الناقد أحمد حسن عوض يكتب: سميح القاسم.. جسد الشعر جسد المقاومة

الناقد احمد حسن عوض
الناقد احمد حسن عوض

أجل تتكاثر في قاع نومي الأفاعي
أمدّ ذراعي إلى كوكب من الفضاء البعيد
تحز البروق شرايين صدري
وأصرخ لا ألمًا
صرختي شارتي أنني لا أزال على الأرض جسمًا وحزنًا
أمد ذراعي وأصرخ من لوعة ، يا حبيبة عمري
نموت ولا لن نموت ..
أجل جسدي أمة ويدي دولة
ودمي ثورة وأصابع كفي مزارع
أوردتي منشآت، جبيني مصانع
أنفي جسورُ وساقي شوارع
أذني مدارس عيني بيوت
وإني أموت ولا لن أموت
يكاد هذا النّص الشعري الفائق المكثّف أن يكتنز جوهر الرؤية الشعريّة في تحولاتها الأخيرة لدى شاعرنا الفلسطيني الكبير الراحل سميح القاسم الذي نحتفي بذكرى ميلاده السادسة والسبعين . وكأنه احتفال متجدّد بروح الشعر المقاوم الذي ظلّ يكتبه سميح القاسم ورفاقه الشعراء الفلسطينيون الكبار محمود درويش ، توفيق زياد ، راشد حسين ، سالم جبران وحنا أبو حنا.
وهو شعر يعي طبيعة الصراع ، ولا يحلّق في فضاء زاعق أو يدّعي بطولة مفارِقة للواقع الأليم الذي تخاذلت فيه الأنظمة العربيّة عن أداء دورها النضالي بقدر ما يؤكد بطولة المقاومة وصمودها العاتي في وجه العدوان الصهيوني الغاشم عبر الاعتراف بكثرة المتآمرين الذين يرمز لهم سميح القاسم بالأفاعي المتكاثرة في منامه في النّص المشار إليه، مؤكدًا في الآن ذاته على أنّ الصرخة الفلسطينيّة ليست ألمًا بقدر ما هي شارة أو أيقونة تؤكّد تجذّر الجسد الفلسطيني في عمق أرضه حتى وإن ظلّ مُسّيَّجًا بالحزن، بل إنّ هذا الجسد يتحوّل في التأويل المتفرّد للشاعر إلى جسد كوني مفارق يحتفظ بصلابة فائقة تقاوم الانتهاكات العدوانيّة والممارسات القامعة ، وتفرغ فعل انتهاك الأرض من محتواه ليصبح هذا الجسد الشعري العملاق بتجلياته المتعددة هو الحافظة الحاوية لمظاهر الحياة الفلسطينيّة المستلبة، والكينونة البديلة التي تؤثّر على تجدد معنى الحياة وتخلقها من خلال التحرك الإسنادي من (مبتدأ) الجسد الشعري إلى (خبر) المجتمع الفلسطيني المشتهى.





جسدي أُمّة

يدي دولة

فمي ثورة

أصابع كفّي مزارع

أوردتي منشآت


جبيني مصانع
أنفي جسور

ساقي شوارع
أذني مدارس
عيني بيوت


إنّ هذا الصنيع الرمزي البديع يؤكّد في معناه القريب التطوّر الصاعد لهذا الجسد الشعري الأسطوري الذي يترسّم حدوده بحدود الوطن المفتقد ويجتلي صورته في مرآة الوطن الحلم ، ويؤكد في معناه العميق قوة إيمان شاعرنا سميح القاسم بوظيفة الشاعر وبدور الشعر عبر اجتراحه لتقنية الكتابة بالجسد ، وهي تقنية مبتكرة وظّفها الشاعر بسلاسة لتعقد تصالحًا بديعًا بين روح الفن وابتكاره وروح الالتزام وانتمائه ، وتصنع تآلفا محبًبًا بين قضية الشعر وشعر القضيّة.


موضوعات متعلقة.

.
- أحمد حسن عوض يكتب: صلاح عبد الصبور .. ميلاد جديد

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الهلال يوزع تذاكر مجانية على الجماهير لحضور قمة مانشستر سيتي

إنتر ميلان يتحدى فلومينينسي فى قمة أوروبية لاتينية بمونديال الأندية

رامى إمام يحتفل بعقد قران ابنه حفيد الزعيم عادل إمام

إطلاق نار على رجال إطفاء أثناء إخماد حريق بولاية آيداهو الأمريكية

عمر مرموش يحذر من قوة الهلال قبل موقعة كأس العالم للأندية


صفقات الأهلى فى الميزان بعد المونديال.. زيزو يلمع وبن رمضان يبدع وتريزيجيه تحت الضغط

شيكابالا يعلق على أنباء اعتزاله كرة القدم باستوريهات الوداع.. صور

موعد مباراة باريس سان جيرمان ضد بايرن ميونخ فى ربع نهائى مونديال الأندية

تعرف على مواعيد القطارات على خط القاهرة الإسكندرية والعكس

مولودين من 48 ساعة.. مسعد ويحيى أصغر أسدين فى حديقة حيوان بنى سويف "فيديو"


الأهلى يدرس التراجع عن ضم أحمد عيد والتمسك ببقاء عمر كمال

الاتحاد السكندرى يفاوض ظهير فاركو لضمه فى الميركاتو الصيفى

أحمد حسام: الزمالك لن يقف على زيزو.. وعبد الله السعيد صعب يتعوض

استخراج جثة سيدة بعد تقطيع السيارة إثر سقوط ونش عليها بطريق الأوتوستراد

أحمد حسام: هعرف أثبت نفسى فى الزمالك.. ومابلولو وماييلى أصعب مهاجمين

إبراهيم عادل يحتفل بزفافه وسط نجوم الكرة.. صور

وزير الخارجية يزف بشرى للمصريين بالخارج: بحث تجديد مبادرة استيراد السيارات

حبس مالك سيارة حادث الإقليمي بالمنوفية لتمكينه السائق من قيادتها دون رخصة

حازم إمام: دور لجنة التخطيط استشارى فى الزمالك.. وجون يتحمل المسئولية بمفرده

الجمارك تحبط محاولة تهريب 3 آلاف دولار داخل "شبشب" فى طرد قادم من المغرب

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى