د. فاطمة الزهراء الحسينى تكتب:" ميلاد الأسطورة"

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
حرارة داخلية تخرج من باطنى .. أكاد أن أحترق .. كمادات المياه الفاترة ليست ذات جدوى وخافضات الحرارة لا تسطيع خفض حرارتى .. وجسدى يفور ويغلى .. الهلوسة بكلام غير مفهوم .. والعرق الذى يشهد على الكارثة .. على لحظة التحول الغير مسبوقة .. "اطفئوا الأضواء .. وأغمضوا أعينكم .. من سينظر ستحل به فاجعة".. وحدها هذه الكلمات المفهومة من بين الهلاوس .. هذه الحقيقة التى لم أستطع فضحها يوما .. هذا السر الذى لا ينبغى على أن أفضحه وإلا أصابت الكارثة من يسمعنى والغضب من يرانى.

منذ صغرى .. لم أكن يوما عادياً .. كنت أتبع الخوارق وأصدق الأساطير .. كنت أختفى وحدى فى القبو المظلم بحثا عن خارقة تحدث لى .. كانت أعظم أمانى أن أتحول إلى أسطورة عظيمة ..

كنت أريد حياة غير عادية .. مهمش فى الوطن .. مكروه فى المنزل .. عائل حتى على نفسى .. كنت أبحث عن الحرية من عالم يزدرينى ويبغضنى .. أرى فى الوجوه المحيطة بى .. نظرة تقول .. لم أنت بيننا .. لم أنت هنا .. عليك أن تكون فى مكان آخر .. حتى جدتى التى ترعانى بين الفينة والفينة تتمرد على صمتها .. وتضربنى بعكازها الذى لا يفارقها .. وأنا لا حيلة لى سوى الصبر على ذنب لم أفعله .. والحساب على جريمة تحكى تفاصيلها الندبة التى فى وجهى .. لماذا لم يقتلنى الأشرار فى تلك الليلة .. لماذا تركونى أتنفس العذاب فى كل يوم أحيّاه فى هذه الحياة ..

قصة مررت من قصها مراراً وتكراراً على مسامع جدتى .. حتى تكتفى .. تسمعها منى لتشحن طاقة الكره التى فى داخلها تجاهى .. تسمعها لكى لا تنسى .. أننى السبب وراء فقدها عائلتها .. أنا السبب .. صاحب الخمس سنوات .. بربك كيف يكون السبب.

فى ليلة لا أذكرها .. أصابنى الأعياء الشديد واستوطنت الحمى جسدى .. فبدأت أهذى بكلمات لا أذكرها .. وقتها حملنى أبى وأمى إلى الطوارئ فى رحلتنا الأخيرة فى سيارتنا المحبوبة سابقا المنكوبة حاليا .

أسرع يا حسام وألا فقدنا الصغير هكذا قالت أمى بصوتها المبحوح .. كان طريقا طويلا شاقا فى رحلة الموت.

بدأ العد التنازلى .. ليس لى ولكن لمن اقترب منهم الأجل .. كنت أتمنى أن أكون واعيا بما يكفى لأودعهم .. لأشم رائحتهم .. لألقى النظرة الأخيرة .. كنت أتمنى أن أكون واعيا بما يكفى لأذهب معهم ولا أتركهم .

فى حالة من الهرج والمرج كانت تضج المشفى ببعض الفوضويين .. "البلطجية" الذين لم يسلم من شرهم الأطباء والمرضى .. الأطباء تحت تهديد السلاح .. هيا أخرج الرصاصة بسرعة .. 10 غرز هنا أيها الطبيب و10 هناك .. لا تمسح العرق .. دعه يتساقط .. أكمل عملك ليكون لديك متسع من الوقت تقضيه مستقبلا بين عائلتك .

هنا صرخ والدى .. لازلت أسمع صراخه يدوى فى أذنى .. لازلت أسمعه يستجدى الأطباء .. ويبكى .. لكن لا مجيب بعد وقت قصير وصل جدى وعمى إلى المشفى .. لماذا لازلتم هنا .. صرخ أبى مرة أخرى .. وأخرى لا جدوى .

لم يتحكم من الغضب الهائج فى نفسه .. لا أذكر ماذا قال ولا ماذا فعل .. لا أتذكر حتى كيف شقت هذه الندبة طريقها فى وجهى .. لا أتذكر شيئا .. سوى خيالات .. معركة أودت بحياة أبرياء كل من بالمشفى تحولوا إلى جثث هامدة بسكين غاضبة شقت الأجساد وأزهقت الأرواح .. من كثر لومى بدأت أصدق أننى وحدى سبب هذه المجزرة.

يومها لم ينج غير الطبيب الذى تجمد العرق على جبهته وصبى صغير .. يُدعى براء.

إنه أنا المنسوب إلى البراءة والمتخلية عنه البراءة .. أحتاج واقعاً يكف عن اتهامى .. أشخاصاً لا يرونى لعنة .. ألا يكفينى الحرمان الذى جبلت عليه .. ألا يكفينى الألم الذى عانيته .. ليأتى على الجميع دون رحمة .. وليتهمونى بأبشع تهمة .. تتخلى فيها البشرية عن إنسانيتها "القتل".

حتما فرّ الجانى من العدالة والتصقت التهم بأمثالى الذين لا يعرفون الحكاية .. لتغلق القضية .. ولتولد الأسطورة ..التى ما جاءت إلا لتحقق العدالة.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بشاير المانجا.. فاكهة الصيف تبدأ غزو الأسواق من الأقصر.. صور

جرائم التنقيب عن الآثار تهدد التراث المصري والداخلية تتصدى

يانيك فيريرا يستعين بتقرير الرمادى لتحديد احتياجات الزمالك وملف الراحلين

أحبت شقيق فريد شوقى وانتهت حياتها بالقتل.. ذكرى ميلاد وداد حمدى

الثانوية العامة 2025.. الطلاب يؤدون اليوم امتحان مادتى الكيمياء والجغرافيا


الفيضانات تضرب السودان.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر.. وتحذر من تعطيل وصول المساعدات وزيادة تفشى الأمراض.. وتؤكد: تصاعد أعمال القتال يجبر الآلاف على النزوح وتفاقم الاحتياجات الإنسانية

عيادات الموت.. تفاصيل ضبط مهندسة وسكرتيرة انتحلتا صفة طبيبة تجميل

فى انتظار القيد.. الإسماعيلى يتوصل لاتفاق مع عدد من اللاعبين والأفارقة

القانون يُلزم الهيئة الوطنية بتشكيل لجان مراقبة لرصد مخالفات الانتخابات

محمد الننى ضمن أفضل 12 لاعبًا أفريقيًا فى تاريخ أرسنال


فخامة وسرعة.. مواعيد قطار تالجو على خطوط السكة الحديد الخميس 3-7-2025

تريلا تحطم وتدهس 7 سيارات على الطريق الدائرى بالمعادى.. صور

7 أخبار رياضية لا تفوتك اليوم الأربعاء 2 – 7 – 2025

5 حالات للإخلاء الإجبارى فى قانون الإيجار القديم.. أبرزها امتلاك وحدة بديلة

"جزار" البنك يعود لحسابات الأهلي لتدعيم الدفاع فى الميركاتو الصيفى

الإفراج عن يوسف بلايلي بعد اعتقاله فى مطار باريس

أهم الأخبار العربية والعالمية حتى منتصف الليل.. إسرائيل تستهدف ضم الضفة الغربية وتعتقل متظاهرين قرب قيادة الجيش طالبوا بإنهاء حرب غزة.. وروسيا تشكك فى مذكرتا التسوية الأوكرانية وتطالب بتقريب المواقف تفاوضيا

كمائن الموت تحت غطاء المساعدات.. مجازر الاحتلال تفتك بالجوعى في القطاع.. مؤسسة غزة الإنسانية.. الاسم خادع والمهمة قاتلة.. 125 شهيدًا و700 مصابًا في شهر.. اعترافات جنود الاحتلال تفضح المجازر

بعد جدل حذف أغانى أحمد عامر.. هل الغناء حلال أم حرام؟.. الدكتور على جمعة: لا يوجد حكم مطلق وهناك موسيقى تهذب الروح.. الشيخان محمد الغزالى وعبد الحليم محمود يفتيان ياسمين الخيام.. وهذا ما قاله الشعراوى لـ شادية

اليوم السابع: مجلس النواب يوافق نهائيا على تعديلات قانون الإيجار القديم

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى