يسرا محمد سلامة تكتب: الأقنعة المزيفة

ورقة وقلم
ورقة وقلم
كنت أعتقد أن الكتابة عن شىء أعرفه هو أمر سهل جدًا، ولا يحتاج إلى الكثير من التفكير؛ لأن الألفاظ التعبيرية ستنساب منك كسريان الماء فى الوادى الجاف، إلا أن ما ظننته يسيرًا كان أصعب من أى شىء آخر أعلمه أو أُجيده، عندما قررت الكتابة عن أشخاص أعرفهم، وقتها فقط علمت أنى لم أكن أعرف شيئًا عن الكتابة، أو عن هؤلاء الأشخاص.

لربما ما جعلنى بهذه الحالة، الناس أنفسهم لا عدم استطاعتى الكتابة، فطبيعة الناس غير مفهومة حقًا، نظن أننا نعلم أشخاصًا لسنواتٍ طويلة، لنكتشف فجأةً أننا أمام أغراب لا نُجيد التعامل معاهم وعلينا أن نبذل أقصى ما فى وسعنا لكى نفهم ما يجول فى أذهانهم، وما تُخفيه ضمائرهم، إنها رحلة مرهقة، متعبة، مكلفة، مرهقة ذهنيًا، متعبة جسديًا، ومكلفة صحيًا، فهى تأخذ منك كل شىء تقريبًا، ولا تُعطيك سوى صدمات، صدمة تلو الأخرى .

كيف عرفناهم؟ كيف ارتبطنا بهم؟ كيف توهمنا أنهم معنا قلبًا وقالبًا؟ كيف انسقنا وراء مشاعرنا دون تفكير فى مواقف حدثت، كان من الضرورى الوقوف أمامها كثيرًا لكى نعلم حقيقة ما نواجهه؟ أسئلة كثيرة لا همَّ لها سوى اعتصار ذهنك، دون فائدة؛ لأنك لن تجد الإجابة الشافية الكافية عن ماهية أى شخص عرفته مطلقًا، كل ما فى استطاعتك وقتها أنك ستنفجر غضبًا على نفسك التى ضيعت كل هذا الوقت معهم، على روحك التى تعلقت بهم وهم لا يستحقون هذا التعلق، على عقلك الذى شغلته كثيرًا بأمورهم ولم تُلقِ بالاً أن تُعطيه فرصة واحدة لكى يُفكر فى تصرفاتهم معك، فتدرك فى نهاية الأمر حقيقتهم التى عَميت عليك.

الكتابة عن شخص تعرفه أشبه بالدخول فى حقل ملغوم، فلا أنت قادر على التوغل فيه ولا أنت قادر على الرجوع بظهرك إلى نقطة البداية، فتظل عالقًا فى مكانك غير مستوعب لطبيعة ما يحدث، فاقد القدرة على التعبير عن ما يجول فى خاطرك، تتصارع بداخلك الكثير من الهواجس تجعلك فى حالة استيقاظ مستمرة؛ لأنك لو أغمضت عيناك ولو للحظات سيمر الشريط أمامك كئيبًا، مُريعًا، وستكره معه نفسك مرارًا وتكرارًا وستلومها على غبائها، وتظل تلعن اليوم الذى عرفتهم فيه، وفى نهاية المطاف لن تُعلمك التجربة، نعم ستبتعد عنهم، لكنك لن تستطع الابتعاد عن الناس جميعًا، وستتكرر الأحداث بشكلٍ متوالٍ، كأنها حدثت البارحة فقط، سيناريو غريب – لكن – فليقل لى أيًا شخص أنه لم يحدث معه، فمن الواضح أن تعذيب النفس بتجاهلنا حقيقة أى شخص نحبه هى عادة درجنا عليها، وسنظل نحيا بها، طالما أن الآخرين يرتدون أقنعة روحية وظاهرية مزيفة، وطالما نحن نتعمد أن نعشق ملامحهم بهذه الأقنعة.
Google News تابع آخر أخبار اليوم السابع على Google News

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

محاولات أهلاوية لإعارة محمد ياسر في الدوري المحلي ..اعرف التفاصيل

محمد صلاح يتفوق على يامال وفينيسيوس في سباق أفضل أجنحة العالم

قطار الثانوية العامة يصل محطته الأخيرة.. الطلاب يؤدون غدًا امتحان الأحياء والإحصاء والرياضيات التطبيقية.. و"التعليم" توجه بتدقيق البيانات بورقة الإجابة.. وتطمئن طلبة علمى بتسليمهم مفاهيم اختبار الأحياء باللجان

محاولات لإنهاء أزمة سيف الجزيرى في الزمالك

زوج يلاحق زوجته بدعوى تخفيض نفقات بعد حصولها على حكم سداد متجمد 610 ألف جنيه


سجل سلبي يطارد مبابي أمام باريس سان جيرمان قبل موقعة مونديال الأندية

بعد ملاحقة إبراهيم سعيد للحجز على ممتلكاته.. اعرف المستندات اللازمة للدعوى؟

تنسيق الجامعات 2025.. هل يمكن التقدم لأكثر من اختبار قدرات؟

محمد صلاح يزين قائمة الأكثر موهبة في تاريخ ليفربول

بعد نظر أولى الجلسات.. معلومات عن محاكمة المتهمين بخلية اللجان الإدارية


قبل ما تشغل التكييف.. 9 نصائح تحميك من كارثة حريق مفاجئة

اعترافات المتهم بقتل زميله داخل مطعم فى كرداسة

غدًا.. انتهاء ماراثون امتحانات الثانوية العامة 2025

مواعيد مباريات اليوم الأربعاء 9-7-2025 والقنوات الناقلة

الجبهة الوطنية: القائمة الوطنية تضم كوادر وكفاءات تثرى مجلس الشيوخ القادم

آمنة تحدت الظلام والأمية.. سيدة كفيفة عمرها 55 سنة من سوهاج تحفظ كتاب الله وترتله بأحكامه فى 8 سنوات.. كانت تسير مسافة بعيدة 3 مرات أسبوعيًا لأجل القرآن الكريم.. وتصبح محفظة وتحلم بالعمرة.. صور

صورة قديمة للراحلة رجاء الجداوى فى شبابها تستمع بالمصيف

كيف أنقذت مصر نفسها من كارثة بيولوجية بعد إحباط تهريب 300 كائن حى نادر فى مطار القاهرة؟.. الأنواع المضبوطة شديدة الخطورة وتنشر أمراض وفيروسات وبكتيريا غريبة لا نملك أمصال لها.. وتسبب خسائر فى الثروة الحيوانية

وزير الإتصالات: سنترال رمسيس لم يعد صالحا فى الوقت الحالى حتى تتم أعمال التبريد

قائمة الأجانب تهدد مفاوضات الأهلى لتدعيم الدفاع والهجوم

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى