عدالة العقاب وشجاعة الاعتراف فى موقعة المركب

محمد الدسوقى رشدى
محمد الدسوقى رشدى
لعنة ما فى تركيبة الوضع السياسى المصرى جعلت كل شىء دائرا حول شخص الرئيس الجالس فى قصر الحكم، هو الذى يصرح ويجتمع وهو الذى يقرر، وهو الذى يشير، وهو الذى لا تتحرك الحكومات إلا بعد أن يوجهها بسرعة الإنجاز، وهو أيضا الذى يناشده الفقير، ويناشده رجال الأعمال ويستغيث به المريض، ويطالبه بالتدخل أهل النخبة من سياسيين وشخصيات عامة.
وافق رؤوساء مصر على ذلك متعاقبين، أحبوا الأمر وعززوه، ولم نرَ مشهدا لأحدهم يتحرك فيه لتدمير تلك الهالة، أو تحطيم طوق المركزية القاتلة، فيما يبدو اتفق الكل من عبدالناصر وحتى السيسى على محبة كل الخيوط المجمعة فى طرف صولجان الحكم.

لم يعد مستهجنا إذن، أن نشكو الرئيس أو نشكو للرئيس إن وقعت الكارثة، وليس تزيدا أو مبالغة إن حملنا الرئيس مسؤولية الأخطاء كما نشكر له الجيد من الفعل والتحركات.. هو الرئيس وهو المسؤول عن كل شىء، وهو تعهد علنا بذلك: «أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصًا على النظام الجمهورى، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه».

لذا لا تتعجب ولا تتأفف، إن سألنا الرئيس عن أرواح 19 مصريا فقدناها فى كارثة إهمال جديدة بغرق مركب الوراق ليلا، ماذا فعل لحمايتهم؟، وماذا فعل لمحاسبة المقصرين فى اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين أرواحهم؟!

كان الحادث مؤلما ويحمل من الدلالات ما هو أكثر إيلاما من فكرة الموت غرقا.. الضحايا 19 مواطنا مصريا «غلبان» منهم سيدات وبعضهم أطفال لم تتجاوز أعمارهم الشهور، خرجوا للبحث عن المتعة والترفيه.. فلم يحصلوا لا على المتعة ولا الترفيه لأن المركب غرق بعد خمسة أمتار فقط من بداية رحلته النيلية.

بعض الجثث عادت ليجفف الأهل دموعهم فى أحضانها التى غير الماء ملامحها، وبعض الجثث مازالت فى بطن النيل بصحبة العرائس التى طالما أهداها الفراعنة لشريان الحياة المصرى، غير أن أهل ضحايا مركب الوراق لا هم فراعنة ولا هم يرغبون فى أن يجعلوا من جثث نسائهم وأطفالهم هدايا للنيل.
الحادث نسخة كربونية من جرائم إهمال كثيرة على الطرق والمستشفيات، والضحايا هنا 19 وفى جرائم أخرى بالعشرات أو ربما مواطن واحد فقط.. ومع كل الفوارق تبقى الأسباب والنتيجة متشابهة إلى حد كبير.. طمع وإهمال من صاحب مستشفى أو سائق سيارة أو ناظر محطة قطارات، أو مهندس حى مسؤول عن تراخيص عمارات، وفى كل الجرائم تشترك أجهزة الدولة بفساد موظفيها فى الجريمة.

فى واقعة المركب وصاحبه والصندل وصاحبه أهلمت أجهزة الدولة مراقبة أمور السلامة والجودة والأمان وتقاعست شرطة المسطحات المائية عن دورها فى عمليات التفتيش الدورى على كل ما يسير على وجه النيل، وبدا الإهمال واضحا فى الخلاف الطافى على السطح بينها الجهات المختلفة التى تلقى كل منها بمسؤولية الرقابة على الأخرى.

الكارثة وقعت، والوجع ملأ القلوب داخل وطن أصبحت أجواء عزائه فى أولاده بسبب الإهمال والإرهاب معتادة لدرجة الملل، والملل ينبت إحباطا، والإحباط يولد غضبا خشية أن يتوقف عقاب المقصرين عند تحميل صاحب الصندل المسؤولية كاملة، دون محاكمة المسؤولين فى الحى أو المحافظة أو المسطحات المائية على تلك المراكب الخربة التى تسير بلا رقابة أو تفتيش، وتلك الصنادل التى تطفو على سطح النهر دون قواعد محددة.

أنا فقط أدعو لمحاسبة المجرمين الحقيقيين، أتحدث عن منظومة تستحق العقاب، وعن ضميرنا الذى يرتاح لمجرد أن فردا واحد تم تحميله الذنب منفردا وذهب إلى السجن أو إلى حبل المشنقة، بينما بقية العصابة مستمرون فى التخريب، فهل ترضى بغير عدالة العقاب ياسيادة الرئيس؟!

Trending Plus

الأكثر قراءة

16 يوليو .. "الاسئناف" تحدد مصير رجل الأعمال المتهم بالنصب على "أفشة"

موعد مباريات نصف نهائي كأس عاصمة مصر

كيران كولكين ينضم لفيلم The Hunger Games: Sunrise On The Reaping

هل يفوز بلقب الأفضل؟.. أرقام محمد صلاح في البريميرليج 2024-2025

روسيا تدعو إلى التحقيق في تقرير الأمم المتحدة حول وضع المدنيين في أوكرانيا


تعرف على تعديل تقسيم المرشحين للدوائر الانتخابية بنظامى الفردى والقائمة

قصة 7 مواسم ألغُيّ فيها الهبوط بالدوري المصري.. أسباب مختلفة والأندية الجماهيرية العامل المشترك

بيراميدز بين إنجازين "التأهل لنهائي أفريقيا وحصد اللقب التاريخي من صنداونز"

وزارة العمل تعلن عن فرص عمل بمرتبات تصل لـ15 ألف جنيه شهريا

موعد مباراة الزمالك وبتروجت في الدورى الممتاز والقنوات الناقلة


هزة أرضية جديدة تضرب جزيرة كريت اليونانية (بؤرة الزلازل)

3 لاعبين يعودن للمشاركة مع أنديتهم بعد غياب أكثر من 300 يوم.. أحمد حمدى أبرزهم

مواعيد مباريات اليوم الجمعة 23 - 5 - 2025 والقنوات الناقلة

البيت الأبيض فخ الرؤساء.. مواقف صعبة لقادة العالم أمام ترامب فى قلب مقر الرئاسة الأمريكى.. مواجهة زيلينسكى مع ترامب ونائبه تحولت إلى مواجهة بالمكتب البيضاوى.. CNN: دونالد نصب كمينًا لرئيس جنوب أفريقيا رامافوزا

5 مدربين تألقوا بشكل ملحوظ في دورى المحترفين .. تعرف عليهم

لو مسافر فى العيد.. اليوم آخر فرصة لحجز تذاكر القطارات

تامر عاشور يحيى حفلا فى مهرجان موازين 24 يونيو المقبل

دمار فى كاليفورنيا.. شاهد النيران تلتهم عشرات السيارات والمنازل جراء تحطم طائرة

حلمي طولان: قوام منتخب مصر في كأس العرب سيعتمد على معايير فنية دقيقة

العراق: مقتل إرهابيين إثنين بقصف لطائرات F16 فى سلسلة جبال بلكانه

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى