الهوية الباهتة.. وعلمانية الدولة

نبيل شرف الدين
نبيل شرف الدين
بعيدا عن المزايدات المُبتذلة لإظهار الولاء لمسار الجمهورية الجديدة بقيادة الرئيس السيسي، فأحسب أنني أحد ملايين المؤيدين لترسيخ أركان دولة عصرية تتبنى الحداثة، وتحسم انحيازها للهوية المدنية صراحة بتهيئة المناخ السياسي والاجتماعي لعبور المرحلة الانتقالية باستبعاد الجماعات والأحزاب الدينية، وتمكين القوى المدنية المُطالبة بدورها بالتحرك ميدانيًا، لتتسع دائرة تأثيرها الشعبي، وتسعى لاحتواء الشباب حتى لا تختطفهم قوى التطرف وتجعلهم وقودها، وتنشط بالعشوائيات والصعيد بكثافة بكثافة وجدّية.وبالإضافة لذلك فينبغي مراجعة منظومات التعليم والجهاز الإداري للدولة بإعادة هيكلتها وتنقيتها من اختراقات المتطرفين بحزم ، وإعادة النظر بالتسامح غير المفهوم مع السلفيين وأحزابهم فهؤلاء "دواعش كامنة" سينسفون التناغم الاجتماعي، ويعمقون الاستقطاب بهجومهم المستمر ليس على المسيحيين وحدهم ، بل تمتد عدوانيتهم لمخالفيهم من المسلمين ، فالمجتمع المصري كان لقرونٍ طويلة "متنوعًا ومتسامحًا"، واتسع صدر المصريين لاستقبال الغرباء المضطهدين كما حدث ليهود أوروبا والأرمن وغيرهم، لكن البلاد شهدت خلال العقود الماضية تحولا جذريًا، فأصبح يضيق حتى بشرائح أصيلة من المصريين، بعيدًا عن اللغو الفارغ حول النسيج الواحد وغيره من الهراء، فما يقال أمام الكاميرات، أو بالخطاب الرسمي منعدم الصلّة بالواقع.

ودعونا نعترف بشجاعة أن مصر تشهد الآن حالة انقسام عميقة ، لا يرى المراقبون أفقًا لاحتوائها، بعدما بلغت تداعياتها حدا أصبحت معه صورة المصري البشوش الطيب مجرد "حالة فولكلورية"، فالمسيحيون اتخذوا أحياء وبنايات بعينها، مقابل مساجد لا يعتلي منابرها سوى السلفيون، وأخرى يؤدي الفريضة فيها دعاة الأوقاف، وبينهما تنوعات شتى. وتواجه الجمهورية الجديدة مأزقًا حقيقيًا حيال حسم "هوية الدولة"، فلا تسعى لترضية السلفيين الذين يذهب بهم الشطط لحد سيُفضي إلى "دولة فاشلة"، بإعادة تدوير نفايات التاريخ كما حدث في نهاية "رجل أوروبا المريض" أي الخلافة العثمانية التي تجاوزها الأتراك أنفسهم ليؤسسوا دولة عصرية حققت المعادلة الصعبة بالتصالح مع العالم المعاصر، والحفاظ على هويتهم الحضارية .

وأخيرًا ما ينبغي أن يُدركه صُنّاع القرار أن مصر "دولة علمانية بامتياز" فهذا البلد المتسامح الذي ظل طيلة تاريخه الممتد واحةً لجميع الأجناس والأديان، وجمع بين صرامة الدولة المركزية، وتنوع مفردات مجتمعها، من البوادي بالتخوم الشرقية والغربية، لخصوصية النوبة جنوباً، مروراً باستيعاب جاليات أجنبية كالأرمن والإغريق والشوام وغيرهم.

هذه الدولة المركزية يتمدد فيها النيل كأنه "العمود الفقري" لجسد، يبدو مفعماً بالحيوية تارة، ومترهلاً تارة أخرى، لابد أن تكون دولة علمانية لتتجاوز الهويات الفرعية الدينية منها والعرقية والثقافية وغيرها لنقف معًا تحت مظلة أشمل وأوسع اسمها "الوطن" الذي يبدو من فرط المتاجرة به جهل الكثيرين بجوهره.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

بطل من ضهر بطل.. ابن الشهيد امتياز كامل يكتب فصلا جديدا من الفداء بحريق رمسيس

تأجيل محاكمة 76 متهما بخلية الهيكل الاداري بالقطانية لجلسة 5 أكتوبر

النيابة العامة تعاين حريق سنترال رمسيس للكشف عن أسباب اندلاعه

باختصار.. أهم الأخبار العربية والعالمية حتى الظهيرة..استشهاد 13 فلسطينيا فى قصف إسرائيلى استهدف منازل بغزة..ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات تكساس لأكثر من 100 شخص.. البنك المركزى الأسترالى يثبت سعر الفائدة عند 3.85%

الداخلية تضبط 10 قضايا جلب مواد مخدرة


مصرع شاب إثر تعرضه للدغه ثعبان سام بالغربية

الداخلية تعيد طفلين تائهين لأحضان أسرتهما بالمطرية

ضبط عصابة تنصب على المواطنين بطوابع وعملات أثرية وهمية

انطلاق المؤتمر الدولى لمكافحة كراهية الإسلام بمقر الجامعة العربية

معركة الحلم العالمى.. تشيلسى يتحدى فلومينينسى فى سباق التأهل إلى نهائى مونديال الأندية.. "البلوز" يستهدفون استعادة أمجاد البطولات.. نجوم السامبا يحلمون بكتابة التاريخ.. وريال مدريد وباريس يترقبان الفائز


كثافات مرورية أعلى كوبرى أكتوبر بسبب عمليات تبريد حريق سنترال رمسيس.. صور

وزير الإنتاج الحربى: نستهدف تخريج مهندسين أكفاء وفقا لاحتياجات سوق العمل

مواعيد مباريات اليوم.. فلومينينسي مع تشيلسي فى كأس العالم للأندية

سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 8 يوليو 1972.. إسرائيل ترتكب جريمة اغتيال المناضل والكاتب الفلسطينى غسان كنفانى الذى أخلص لمقولته: «كن رجلا تصل إلى عكا فى غمضة عين»

أسماء ضحايا حريق سنترال رمسيس من موظفي المصرية للاتصالات

العالم هذا الصباح.. انتحار نائب بالبرلمان الفرنسى شنقا فى منزله.. مصابون جراء قصف الاحتلال مدرسة تؤوى نازحين فى مخيم البريج وسط قطاع غزة.. ترامب: حماس تريد وقف إطلاق النار فى غزة ولا أعتقد وجود عراقيل

طلاب الثانوية العامة نظام قديم يبدأون امتحان الديناميكا

طب المنصورة قلعة طبية مصرية مصنفة من أفضل كليات الطب في الشرق الأوسط وأفريقيا.. دشنت برنامج "مانشستر للتعليم الطبي" في 2006 لمنح مستوى عالمي لدرجة البكالوريوس.. ويمكن للطالب السفر للتدريب فى جامعة مانشستر

وزارة الزراعة: ضخ 300 ألف طن من الأسمدة خلال الشهرين الماضين مع بداية الموسم الصيفى.. و250 ألف طن مخزون استراتيجي لتلبية احتياجات المزارعين.. وتوافر الأسمدة بجميع الجمعيات التعاونية

الجفاف يضرب العالم بقوة.. انخفاض مستوى المياه فى نهرى الدانوب وتيسا.. المكسيك تواجه طوارئ مائية.. مشاكل بالزراعة والطاقة فى ألبانيا.. فانكو بإيطاليا تظهر بمناظر قاحلة ومتشققة.. واستراتيجية أوروبية لإعادة المياه

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى