باب موارب

محمد على يوسف
محمد على يوسف
«طول ما الباب متوارب ممكن ييجى عليك الوقت وتدخل».. كانت هذه المقولة المستندة على رواية عن الإمام أحمد بن حنبل، رحمه الله، من أهم المقولات التى سمعتها فى بداية حياتى، الرواية تقول إن الإمام أحمد رأى بالمسجد رجلا مشهورا بالسرقة وقطع الطرق، رآه الإمام أحمد يصر على التواجد بالمسجد من حين إلى آخر فتعجب لحاله وسأله عن ذلك فقال: يا إمام، بينى وبين الله أبواب كثيرة مغلقة، فأحببت أن أترك بينى وبينه باباً مواربا.. لم تكد تمر أشهر معدودات حتى لقيه الإمام أحمد متعلقا بأستار الكعبة متضرعا نادما تائبا عن خطاياه منيبا إلى مولاه.. قيل إن الرجل حسنت توبته بعد ذلك ولم يعد إلى ما كان عليه حتى مماته، ترك بابا مواربا ففتح الله له به كل الأبواب.

سواء صحت تلك الرواية أو كانت من كلام الوعاظ والقصاصين، فإنها تلخص قاعدة من أهم القواعد التى ينبغى للمؤمن أن يتبعها مع نفسه الأمارة بالسوء، وأن يتبعها المربون والداعون إلى الله فى التعامل مع نفوس الآخرين إذا هم أخطأوا أو قصروا أو حتى أداروا ظهورهم وابتعدوا، الفكرة باختصار هى أن تترك حبلا ممدودا بينك وبين سبيل الاستقامة وطريق الصلاح، وألا تغلق الباب ولا توصده فى وجوه الناس عساهم يوما يدفعونه وتتحول الفتحة اليسيرة أو المواربة إلى انفراجة وفتح وعظيم يعود المرء من خلالها إلى رحاب مولاه. ربما يبدو للبعض أن وجود هذا الباب الموارب وهذا الحبل الممدود للصلاح يعد نوعا من التناقض إذا ما اجتمع مع صنوف العصيان وألوان التقصير الأخرى، وهو فعلا شىء من التناقض لكنه بالمقارنة ببديله = تناقض محمود، البديل هو الانفلات الكامل والفجور المطلق! أى منطق يقول إنه هروبا من وصف متوهم بالنفاق فإن مطلق الفجور والانفلات أفضل.

إن هذا الخلط بين العمل الصالح والعمل السيئ ليس دائما نفاقا، فللعمل الصالح بريقه الذى قد تحجبه طويلا طبقات الران وحواجز الشهوة والعصيان وضجيج الأهواء والشبهات، لكن قد تأتى لحظة يسود مشهد القلب ذلك البريق، هنا ينفتح الباب الموارب ويلج العبد تائبا وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» [سورة التوبة 102] هكذا حدثنا ربنا فى كتابه عن هذا الصنف من الناس.. أولئك الذين يصرون على ترك الباب مواربا ويأبون الانغماس الكامل فى المعاصى والأهواء وإن ضعفوا أمامها أحيانا، قد يكون هذا الباب الموارب صحبة صالحة يحرص عليها العاصى ولا ينبغى للصالح أبدا أن يصده عنها لعله يدخل من خلالها يوما ما.. وقد يكون هذا الباب الموارب طاعة يحرص عليها وإن صغرت فى نظرك لكن لعلها ببركة صدقه تكون سببا فى هدايته، قد تكون صلاة صبح فى جماعة عقب ليالٍ امتلأت بالغفلة والنسيان وربما العصيان، لكن بإذن الله يوما ما ستنهاه تلك الصلاة التى حرص عليها ولم يغلق بابها، وقد تكون صدقة سر وصنيعة معروف يواظب عليها لتقيه مصرع السوء أو بدعاء ذلك المسكين الذى أطعمه أو الفقير الذى أعانه فينال العاصى هداية ورشادا.. المهم أن يبقى الباب مواربا.. وألا تحقرن من المعروف شيئا، فالحسنة ولادة وحسن الظن عبادة، لا تقل لنفسك كيف تطيعين وأنت بين كل هذه المعاصى؟ ولكن قل كيف تعصين وقد شرفك الله بهذه الطاعة؟ ولا تحقرن طاعة يسيرة صدرت من عاص بل شجعه عليها وشاركه فيها لعلها تسود ومن خلالها يعود، لا تحقرن عاصيا ضعُف أمام شهوته، فبينما ينام البعض وابتسامة عجب عريضة ترتسم على وجوههم مستعلين بطاعتهم، قد ينام هو ودمعاته تنساب على وجهه ندما على ما فرط فى جنب الله فتسبق به دمعته التائبة النادمة ويفرح ربه بأوبته الباكية، الخلاصة.. لا تغلق كل الأبواب، ولا توصد كل مزلاج، ولا تقطع كل الحبال، وأدمن الطرق.. وبإذن الله سيفتح لك.

Trending Plus

اليوم السابع Trending

الأكثر قراءة

الهيئة الوطنية للانتخابات توافق على تعديل قوانين انتخابات النواب والشيوخ

انتهاء العقد يقرب الزمالك من التعاقد مع لاعب أنجيه الفرنسى

الأهلى يطمئن على إمام عاشور بعد تعرضه لوعكة صحية مفاجئة

إحالة 12 موظفا بالبريد للمحاكمة بتهمة الاستيلاء على 2.5 مليون من أموال العملاء

أوناش المرور ترفع حطام حادث تصادم 7 سيارات على الطريق الدائرى بالبساتين


الزمالك أمام الترجى التونسى فى نصف نهائى الكؤوس الأفريقية لليد

المعاينة: مصرع شخص وإصابة 15 فى تصادم 7 سيارات بدائرى البساتين.. صور

إصابة 8 أشخاص باختناق فى حريق 4 منازل بالفيوم

بدأ العد التنازلى.. مواعيد مباريات الأهلى فى كأس العالم للأندية 2025

من نجم الملاعب لمتهم فى القفص.. نهاية غير متوقعة لـ"على غزال"


القومية للزلازل: زلزال كريت استمر لأقل من 15 ثانية وسجلنا تابعين حتى الآن

زلزال بقوة 6.24 ريختر على بعد 499 كيلومتر شمال مرسى مطروح

محمد يوسف يبحث موعد تواجد الصفقات الجديدة في تدريبات الأهلي

مقتل اثنين من موظفى السفارة الإسرائيلية في إطلاق نار بواشنطن

رويترز: زلزال بقوة 6.5 درجة يضرب جزيرة كريت اليونانية ويشعر به سكان مصر

زى النهارده.. الأهلى يتسلم جائزة نادى القرن الأفريقى فى جوهانسبرج

زعيم كوريا الشمالية غاضبا بعد فشل تشغيل سفينة حربية: إهمال لا يمكن أن يغتفر

إمام عاشور من داخل أحد المستشفيات: الحمد لله على كل شىء (صورة)

نهائى دوري الأبطال.. موعد مباراة بيراميدز وصن داونز والقناة الناقلة

تعرف على لزمة عصام السقا في فيلم المشروع x

لا يفوتك


المزيد من Trending Plus
Youm7 Applcation Icons
اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع اليوم السابع هواوى