محمد جلال الأزهرى يكتب: نسيان النسيان

ورقة وقلم
ورقة وقلم
الحياةُ ليْسَتْ حالة ثابتة؛ بل يتخلَّلها فتراتٌ منَ الصعود والهبوط، تغرقنا الذّاكرة فى شلاّل من الأحداث، والمواقف تارةً، ونعيش حالة تعتيم تارة أخرى ساعة نفقدها، إنَّ لحياة الإنسان رؤية سينمائية ليست مشهدًا واحدًا وإنَّما مشاهد عدَّة ،وقد اعتدنا جميعًا أنْ يتمركز فى ذاكرتنا أشخاصٌ بصور شبحيةٍ بين بين ؛ أشخاص نذكر مواقف جمعتنا بهم وإنْ كنَّا لا نتذكر من تفاصيلهم الجسدية شيئا كثيرا ! فى بداية دراستى بجامعة الأزهرِ أذكر ذلك الشاب الذى كانَ يكبرنى بسنين، ظلَّ يرسبُ كثيرًا أو تأخر لأسباب أخرى لا أعرفها ؛ ما أعلمه أنَّه كان يكبر طلاب الفرقة الأولى، ودائما ما يسير معى فى جلباب قصير متسخ إلى حد ما، ما يشى بعدم اعتناء بنظافته الظاهرة ! كانَ متصوفًا بالمفهوم المحلى لمصطلح (التصوف) فكان يترك شعر رأسه أشعثا، لحيته كما لو كانت أرضًا من الحشائش لم يسويها محراثٌ، وكان يتبجَّح كثيرًا بملازمته للشيخ الشعراوى حتى أواخر أيام الشيخ؛ تُـرى أينَ هو الآنَ ؟ هل استطاع الصمود بتصوفه المسطّح هذا فى حياة كتلك ؛ وماذا فعلَ لحياته وبحياته، هل قدَّم لمجتمعه ما يستحق، أم ظلَّ نائمًا فى كهفه؟!
بما أنَّ الأزهر جامعة؛ بيئة خصبة، ورياض يانع لشتى الثقافات والحضارات، ومختلف الأيديولوجيات، والاتجاهات ؛ فلقد أتيح لى أنْ ألتقى أشخاصٍ على شاكلة مغايرة، فقد كانَ لذلك الطالب الأندونيسى "روحيانا" أو "أحمد" فى ذاكرتى صورة على قدر كبير من الإنمياز ؛ فصورة شخصه تقترب من تخوم الحلم، وإنْ لامست الواقع على استحياءٍ؛ كان مثالاً لطالب العلم الكلاسيكى، أجاد اللغةَ العربية إلى جانب اللهجة المصرية، مستذكرًا دروسه بجد ونشاطٍ لا يفلهما بأسٌ أو عارِضٌ يعرِض! كانَ "روحيانا" بالنسبة لى نافذة بانورامية أنظر منها إلى ثقافةٍ ومجتمعٍ لم أعهدهما، بل لم أطلع عليهما من قبل؛ إندونيسيا تلك الجزائر مترامية الأطراف، وذلك المجتمع المائى البسيط، كلَّ ذلك انعكس بوضوع على سلوكياته وأضفى طابعًا بسيطًا ينبئ عن معاش بسيط فى هذا البلد النائى الذى يكاد لا يسمع عنه أحدٌ؛ إلاَّ ما عالجته الكتب والدراسات على قِلَّتها ! أذكر كيف كان يغبطنى لأنَّنى من أبناء الفراعنة وسليل أجداد أقاموا الدنيا وشيدوها، آسفًا لما يراه من عادات وسلوكيات سيئة من بعض الطلاب أو فى شوارع القاهرة.. من خلالهِ تعلمت بعض عادات وتقاليد شعب إندونيسيا لتبقى فى ذاكرتى ومضات تخفت وتضيء، تقترب وتبتعد!

ففى النهاية يبقى ما هو نهائى؛ والذّاكرة حين تسترجع ما مرَّت به وآنست له، تبقى آلية الفحص والتمحيص، والحذف أمرًا له مردوده، فلكى نتذكر علينا أنْ ننسى.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

إنبى: حصل تضارب فى تصريحات عبد الناصر والشريعى

الأمم المتحدة: نرفض تهجير الغزيين ومستعدون لإغاثة السكان حال توفر الممرات الآمنة

الشركات الكندية تنوع تجارتها للحد من آثار حرب التعريفات الجمركية الأمريكية

الداخلية تتصدى لمخالفات النقل الثقيل وتجاوز السرعة لمنع حوادث الطرق

إندونيسيا: حملة دبلوماسية في أمريكا لخفض الجمارك على مواردها الطبيعية


انقطاع الكهرباء بمناطق في العاشر من رمضان نتيجة اشتعال النيران بمحطة محولات 66

مدبولى يرد على شائعات حرق الحكومة لسنترال رمسيس لبيعه: لا تعليق وغير منطقى

تأجيل مباريات ليفربول أمام آرسنال ونيوكاسل في الدوري الإنجليزي

إبراهيم سعيد يبكى فى أول ظهور له بعد الخروج من السجن: عايز حقى.. فيديو

الحوثيون: استهدفنا السفينة "إترنيتى" بزورق مسير و6 صواريخ باليستية


إلغاء قرار هبوط ليون الفرنسي لدوري الدرجة الثانية

77 مترشحا يتقدمون بأوراقهم لخوض انتخابات مجلس الشيوخ فى خامس أيام فتح باب التقدم

إنقاذ 5 من طاقم سفينة شحن تعرضت لهجوم فى البحر الأحمر

10 محظورات حددتها الهيئة الوطنية فى دعاية المرشحين بانتخابات مجلس الشيوخ

تعرف على موقف الأهلي من انتقال أحمد عبد القادر للدوري السعودي

روسيا: نتوقع استمرار الحوار مع واشنطن رغم تصريحات ترامب الأخيرة

زيزو يحتفل مع السقا بعرض فيلم "أحمد وأحمد" فى دبى.. صور

البوستر الرسمى لفيلم درويش لـ عمرو يوسف والدول العربية تستقبله 28 أغسطس

"AI" يضع ايلون ماسك في موقف حرج بسبب تعليقات معادية للسامية.. تفاصيل

مجلس الوزراء يقف دقيقة حدادا على شهداء "الدائرى الإقليمى" و"سنترال رمسيس"

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى