لا ابن الزبال.. ولا ابن غيره

د. ناجح إبراهيم
د. ناجح إبراهيم
بقلم - د. ناجح إبراهيم
ما قاله وزير العدل المستقيل المستشار محفوظ صابر عن عدم أحقية ابن الزبال فى الوصول إلى منصب القضاء ليست فكرة الرجل وحده ولكنها فى الحقيقة فكرة القطاع الأكبر والأوسع من زملائه وقرنائه وتلاميذه.. وهو لا ينشأ بهذا القول واقعاً جديداً.. ولكنه يفصح عن الموجود فى الواقع والعقول.. وقد يكون أصرح من غيره وأوضح من آخرين ينطقون هذه المعانى ويطبقونها فى الواقع ويقولون فى الإعلام والمحافل شيئاً مخالفاً يرضى البسطاء.

والمشكلة ليست فى قول الوزير فحسب.. ولا المشكلة ستحل باستقالته أو إقالته.. رغم أن إقالته شىء جيد ومفيد للنظام.. فالمشكلة أعمق من ذلك بكثير.. فإذا بقى الوزير فى مكانه أو أقيل أو استقال من منصبه فكل ذلك لن يغير شيئاً من الواقع المرير الذى تحياه مصر منذ فترة. وهذا الواقع يتلخص فى عدة أزمات أهمها أزمة توريث الوظائف للأولاد والأقارب غير المستحقين.. إنها أزمة «الطبقات الاجتماعية المغلقة».. فالفلاح سينجب فلاحين.. والميكانيكى سيكون أولاده كذلك.. والقضاة سيرثون مهنتهم ويداولونها بين أسرهم.. والضباط كذلك وأساتذة الجامعة وخاصة الطب كذلك.. والكهرباء والبترول والبنوك مغلقة على أهلها والجمارك والضرائب كذلك وكأنهم ورثوها كابراً عن كابر.. فلا ابن الزبال سيصل القضاء ولا ابن غيره من الوظائف البسيطة أو المتوسطة مثل المدرس والناظر والمحاسب وغيره مالم يكن له ظهر آخر قوى يستند عليه.. وابن الزبال وابن المدرس والناظر والقاضى والضابط لن يكون أستاذا فى كلية الطب مادام فيه منافسة على هذا المنصب مع ابن أستاذ فى الكلية.. فأستاذية الطب تورث كابراً عن كابر حتى لو كان ابنه غبياً و«أيده طرشة وزى الزفت فى الجراحة».

لقد ابتليت مصر منذ أواسط عهد مبارك بسوءتين عظيمتين هما: توريث الوظائف.. وكذلك بيع الوظائف الحكومية والمتاجرة بها، حتى إذا هلت ثورة 25 يناير بدأ الفقراء وذوو الكفاءات الجيدة يشعرون بالأمل فى الحصول على حقوقهم دون رشوة أو وراثة.
ولكن « يا فرحة ما تمت « فقد انفض الفرح سريعاً ثم فوجئوا بأن توريث الوظائف عاد بقوة أكثر من الأول وأن الرشاوى عادت بقوة وكأن شيئاً لم يتغير فى مصر وكأن كل منا عاد أدراجه سريعا إلى ما اعتاد عليه أو عاد إلى المربع «صفر» مرة أخرى.

إن ما قاله الوزير المستقيل يقوله ويفعله أيضاً أساتذة الطب من أن أبناءهم هم الأحق بكرسى الأستاذية حتى لو كانوا فى منتهى البلادة والخمول.. فهناك أساتذة فى الطب دمروا تلامذتهم النجباء بالكبر والصلف فى الوقت الذى أعطوا أبناءهم وأقرباءهم الدكتوراة بغير بحق فى منتهى اليسر والسهولة، إن تصنيف قدرة الناس على العطاء فى الأماكن الحساسة بحسب آبائهم يعد تصنيفاً ظالماً.. فكم من نبى صالح أو ولى زاهد أنجب أبناءً كافرين أو فاجرين أو فاسدين.. وكم من أناس بسطاء أنجبوا عباقرة، ألم يكن والد محمد نجيب أول رئيس للجمهورية فى مصر مزارعاً.. وكان محمد نجيب من الأبطال العظام فى حرب 1948، ألم يكن والد جمال عبدالناصر وهو من هو فى الصلابة والقوة موظفاً بسيطاً بالبريد.. ألم يكن والد أنور السادات أذكى رؤساء مصر يعمل كاتباً بسيطاًً بالمستشفى العسكرى بالسودان.. ألم يكن آباء العقاد وطه حسين ومحمود حسن إسماعيل وهاشم الرفاعى والأبنودى وفاورق شوشة وجويدة والكنيسى والحديدى أناسا بسطاء أو موظفين أو مدرسين.. ألم يكن والد حسنى مبارك حاجباً فى محكمة؟!!! ألم يتولى زيد بن حارثة إمارة جيش الرسول صلى الله عليه وسلم وهو من الموالى وكان عمر بن الخطاب والصديق تحت إمرته.. وقاد ابنه أسامة بن زيد هذا الجيش بعده.. ألم يكن معظم علماء أمة الإسلام العظام من الموالى.

قد يكون الإنسان من أصول فقيرة ولكنه متزن نفسياً ومستقر وجدانياً ومعتدل إنسانياً وعادل حتى مع أحبابه فلا يعطيهم فوق حقهم ومع خصومه فلا يبخسهم حقهم، وهناك من نشأ فى أسرة غنية ولكنه اعتاد شرب الخمر أو معاقرة المخدرات أو الزنا أو هضم الناس حقوقهم أو ممن يركن إلى جاه أسرته ومالها فلا يهتم بعمل ولا بذل ولا علم ولا عطاء، إن مشكلة المشاكل التى يعانى منها الإنسان فى كل زمان هى مشكلة ضعفه أمام ابنه.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

ريبيرو يعود للقاهرة غداً لقيادة فترة إعداد الأهلى للموسم الجديد

اتحاد الكرة يستقر على إقامة السوبر المصري بمشاركة 4 فرق

ميلود حمدى يطالب مجلس الإسماعيلى بتعديل لائحة فريق الكرة قبل الموسم الجديد

الخارجية الأمريكية تبدأ عملية تسريح جماعي لأكثر من 1300 موظف

بسبب تغيرات المناخ.. مخاوف من تراجع نحو 10% من محصول الكاكاو في غرب أفريقيا.. كوت ديفوار وغانا ونيجيريا والكاميرون تساهم بأكثر من ثلثي الإنتاج العالمي.. وانخفاض الإنتاج يرفع احتمالات زيادة أسعار الشوكولاتة


انفجارات عنيفة تدوي في مدينة جبلة السورية

تحريات أمن الجيزة تكشف ملابسات مصرع سيدة فى منطقة أبو النمرس

مواعيد مباريات اليوم السبت 12 - 7 - 2025 والقنوات الناقلة

إخماد حريق في هيش ومخلفات بكورنيش النيل بحلوان دون إصابات

هل سيتم تخفيض تنسيق الثانوي العام بالقاهرة ؟.. اعرف التفاصيل


موعد مباراة تشيلسي ضد بي إس جي فى نهائى كأس العالم للأندية 2025

وسام أبو على يُخطر الأهلى بالانتظام فى التدريبات الإثنين رغم أزمة العروض

هل ينجح مكتب تسوية المنازعات فى حل إنقاذ أسرة بعد زواج دام 8 أشهر؟.. التفاصيل

أخبار الرياضة المصرية اليوم الجمعة 11 – 7 – 2025

شقيق حامد حمدان: أخى فى حالة نفسية سيئة ومستعد للعب للزمالك دون شروط

بتروجت يضم الإيفوارى دياباتيه بعد رحيله عن الاتحاد السكندرى

المصرى يعلن عن التصميمات الجديدة لمشروع تطوير النادى الاجتماعى

ماكينات حفر الخط الرابع للمترو لا تتوقف.. طاقم مصرى يصل الليل بالنهار لإنجاز المشروع.. المكينة تحفر 22 مترا يوميا والنفق حلقات خرسانية يتم تركيبها وتصنيعها محليا.. وهذه طرق تأمين العمال تحت الأعماق.. صور وفيديو

محمد صلاح ولاعبو ليفربول ينعون جوتا فى النصب التذكارى.. صور

"أوديشن" مسابقة ملكة جمال مصر 2025.. أغلبية المتسابقات من طالبات الطب (صور)

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى