إعادة إحياء عداوة "هتلر" للفن فى معرض فنى ببلجيكا

يمتلئ عالم الفن التشكيلى بقدر كبير من الإثارة فيما يتعلق بالتصميم والألوان، لكن هناك جانباً أكثر إثارة وهو أسعار هذه اللوحات التى قد تصل إلى حد لا يمكن تخيله، وليس ذلك بغريب على الإطلاق لما أحدثته موجة فنانى الحرب العالمية الثانية من ثورة عارمة فى الفن، جعلت منه نقطة تحول بالغة الأهمية مازالت تدرس فى أنحاء العالم، لكن لـ"هتلر" رأى آخر، حيث أقام هتلر عام 1937 معرضا بعنوان "الفن المنحط" جمع فيه ما يقرب من خمسة آلاف عمل فنى لرواد الفن التشكيلى بيكاسو، كورينث، نولده، أرنست لودويخ، أرشيبيكو، جيمس أينسور، غوغان، فان كوخ، ماتيس، وغيرهم فى معرض شامل أراد من خلاله أن ينفر الشعب الالمانى من الفن ويثبت لهم انه يستحق الازدراء، ذلك الفن الذى ينجزه إما غير الألمان أو اليهود أو الشيوعيون، وهؤلاء مجرد مشعوذين ينحتون فى أعمال تجريدية رديئة تشغل الشعب عن قضيته الأساسية فى التمسك بالتراب الوطنى والدفاع عن النازية، ذلك كان منطق الخطاب النازى السائد، وهكذا تم حشد هذه الأعمال مجتمعة فى بيت الفن الذى سبق أن افتتحه هتلر فى مدينة ميونيخ الألمانية وانتقل إلى النمسا أيضا لنفس الغرض، وهو مكرس لإدانة ذلك النوع من الفن ومحاربته ومنع اقتنائه.




واحتفت مؤخراً مدينة لييج البلجيكية بهذا المعرض بمتحف "الميروار" وقدمته لجمهورها فى كم متميز وضخم من أعمال عمالقة الفن التشكيلى الذين مثلوا تلك الحقبة المهمة من تاريخ الفن البصرى، وفى وقائع تلك الاحتفالية النازية بإدانة الفن كان قدوم هيرمان جورينغ، رئيس وزراء هتلر فى هذا الوقت الذى أنجز المهمة بأكبر حشد للأعمال الفنية التى تم جلبها من كل مكان طالته أيدى النازية، وللتأكيد على تقبيح الفن تم عرض الأعمال بطريقة فوضوية، جعلها مكتظة وتحت إضاءة سيئة، فضلاً عن تعمد عدم تأطير كثير منها لغرض التشويش على ذهن الجمهور، ولكى يشعروا بعدم جدوى تلك الأعمال وصعوبة أن تفهم على أنها نوع من الفن، إن لم تكن فوضى حقيقة وأعمالا عبثية كما أراد المنظمون.

وحرص المنظمون على جلب أغلب تلك الأعمال المهمة، وأقاموا لمعرضهم احتفالية خاصة مع إصدار كتيب إرشادى مجانى ضم شرح وافى للأعمال المشاركة، فضلا عن تسليط الضوء على الحقبة التى ظهر فيها مصطلح الفن المنحط الذى أطلقه هتلر على تلك الكوكبة من الفنانين الكبار، أكثر من مليونى زائر شاهدوا هذا المعرض فى ألمانيا لوحدها، ومازال يستقطب المزيد من خلال تنقله إلى أكثر من مدينة أوروبية.

موضوعات متعلقة..

أمسية شعرية فى سهرة رمضانية بمكتبة مصر الجديدة