا أحد يستطيع أن يضع حدا واحدا فاصلا بين الجانبين، وهذا بدوره ينعكس على الإبداع لذا فى رواية "خرائط التماسيح" للكاتب الكبير محسن يونس والصادرة عن مركز الأهرام للنشر، نظل نتساءل طوال الرواية: أهو حلم أم حقيقة.. هل هو حفل تنكرى سينتهى بعد صفحة أو صفحتين فى الرواية.. وهل الصدمة تكمن فى تحول الكائنات أم فى بيع الأرض للأجنبي؟.. ولكن سؤالنا الأزلى سيكون من "هم التماسيح"؟.

وجزيرة ديامو التى تدور حولها الرواية تشبه قرية معزولة يحيطها الماء من الجهات جميعها لا تصلها باليابسة/ العالم سوى معدية يملكها "عاشور الجن" وهو رجل تقريبا فقد عقله ويملك قسطا كبيرا من "الرؤية" التى يطلق عليها الجميع "خيالا" يرى ما لا يرونه هم، من مكانه على سطح "المعدية" ينقل الغنى والفقير، المجند وابن الرئيس، يركبون معه وكل واحد منهم يضمر فى نفسه شيئا، يصادق "هو" التماسيح حقيقة وخيالا، فهو بوابة الإنقاذ وفى الوقت نفسه دائرة من الهلاك، وما الجزيرة سوى بوابة شمالية مهمة تحتوى فى داخلها سبعة آلاف عام تنزف وسبعة آلاف مقدس يضيع.

وكى نستوعب ما يقوله "محسن يونس" علينا أن نفتح باب الخيال على مصراعيه، ولا نتوقع "حكاية" تأتى من باب التداعي، فـ"خرائط التماسيح" من الممكن اعتبارها تأريخا لفترة من أسوأ فترات "الشعب المصرى" فترة كان شعارها كما قال الأبنودى "بدال ما تبنى بيع" زمن رجال الأعمال والقطط السمان، وزمان الضياع الشعبى و"كسر النفس".

ومن الجدير بالقول أن "محسن يونس" يملك نوعين من الخيال، الأول خيال الكتابة والقدرة على كسر المتوقع والتداخل والتشابك داخل الحكاية، وخلط الخيالى بالواقعي، فلا تعرف أيهما الأصل وأيهما المبالغة، هل تتحدث التماسيح حقيقة أم هل فقد الرجال ألسنتهم فلم يصبحوا قادرين على الكلام، والنوع الثانى من الخيال هو "خيال الأمل" ويتمثل فى "رأفت حكيم" الضرورى ضرورة الحياة، فلم يقدم "محسن يونس" رواية يحكمها اليأس، لكنه قدمها ممتلئة بالأمل، التماسيح التى تبحث عن دور ضاع منذ سبعة آلاف سنة، والرجال الذين خرجوا للصيد وعادوا بجثة تتكلم وتحكي، وصاحب المقهى الذى لا فرق لديه بين صنع الشاى للتماسيح أو صنعها للبشر، و"نسرين هانم" التى قتلها الوهم، ومرعى الأفندى الذى يكره نفسه والعالم.. ويظل "عزيز الوصيف" الذى يشبه صفة أكثر منه شخصا "متحققا" هو الشخصية الأبرز، كل هذه الشخصيات ليست محبطة إنها تمارس "الحياة" حتى إن كانت ترى الهلاك قادما لا محالة فى سفن قادمة من الشمال أو فى تماسيح حقيقية تحتل الجزيرة أو فى تماسيح مجازية تتحكم فى مقدرات "الخلق" يظل الأمل مبثوثا بين جنبات الرواية.

إذن هو الخيال بلغته وطرق سرده التى تحطم المتاح والسهل وتنعكس على روحك فى التلقى، لكنه بعيدا عن التغريب حيث يعتمد كثيرا على الحوار بين شخصيات الرواية، بما يحمله هذا الحوار من فكر وثقافة يكشف من خلاله أنماط متعددة من الواقع المعيش، أو الذى يمكن أن يعاش بمنطق الأسطورة التى تقترب من الواقع حد المداخلة.

إذن ما يفعله محسن يونس هو عدم الفصل بين الواقع والأسطورة فى عالم الكتابة، فمفهومه عن الرواية لا يعنى حرفية الواقع والنقل عنه فهو يرى أن ذلك جدير بكتابة صحفية، لكن الرواية هى شيء آخر يقودنا إلى هذا التمكن القوى الذى ينتج من توظيف التاريخ والأسطورة والواقع والمتمنى والمستحيل والتراثى والحداثى ليخرج نص يليق بـ"محسن يونس".


موضوعات متعلقة..


قصور الثقافة تصدر تبسيط "تحفة النظار فى غرائب الأمصار وعجائب الأسفار"

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الجمارك تحبط محاولة تهريب 3 آلاف دولار داخل "شبشب" فى طرد قادم من المغرب

سائق متهور يحطم سيارة خلال "زفة" فى المنصورة ويصيب المارة ويفر هاربًا

متحدث الحكومة: توجيه رئاسي بإنهاء تطوير الطريق الإقليمى في أقصر مدة ممكنة

مصر تعرب عن خالص تعازيها للسودان الشقيق في ضحايا حادث انهيار منجم للذهب

بي إس جي ضد إنتر ميامى.. جواو نيفيس يفتتح أهداف المباراة بالدقيقة 6


الداخلية تضبط صانع محتوى يصور فيديوهات خادشة للحياء.. فيديو

محافظ الجيزة يعتمد تنسيق الثانوية العامة بحد أدنى 225 درجة

أسد الحملاوى يرد على شلاسك البولندى بعد اتهامه بالهروب من معسكر الفريق

الداخلية تضبط سائقين يسيرون عكس الاتجاه بالطريق الإقليمي.. فيديو

إخلاء سبيل أحمد السقا فى اتهامه بالتعدى على طليقته مها الصغير بكفالة 5 آلاف جنيه


رئيس الوزراء يوجه بالالتزام بإجراء تحليل مخدرات لكل سائقي النقل بصورة مفاجئة

حقن مضادة للشيخوخة ولعب اليوجا.. تعرف على سبب وفاة شيفالي جاريوالا

امتحانات الثانوية العامة 2025.. طلاب بعد أداء امتحان الإنجليزى: أسئلة القطعة صعبة وإجاباتها محيرة.. مستوى الاختبار فوق المتوسط.. صفحات الغش تنشر الأسئلة بعد بدء اللجنة.. ووزارة التعليم تتخذ الإجراءات

ليلة مثيرة فى مونديال الأندية.. تشيلسي يسحق بنفيكا فى مباراة الـ5 ساعات.. دي ماريا يتصدر ترتيب الهدافين.. ماريسكا يهاجم إقامة المباريات فى أمريكا.. وبالميراس يقصي بوتافوجو ويضرب موعدا مع "البلوز"فى دور الثمانية

عفو رئاسى عن باقى العقوبة لبعض المحكوم عليهم بمناسبة الاحتفال بثورة 30 يونيو

الأرصاد: استقرار بالأحوال الجوية وأجواء شديدة الحرارة وارتفاع بالرطوبة

حكايات موجعة من حادث المنوفية.. الأهالى يسردون لليوم السابع قصص كفاح الراحلات والموت الجماعى.. رويدا لم تُزف وشيماء لم تُكمل هندستها.. و4 طالبات متفوقات بالإعدادية ينتقلن من دفتر الأحلام إلى سجل الوفيات.. صور

التحريات تكشف ملابسات مصرع سيدة سقطت من عقار فى مدينة 6 أكتوبر

تداول أسئلة امتحان اللغة الإنجليزية للثانوية العامة.. والتعليم تحقق

دي ماريا يتخطى وسام أبو علي ويتصدر ترتيب هدافي كأس العالم للأندية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى