مارينا فارس يكتب : جيران شجرة التوت

جمال الطبيعة فى فصل الربيع
جمال الطبيعة فى فصل الربيع
ممر طويل، فى بدايته تقبع شجرة السرو العالية دائمة الخضرة والشموخ. تصنع مثلثا أنيقا بأوراقها الدقيقة. وأنا أدور تحتها أشعر بأن أطرافها تداعب الغيوم وتصافح زرقة السماء، وحين أقارن قامتها بقامتى أشعر أننى نملة. أصعد للطابق الثالث كى أواجه غصونها العالية التى تنعم بحرية اللهو مع النسائم المارة. أما هى فلا تصعد الدرج ولا تعرف للملل معني. حين تداعبها النسمات تنبض بالحياة باهتزازات رشيقة، فأشعر أنى جماد وهى التى تحيا كل الحياة.

شجرة التوت تجاور شجرة السرو، يتبادلان الطيور ورسائل الشتاء. شجرة التوت ممتلئة بالأوراق مسننة الأطراف. احسد العصافير التى تتركنى فى الأسفل وتهرب إلى أغصانها. ابحث كل صباح عن قصة البلبل التى يسكبها فى مسامعي، انصت إليها وأحاول فهم ما يعنيه بتلك النغمات الناعمة. ترى هل يرفع صلاة لخالقه أم تراه يسخر من تعاسة البشر وانغماسهم فى أمورهم الصغيرة، فيلوى منقاره ويقول فى إشفاق: "هؤلاء الحمقى يتركون الحياة الرائعة ويتجاهلون احتفالات الطبيعة ويلهثون وراء أشياء بالية".

أذكر حين تسللت وراء ذلك العصفور المتمرد الذى كان يقفز على الأرض فى كبرياء منقطع النظير. ذلك العصفور يفضل الحرية على الشبع، نظر فى ازدراء إلى حبوب القمح فى كفى ثم هرب وتوارى فى أغصان شجرة التوت. الجميع يجلس فى ظلها لكن لا أحد يفكر فى السؤال عن أحوالها أو يحيى سكانها من العصافير. ترى كم ربيع أزهر وشتاء انقضى وأنتِ هنا فى نفس المكان، كم شاهدتِ من أشخاص وكم دارت حولك من قصص؟.

أما ربيع شجرة التوت فهو ربيع ملىء بالهدايا الصغيرة، ثمار التوت الغضة تتساقط فى الربيع أمطارًا خضراء. تلك الثمار لها مذاق السعادة التى اختزنتها الشجرة طوال العام. وحدها شجرة التوت تعرف التوقيت المناسب لوقوع كل ثمرة. جعلها الله تصنع تلك السعادة بالقليل من ضوء الشمس وبأمومة بالغة تمنحنا إياها.

أما شجرة البوانسيانا تلك المظلة الخضراء زاهية الألوان، تشتعل بأزهار حمراء حين يزورها الربيع، تبدو أزهارها كتاج ملكي، تترتب أوراقها الصغيرة ناعمة الملمس بطريقة منمقة فى صفوف. لكن بمجرد أن يحل الصيف تسقط أزهارها الكبيرة فتصنع سجادة حمراء مستديرة. وبمجرد أن يأتى الخريف تسقط أوراقها فتتطاير فى الهواء وتظل فروعها فارغة حتى حلول ربيع آخر، دائمًا آراها كطفل متقلب ليست فى وقار شجرة السرو ولا شجرة الكاسيا التى تبقى فى الركن الأخير فى نهاية الممر وحيدة بأزهارها الصفراء. وكأنها قد ملت من وحدتها فترسل مع الرياح أوراقها الصفراء فى كل الممر، تجدها متجمعة فى كل الأركان وتمتلئ بها الزوايا.

وهكذا يبقى الاحتفال مستمر طوال العام، لكل شجرة عيدها، لكل شجرة طريقتها فى الاحتفال.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

وفاة شقيقة الزعيم عادل إمام أرملة الراحل مصطفى متولى

إنتاج وقود طائرات من زيوت الطعام المستعملة.. 5 معلومات عن مشروع شركة المانع القطرية بالسخنة

مانشستر سيتى يكتسح كريستال بالاس بثلاثية بمشاركة شرفية لمرموش.. فيديو

أحمد الأحمد المسلم بطل اليوم في أستراليا بعد تصديه للهجوم الإرهابى.. فيديو

نتيجة كلية الشرطة كاملة لعام 2025/ 2026 ثانوية عامة ومتخصصين.. فيديو


بيراميدز يتقدم بعرض لبتروجت لشراء حامد حمدان فى انتقالات يناير

النيابة العامة تواصل تحقيقاتها في قضية أرض نادي الزمالك بحدائق أكتوبر

كل ما تريد معرفته عن قتل وإصابة 42 شخصا بهجوم استهدف عيد حانوكا بأستراليا

رئيس الوزراء يشهد توقيع عقد مشروع شركة المانع القابضة القطرية بالسخنة

جنايات المنصورة تحيل أوراق عربي الجنسية للمفتي لقتله صديقه وقطع جزء من جسده


ضبط المتهمين بإشعال النيران فى شخص أمام زوجته وإصابته بحروق خطيرة.. صور

الطقس غدا.. انخفاض بالحرارة وأمطار وشبورة والصغري بالقاهرة 13 درجة

نتيجة كلية الشرطة 2026 كاملة لجميع التخصصات.. بالأرقام

تقارير: غياب مرموش ضربة قوية للسيتي ومصر ثاني المرشحين لحصد أمم أفريقيا

بدء إبلاغ المقبولين بكلية الشرطة بنتائج القبول للعام الدراسى الجديد

مستشار الرئيس للصحة يوصى بالبقاء بالمنزل عند الشعور بأعراض الأنفلونزا "A"H1N1

قبول 1550 طالبًا من خريجي الحقوق بأكاديمية الشرطة

اعرف الرابط الرسمى للاستعلام عن نتائج اختبارات كلية الشرطة

100 مليون جنيه إسترليني تهدد بقاء محمد صلاح في ليفربول

أكاديمية الشرطة تعلن نتيجة الطلاب المتقدمين لها اليوم

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى