هل يمكن أن نخرج من هذا المنعطف؟

إبراهيم عبدالمجيد
إبراهيم عبدالمجيد
فى تاريخ الفلسفة نوعان شهيران من المنطق، المنطق الصورى والمنطق العلمى، المنطق الصورى قدمه أرسطو وهو يقوم على التتابع الشكلى للقضايا، مقدمة كبرى ومقدمة صغرى ثم نتيجة، مثلا يمكن أن تقول «كل المصريين عرب» كمقدمة كبرى ثم تقول «النوبيون مصريون» كمقدمة صغرى وتكون النتيجة «إذن فالنوبيون عرب»، وهى طبعا نتيجة ملتبسة لأن فى النوبيين والمصريين عموما جينات مختلفة عن الجينات العربية، ويمكن أن تقول كمقدمة كبرى «إن كل المثقفين خونة» وبعدها كمقدمة صغرى «فلان مثقف» وتكون النتيجة «إذن ففلان خائن»، وهكذا، صورية هذا الاستنتاج سليمة جدا، لكن نتائجه نادرا ما تكون صحيحة، ولقد صار هذا المنطق الأرسطى دليل البشرية لحوالى ألفى سنة، وتسبب فى جمودها وجمود الحضارات حتى القرن السابع عشر حين ظهر المنطق العلمى، وهو المنطق القائم على الاستقراء، فأنت لا تستطيع أن تصل إلى نتيجة ما إلا بعد تجربة على كل من تتحدث عنهم أو أغلبهم، فمثلا لا تستطيع أن تحكم على كل الفلاحين بالصبر، ففى تاريخ مصر ثورات قام بها الفلاحون، ولا أن العمل الحزبى لا معنى له لأن الموجود منها ضعيف، فهناك أعمال لا تراها وقيود لا تدركها، وبالطبع لا تسطيع أن تقول إن الشعب المصرى يحتاج إلى ديكتاتور، أو لا يعيش إلا بالكرباج، وهى العبارة السخيفة المتداولة عند الرد على أى اتهام بالعنف من قبل السلطة، الحاصل أن المنطق الصورى هذا هو الذى يحكم حياتنا، فإذا اختلفت مع النظام الحاكم فى شىء فأنت إخوانى أو أنت ضد الجيش، اعتمادا على قضية استقرت فى الوعى، وهى الإخوان ضد السلطة الحاكمة، ومن ثم فمن يعارض السلطة فهو إخوانى، أو أن الجيش حمى الثورة، وفلان ضد السلطة، إذن هو ضد الجيش وهكذا، وطبعا العكس صحيح فإذا قلت رأيك فى الإخوان فأنت «سيسى» أو «عسكرى»، وإذا قلت رأيك فى الإرهاب فأنت شرطة وهكذا.. أتفهم أن يحدث ذلك ممن هم خارج الحكم، فالدولة المركزية منذ 1952 لم تترك الفرصة للشعب أن يصنع هو الرأى العام، وأنا لا ألوم من هم خارج السلطة فى شيوع الاتهام فهم فى وضع صعب، لكن ألوم من فى السلطة ومن يعبرون عنها لأن ذلك يجعلهم يخسرون أرضًا كل يوم، فكون المتظاهرين جميعا «إخوان مسلمين» أدى إلى حبس الكثير جدا من غير الإخوان مما تسبب فى احتقان فى المجتمع مهما بدا من سعادة على وجه الأغلبية.. من فى السلطة عليه أن يعرف أن التعميم فى التعامل فى السياسة لايجوز، أنه لا يجوز فى العلم إلا بعد تجارب كثيرة، فلا يمكن أن تقول عن دواء إنه شاف إلا بعد آلاف التجارب على كائنات حية، وإذا كان ذلك لا يصح فى العلم فكيف يصح فى المعاملات الإنسانية؟ الحقيقة المرة منذ عام 1952 أن الحاكم هو الذى يحدد كل طرق البناء والمستقبل، والنتيجة هى ما وصلنا إليه، فكرة أن الحاكم لا يخطئ وفلان حاكم فهو الأصح، هى التى وراء ما جرى ويجرى فى مصر، وليس عيبا أن يخطئ الحكام، لكن العيب ألا يتصوروا ذلك.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

تعليق مهام 6 من أفراد الخدمة السرية بسبب محاولة اغتيال ترامب

تدهور الأوضاع الإنسانية في الفاشر.. 38% من الأطفال يعانون سوء التغذية الحاد.. انهيار خدمات المياه والصرف الصحي.. مخاوف من تفشى الأوبئة والأمراض.. والهجرة الدولية: نزوح أكثر من مليون شخص من المدينة هربا من القصف

السجن 10 سنوات لمتهم بالتزوير فى محررات رسمية بسوهاج

جوارانى يشترط 700 ألف دولار لبيع أوجستين منصور إلى الأهلى

مصر والصين تؤكدان أهمية تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران


رئيس مجلس الدولة الصينى: الرئيس السيسي صديق عزيز لبكين ويحظى دائماً بترحيب بالغ

الحكومة توضح الممارسات السليمة للوصول لنفايات صفرية بقطاع الملابس والمنسوجات

الداخلية تضبط عصابة المراهنات الإلكترونية بأسيوط

الداخلية تضبط 48 سائقا بتهمة تعاطى المخدرات على الطريق الإقليمي

أحمد السقا ناعيا سامح عبد العزيز: اللهم ارحمه واغفر له


الأدلة الجنائية ترفع الآثار والأدلة من سنترال رمسيس لبيان سبب الحريق

بلقطات حب ورومانسية.. زوج أسماء أبو اليزيد يحتفل بعيد ميلادها

يسرا تنعى المخرج سامح عبد العزيز وتعتذر عن عدم حضور الجنازة لهذا السبب

10 أعوام على رحيل سامى العدل.. حقق حلمه واكتشف العديد من النجوم

الزمالك يربط بقاء دونجا بتخفيض راتبه مع اقتراب نهاية عقده

طلاب الثانوية العامة يودعون امتحانات العام الدراسى 2025.. بدء اختبار الأحياء والرياضيات والإحصاء.. وزارة التعليم تتابع دخول الطلاب اللجان ووصول الأسئلة وتوجه بالتصدى للغش.. وأولياء الأمور يدعمون أبنائهم بالدعاء

منتخب الناشئين يواصل تدريباته استعدادًا لكأس العالم

محمد عواد يرحل بنفس سبب وفاة أحمد عامر.. أزمة قلبية مفاجئة

زوجة تبحث عن بطلان عقد زواجها وتؤكد:" تحايل على بالغش والتدليس لإتمام الزواج"

باريس سان جيرمان يدمر ريال مدريد برباعية ويتأهل لنهائى كأس العالم للأندية

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى